ديفيد هيرست: لماذا أخطأ الغرب في فهم انتخابات تركيا؟.. وهذه نصيحتي لأردوغان

الخميس 25 مايو 2023 08:11 ص

لماذا أخطأ الغرب في فهم انتخابات تركيا؟.. حمل الكاتب البريطاني ديفيد هيرست هذا التساؤل ومضى قدما لمحاولة تحليل أبعاد نتائج الجولة الأولى للانتخابات التركية التي أسفرت عن فوز عريض لتحالف الجمهور الذي يتزعمه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بأغلبية مريحة بالبرلمان، ودخول الرئيس رجب طيب أردوغان جولة إعادة مع مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، بعد أن حقق الأول 49.5%.

تحليل هيرست استند على نتيجة الانتخابات التي اعتبرها مثلت مفاجأة مدوية للمعارضة التي كانت متسلحة باستطلاعات الرأي التي سادت في الإعلام الغربي والتي توقعت هزيمة كبيرة لأردوغان من الجولة الأولى، لكن أداء الرئيس التركي أربك جميع خصومه، ودفع كليتشدار أوغلو للخروج في مقطع فيديو وهو يضرب بقبضته على الطاولة، صارخا: "أنا هنا.. لا زلت هنا"، قبل أن يبدأ في خطاب كراهية ضد الطرف الأكثر ضعفا في البلاد؛ اللاجئين.

ويرى هيرست، خلال المقال الذي نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وترجمه "الخليج الجديد"، أن لجوء كليتشدار أوغلو والمعارضة إلى استدعاء النبرة القومية التي تميل إلى التطرف، واستخدام خطابات الإقصاء بدلا من خطابات القلوب تعكس اضطرابا وارتباكا.

التحالف مع "قومي رخيص"

وينتقد هيرست المعارضة وكليتشدار أوغلو، قائلا إنه أدخل قوميًا رخيصًا يحاول شق طريقه إلى السلطة على ظهور اللاجئين (في إشارة إلى أوميت أوزداغ، الذي أعلن قبل ساعات تحالفه مع كليتشدار أوغلو).

ويعتبر الكاتب أن  استدعاء كليتشدار أوغلو للخطاب القومي التركي في حملته مع الحفاظ في الوقت نفسه على تحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي ومحاولة الحصول على المزيد من الأصوات الكردية، يعد أمرا متناقضا، وهو تناقض لن يفلت منه معظم الأكراد.

أما ضرب قبضته على الطاولة، فكانت محاولة من كليتشدار أوغلو لجعل الجمهور يصدقه، بحسب هيرست، الذي أضاف: "لا أحد في تركيا يصدقه عندما يلعب دور الرجل القوي".

وعن قضية اللاجئين، يقول ديفيد هيرست إن كمال كليتشدار أوغلو وحليفه الجديد أوميت أوزداغ وعدا بإعادة اللاجئين بالقوة، وكذلك وعد أردوغان بإعادتهم، ولكن ليس بهذا الأسلوب، حيث يتحرك لتأمين طريقهم ومأواهم، واعدا بأن الأمر سيحدث تدريجيا مع الوقت.

ويردف هيرست: "بمن أثق أكثر في هذه القضية؟ رجل يستخدم الخوف كسلاح في حملة، أم رجل يقول الإعادة القسرية مخالفة للإسلام؟ الجواب هو أنني أثق في الإسلاميين".

لماذا أخطأت الاستطلاعات الغربية؟

ويعود ديفيد هيرست لموضوع مقاله الأساسي قائلا: "لماذا خلص فريق محترم من علماء السياسة ومنظمي استطلاعات الرأي، قبل شهرين فقط، إلى أن 51.5% سيصوتون ضد أردوغان و37.6% سيصوتون لصالحه؟ ولماذا اعتبر منظمو الاستطلاعات أنه "يكاد يكون من المستحيل على أردوغان أن يفوز بالجولة الأولى"؟ وهي الاستطلاعات التي صدقها كليتشدار أوغلو والمعارضة.

يلفت الكاتب، في محاولة الإجابة على هذ التساؤلات إلى نسبة الإقبال الضخمة داخل تركيا على التصويت، حصلت تركيا على ثاني أعلى نسبة إقبال على التصويت في العالم، مع ما يقرب من 90% خلال الجولة الأولى.

ويقول هيرست: "قارن هذا بالانتخابات المهمة في البلدان التي تصف أردوغان بالاستبداد"، مردفا: "الإقبال في تركيا يقزّم نظيره في المملكة المتحدة والولايات المتحدة".

