اقتتال السودان يشتعل بدارفور.. وجبهات إقليمية تدعم قوات البرهان وحميدتي

الخميس 18 مايو 2023 02:02 م

أفادت مصادر مطلعة بأن الطرفين المتقاتلين يخوضان معركة شرسة ومعقدة للحصول على دعم محلي وإقليمي في إقليم دارفور، مع احتدام القتال بالمنطقة الغربية من البلاد.

وذكرت المصادر أن الميليشيات شبه العسكرية بقيادة، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، تتلقى دعمًا من قائد القوات المسيطرة على شرقي ليبيا، خليفة حفتر، وقوات المرتزقة الروسية "فاجنر"، وحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، حسبما أورد تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد".

ونقل الموقع البريطاني عن مصدر عسكري مصري أن طيارين المصريين يقودون طائرات تابعة للقوات الجوية السودانية، في إطار دعم البرهان، مشيرا إلى أن العلاقة بين جيشي مصر والسودان طويلة الأمد، فيما ينفي الجيش السوداني استخدام طيارين مصريين لطائراته.

وبينما تتحالف حكومة تشاد مع البرهان أيضا، تستقطب قوات الدعم السريع مقاتلين من جيران السودان، بينما انضم قادة أقوياء من دارفور، بينهم، موسى هلال وميني ميناوي، إلى الجيش دعم السوداني لتشكيل ما أسمته المحللة، خلود خير، بـ "تحالف مناهض لحميتي".

ومن الشخصيات الرئيسية في جبهة دعم البرهان أيضا، وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة، وموطنها دارفور وكردفان.

ولقي ما لا يقل عن 280 شخصًا مصرعهم، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، في أعقاب هجوم شنته ميليشيا مسلحة ترتدي زي قوات الدعم السريع.

وبحسب المصادر فإن إجمالي من لقوا حتفهم في دارفور، جراء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، يقترب من ألف شخص.

ويستمر الاقتتال السوداني رغم توقيع اتفاق جدة ليلة الخميس الماضي، والذي لم يكن وقفًا لإطلاق النار، ما دفع نشطاء لوصفه بأنه "لا معنى له"، لأنه لم يفعل شيئًا لوقف العنف.

وأعلن المجلس النرويجي للاجئين أن ما يقدر بنحو 100 ألف نازح داخل الجنينة ما زالوا محاصرين، فيما أكدت المصادر أن دارفور أصبحت مسرحا لأعنف قتال في الحرب الدائرة بالسودان، بعد الخرطوم.

ودارفور هي موطن قوات الدعم السريع، حيث تمتلك القوات شبه العسكرية معاقلها ومصادر إمدادها ولوجيستياتها وأسلحتها في الإقليم السوداني الغربي.

وتعد المنطقة، التي مزقتها الحرب الأهلية طوال القرن الحادي والعشرين تقريبًا، حيوية من الناحية الاستراتيجية، حيث تشترك في الحدود مع ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وهي قريبة من مصر، الجار الأكبر للسودان.

وترى خلود أن "دارفور ستكون واحدة من أكبر ساحات القتال خارج الخرطوم وهي مهمة لكلا الجانبين"، مشيرة إلى أن القوات المسلحة السودانية يمكن أن تركز القتال في دارفور وتحصره هناك.

وأضافت: "إذا تمكنت (قوات الجيش) من دفع قوات الدعم السريع لمغادرة الخرطوم، وهو أمر ليس سهلاً بأي حال من الأحوال، فأعتقد أن الجيش سيكون سعيدًا؛ لأن هدفه الرئيسي هو الخرطوم".

وتشير المحللة السودانية إلى أن الشخصية الرئيسية في هذه الاستراتيجية هي: موسى هلال، قائد ميليشيا الجنجويد السابق، الذي يعد عدواً لحميتي، والذي يمكنه، مع ميناوي وجبريل إبراهيم، تشكيل تحالف مناهض لقوات الدعم السريع في دارفور، مشيرة إلى أن "حميدتي لا يستطيع الاعتماد بنفس الطريقة على حشده العرقي بين القوات العربية، كما كان يفعل من قبل".

فاجنر وحفتر

وعلى الحدود مع ليبيا، انخرط الجيش السوداني في معركة شرسة ضد قوات الدعم السريع، واستولى على قاعدة عسكرية تسمى "شيفروليه" في الأيام الأولى للصراع.

