استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الجزائر أم الديمقراطية.. وهم المفاضلة!

الجمعة 19 مايو 2023 12:40 م

الجزائر أم الديمقراطية.. وهم المفاضلة

لم يكن التخيير بين الوطن والديمقراطية منطقياً، ولا المفاضلة صحيحة، لا على صعيد بناء الافتراض، ولا على صعيد المعنى السياسي.

سردية سوداء تفرض على الجزائريين الاختيار بين بلادهم والديمقراطية، وتضعهم أمام اختبار المفاضلة بين الجزائر والحرّية!

ليس كثيرا على الجزائريين أبداً، الحصول على الجزائر، والديمقراطية، والحرية معاً، وقد دفعوا في محطات متتالية، كلفة كل ذلك مسبقاً.

ما يهدد أي بلد ويضعه على حافة الأزمات ويولّد أزمات تنهش البلد ويضيّع فرص الإقلاع هو الاستبداد السياسي والانفراد بالحكم وليست الديمقراطية.

تحتاج الجزائر لتركيز الديمقراطية والحريات كحاجة محلية ملحة لاستيعاب تطلعات الشعب، فمجتمع الجزائر يسبق السلطة دائما بخطوة، وهي متأخرة عن تطلعاته بكثير.

* * *

مرة أخرى، يستعيد سياسيون وقادة أحزاب في الجزائر، سردية سوداء تفترض على الجزائريين الاختيار بين بلادهم والديمقراطية، وتضعهم أمام اختبار المفاضلة بين الجزائر والحرّية، كما لو أنه صدى لذلك المذيع المصري الذي نصح قبل أيام شعوب الله في العالم العربي، بأن تحافظ على المستبد وتتمسك به، لئلا تعصف بها الديمقراطية.

لم يكن هذا التخيير منطقياً، ولا المفاضلة صحيحة، لا على صعيد بناء الافتراض، ولا على صعيد المعنى السياسي. لم تكن قط الديمقراطية لتوضع في مقابل الجزائر، لأنها ضرورة مركزية لتطور البلد ومطلب متجدد للجزائريين، ولا يمكن أن توضع الجزائر في مقابل الحرّيات، لأن العنوان التاريخي والأساسي للجزائر والرصيد السياسي الأكبر للبلد في العصر الحديث، كان دائماً وسيبقى، في ثورتها العظيمة ومنجزها الكبير، هو "الحرية".

ما يهدد البلد، أي بلد كان، ويضعه على حافة الأزمات، هو الاستبداد السياسي وليست الديمقراطية، والذي يولّد الأزمات التي تنهش البلد ويضيّع فرص الإقلاع هو الانفراد بالحكم، والذي يستدعي الضغوط الخارجية ويضعف مناعة البلد الداخلية هو الفساد والخيارات الخاطئة وليست الديمقراطية.

كما أن الذي يهدد مستقبل البلد هو التزوير والتلاعب بالإرادات الشعبية تحت عنوان المصلحة الوطنية، والذي يزرع القلق ويدفع الشباب إلى الهجرة هو التضييق على المبادرة والحجر على الرأي، وليست الديمقراطية والحريات.

ومثل هذه السردية في الخطاب السياسي، هي تشجيع للسلطة على الاستمرار في نهج مرتبك يرتد على البلاد بالأزمات من مرحلة إلى مرحلة، وتشجيع سياسي لوضع الجزائر واستبقائها في مسارات غير تشاركية وغير توافقية.

والتاريخ السياسي الحديث للجزائر هو الذي يؤكد ذلك، والأزمات التي مرّت بها البلاد، سياسياً واقتصادياً، قبل انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988، وصولاً إلى الحراك الشعبي في عام 2019، هي التي تثبت أن الجزائر بطبيعة تشكلها وتنوعها ومقدراتها، لا يمكن أن تتطور إلا في إطار ديمقراطي تتمركز فيه الحريات بالمعنى المسؤول.

لكل بلد ظروفه ومعطياته الخاصة وتحدياته الداخلية، لكن الجزائر التي وضعت أدبيات الثورة مشروعها السياسي والاجتماعي والثقافي، لم توجد بعد بالصورة التي يجب، من حيث القوة السياسية والاقتصادية والرفاه الاجتماعي، بسبب غياب الحريات والأساس الديمقراطي، وبسبب الخيارات المنفردة نفسها التي كانت تستند إلى مثل تلك التبريرات السياسية.

تحتاج الجزائر إلى تركيز الديمقراطية والحريات، كحاجة محلية في الأساس وملحة يقتضيها استيعاب تطلعات الجزائريين، لأن المجتمع المتحرك في الجزائر أظهر دائماً أنه يسبق السلطة بخطوة، وأنها متأخرة عن تطلعاته بكثير.

ليس بكثير على الجزائريين أبداً، الحصول على الجزائر، والديمقراطية، والحرية معاً، وقد دفعوا في محطات متتالية، كلفة كل ذلك مسبقاً.

*عثمان لحياني كاتب صحفي جزائري

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الجزائر الثورة الحرية الأزمات الديمقراطية الحراك الجزائري الاستبداد السياسي المصلحة الوطنية التزوير والتلاعب الانفراد بالحكم