وعلى سبيل المثال، بلغت نسبة الإقبال في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام الماضي، والتي تنافس فيها إيمانويل ماكرون ضد مارين لوبان واعتبرت وجودية بالنسبة لفرنسا، أقل بقليل من 72%، وتم انتخاب ماكرون بنسبة 58.54% من الأصوات.

وتتناقض ثقة تركيا في نظامهم مع الناخبين في الأنظمة الاستبدادية الحقيقية الذين يظهرون عدم ثقة في حكامهم من خلال مقاطعة الانتخابات.

حدث هذا في مصر في عام 2018،  وفقا لهيرست، عندما حصل عبدالفتاح السيسي على 97% من أصوات المشاركين الذين لم يزيدوا عن نسبة 41% فقط، على الرغم من كل جهود الجيش المصري لجذب أكبر عدد ممكن من المصريين إلى مراكز الاقتراع.

حدث الشيء نفسه في تونس، حيث حصل الديكتاتور قيس سعيد على 11% فقط من المشاركة في أي من الجولتين لبرلمانه الزائف، على حد قول الكاتب.

ويقول ديفيد هيرست إن عدم الاعتراف بقوة الديمقراطية في تركيا لأنها تؤدي إلى نتيجة خاطئة، بينما يتم غض الطرف عن الانتخابات الزائفة في مصر وتونس التي قاطعها الناخبون، أصبح شيئًا من اختصاص المفكرين الليبراليين الغربيين، لكن هذا هو أحد الأسباب التي تجعلهم يخطئون في فهم الشرق الأوسط مرارًا وتكرارًا.

محاولة الانقلاب الفاشلة

ويضرب ديفيد هيرست مثالا آخر على قوة الديمقراطية التركية، وهي أنه عندما  انزلقت الدبابات على جسر البوسفور الشهير في إسطنبول في 15 يوليو/تموز 2016 ، دعا أردوغان، الذي كان يقضي عطلة في جنوب تركيا، الجميع إلى الشوارع. ردوا سريعا، وتم إنشاء مقاومة وطنية هائلة.

ويتساءل هيرست: "لماذا؟.. لأن الأتراك من جميع الأطراف لا يريدون انتزاع حقهم في التصويت واختيار من يحكمهم، لذلك حظيت حالة الطوارئ ضد أتباع كولن الذين اتهموا بالمؤامرة، بتأييد سياسي واسع".

ويقول إن أردوغان هو المسؤول عن تكوين الأمة التركية الحديثة، وهو من فعل هذا، بخير الأمر وشره.

والمفارقة هنا، بحسب هيرست، هي أن أردوغان مع دخوله الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات، ربما يكون الآن في موقف سياسي أقوى من أي وقت مضى منذ أن خسر التصويت في أكبر مدن تركيا؛ إسطنبول وأنقرة.

مطالبات لأردوغان

ويطالب ديفيد هيست، الرئيس التركي، في حالة فوزه، بتعيين نواب للرئيس أقوياء وذوي مصداقية في مجالات السياسة الخارجية والاقتصاد.

ويردف: "قد يؤدي هذا إلى حل مشكلتين: سياسة نقدية كارثية تبتلع المليارات من احتياطيات العملة الصعبة والذهب، وصوت السياسة الخارجية الذي يحتاج إلى المصداقية".

لكن هذا لن يمنع وسائل الإعلام الغربية من الزعم بأن تركيا في طريقها إلى الديكتاتورية، لكن وجهة نظرهم أصبحت على نحو متزايد بعيدة عن الواقع، كما يقول الكاتب.

ويضيف هيرست: "الحقيقة هي أن أردوغان هو الزعيم الأكثر نجاحًا واستقلالية في الشرق الأوسط، ولم يعد بإمكان الغرب إرسال الجيوش والزوارق الحربية لتصحيح ذلك".

ويختم بالقول: "إن دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن المعلن للمعارضة التركية لم يكن فقط بلا معنى، بل ربما كان له نتائج عكسية.. وفي يوم من الأيام، قد يتعلم رئيس أمريكي من ذلك، ولن يتكرر في أي وقت قريب".

المصدر | ديفيد هيرست | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ديفيد هيرست رجب طيب أردوغان كمال كليتشدار أوغلو الانتخابات التركية استطلاعات الرأي الغربية

تقدير موقف يرجح فوز أردوغان في الجولة الثانية للانتخابات التركية.. ما الأسباب؟

أردوغان أم كليتشدار أوغلو؟.. الأتراك يحسمون الأحد أشرس انتخابات رئاسية (تقرير مقدمة)