وتقع القاعدة في المثلث بين السودان وليبيا ومصر في سلسلة جبال العوينات، وهو موقع استراتيجي على طريق الهجرة شمالًا عبر ليبيا إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث تستخدمه قوات الدعم السريع لاستهداف عمليات اللاجئين والاتجار بالبشر.

وقالت مصادر من الفصائل المتمردة في دارفور، ذات الحضور في جنوب ليبيا، إن الجنرال الليبي، خليفة حفتر، دفع قواته نحو السودان، ووعد قوات الدعم السريع بتزويدها بمدافع متطورة مضادة للطائرات، غير أن القوات المسلحة السودانية قصفت قوافل حفتر وأغلقت الحدود مع شيفروليه.

وقالت المصادر نفسها إن حفتر يتلقى دعما من مجموعة فاجنر لإرسال أسلحة إلى قوات الدعم السريع بالقرب من الحدود بين السودان وليبيا.

وقال مصدر عسكري سوداني للموقع البريطاني: "لدينا الحق في الدفاع عن بلادنا من أي تدخل خارجي"، مضيفا: "في ليبيا، هناك بعض الدعم على شكل وقود وأسلحة تأتي من قوات حفتر".

ونفى المتحدث باسم قوات الدعم السريع، مصعب محمد أحمد، ذلك قائلا إن القوات شبه العسكرية لا تحصل على أي دعم خارجي.

وتزعم قوات حميدتي أن القوات الجوية المصرية قصفت قاعدتها في ولاية البحر الأحمر، بينما تنفي القوات المسلحة السودانية هذا الادعاء.

وتشير خلود خير إلى القوات الموالية للسياسي والقائد العسكري الدارفوري، ميناوي، مشيرة إلى أنها كانت تدعم حفتر في ليبيا، لكنها عادت إلى السودان لدعم البرهان وليس حمديتي.

وأعلن ميناوي، رئيس حركة تحرير السودان ، في مارس/آذار الماضي، أنه لن ينزع سلاح مقاتليه، كما كان من المفترض أن يحدث بموجب اتفاق جوبا للسلام، الموقع في عام 2020.

 وبرر ميناوي قراره بما أسماه "حملات التجنيد الجارية" في دارفور من قبل قوات الدعم السريع.

دعم الحدود

وفي السياق، أصبحت الحدود بين السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى أكثر نشاطًا، حيث يرسل جيش أفريقيا الوسطى، المدعوم من فاجنر، أسلحة وذخائر عبر الحدود لدعم قوات الدعم السريع، وفقًا لمصادر المعارضة في الجمهورية الأفريقية.

وتدعم فاجنر كلاً من حفتر وحكومة رئيس أفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، وأرسلت أسلحة وتعزيزات إلى قوات الدعم السريع عبر الحدود.

وبحسب مصدرين من تحالف "الوطنيين من أجل التغيير"، الذي يمثل المتمردين في أفريقيا الوسطى، فإن قوات الدعم السريع وفاجنر اتفقا على أن دخول الدعم الروسي إلى السودان عبر أم دافوق، التي تسيطر عليها قوات حميدتي بالفعل.

وقال المصدران: "قواتنا تقاتل فاجنر وقوات جيش جمهورية إفريقيا الوسطى، لذلك نسعى أيضًا للتنسيق مع الجيش السوداني من أجل وقف الدعم المتبادل، الذي تقدمه حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى وفاجنر والدعم السريع لبعضهم البعض".

وهنا تشير خلود خير إلى أن الوضع في جمهورية أفريقيا الوسطى واضح، وهو أن الحكومة بجانب حميدتي، الذي "تمكن من تجنيد بعض المقاتلين العرب هناك وحصل على بعض الدعم من المناطق الحدودية، التي تراقبها قوات الدعم السريع عن كثب وتغلقها وتفتحها عندما يكون ذلك مناسبًا لها" حسب قولها.

فيما نفى متحدث الدعم السريع تلك المزاعم، مؤكدا أن قوات الدعم السريع "ليس لها علاقات مع فاجنر ولم تتسلم أسلحة من الدول المجاورة، بما في ذلك ليبيا أو جمهورية إفريقيا الوسطى".

وأضاف: "ليس لدينا ما نقاتل به سوى بنادقنا ومركباتنا العسكرية، بالإضافة إلى مقاتلينا. هذه هي الحقيقة وكل ما عدا ذلك شائعات ينشرها عدونا".

تشاد وحميدتي

وفي بداية الاقتتال، أغلقت تشاد حدودها، التي يبلغ طولها 1403 كيلومترات، مع السودان ودعت إلى الهدوء. ومع ذلك، فقد ثبت أن الحدود مليئة بالثغرات، حيث عبرها المقاتلون واندلعت اشتباكات بالقرب منها.

والقوات التشادية، بما في ذلك تلك الحكومية التي شاركت في القوات السودانية التشادية المشتركة على الحدود، تدعم القوات المسلحة السودانية، ما دفع قوات الدعم السريع لجلب المزيد من التعزيزات من البلدان المجاورة.

وأحد أبناء عمومة حميدتي، الذي ترجع أصول عائلته إلى تشاد، جنرال بالجيش التشادي، لكن قائد قوات الدعم السريع يخشى من حكومة محمد إدريس ديبي التشادية، التي لا تريد أن ترى الزعيم السوداني شبه العسكري يوسع نفوذه عبر الحدود ويساعد في إحداث تغيير بالنظام.

وشارك في القتال الدامي في الجنينة، التي تبعد أقل من 30 كيلومترًا عن الحدود السودانية مع تشاد، مقاتلون تشاديون ينتمون إلى ميليشيات عربية، تحمل السلاح ضد الجيش السوداني.

وهنا تشير المصادر إلى أن ميناوي وموسى هلال وقادة حركة العدل والمساواة كلهم أعداء قدامى لحميدتي وقوات الدعم السريع (الجنجويد سابقا)، مشيرة إلى أن الجيش السوداني يتطلع إلى حشد دعم هذه الجماعات المحلية لمواجهة قوات حميدتي في غرب السودان.

وقالت المصادر إن الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ومنها حركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي، توحدت جميعا من أجل الانتشار بشمال دارفور للفصل بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال ميناوي، بصفته واليًا للمنطقة، إنه سيتم نشر قوات لحفظ السلام بالعواصم الخمس الأخرى في المنطقة، بما في ذلك الجنينة والفاشر ونيالا.

وبصفتها موطن حميدتي وقوات الدعم السريع، تعد دارفور مكانًا طبيعيًا تنسحب فيه القوات شبه العسكرية إذا تراجع موقفها العسكري بالخرطوم، كما أنها مصدر للمقاتلين والإمدادات القادمة من ليبيا وتشاد.

لكن خلود خير تؤكد أن قوات الدعم السريع لا تسيطر على دارفور، مضيفة: "ولا أعتقد أنهم يستطيعون ذلك"، وأشارت إلى القبائل العربية في شمال وجنوب كردفان، قائلة: "أعتقد أنها انتشرت بشكل ضئيل في جميع أنحاء البلاد، لكنها ستعود لتجمع نفسها في دارفور لأنها لا تزال قادرة على التجنيد".

وتشير المحللة السودانية إلى أن هذا التطور "يجعل الوضع في دارفور مرجحاً للتصاعد بشدة"، وهو ما أيده مصادر مطلعة في دارفور، مشيرة إلى أن انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم إلى المنطقة الغربية، يعني أن "ديناميكيات الحرب ستتغير وستندفع حركات التمرد الأخرى بالكامل إلى الصراع".

لكن في دارفور لا يمكن أن تكون مخاطر الحرب السودانية أكبر، إذ أن الحرب لم تتوقف أصلا بإقليم السودان الغربي على مدى العقود الماضية.

المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان عبدالفتاح البرهان محمد حمدان دقلو حميدتي دارفور الخرطوم

اشتباكات السودان.. ارتفاع القتلى المدنيين إلى 832 منذ منتصف أبريل

البرهان يطلب من جوتيريش ترشيح بديل للمبعوث الأممي للسودان

تأثير الفراشة.. كيف يهدد الصراع في السودان الاستقرار الإقليمي؟

السودان.. الدعم السريع يعلن السيطرة على حامية لواء بولاية شمال دارفور

اجتماع محتمل بين البرهان وحميدتي لإنهاء الحرب في السودان