استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حصيلة حوارات مصر: مجازفات خفّيْ حنين؟

الأحد 28 مايو 2023 03:13 ص

حصيلة حوارات مصر: مجازفات خفّيْ حنين؟

غالبية القوى المعارضة المشاركة في الحوار صفّقت لانقلاب السيسي في يوليو 2013.

عادت مهازل مجالس الشعب والتعديلات الدستورية التي تُبقي السيسي في السلطة حتى 2030، أو إلى أبد الآبدين.

ما خوّف المعارضين من أخطاء الإخوان يبدو اليوم ألعوبة أطفال قياسا بما ارتكبته وترتكبه أجهزة السيسي بحقّ عدد كبير من المهللين للانقلاب أنفسهم.

كأنّ أسئلة مصر، فرعونية أو إسلامية أو عربية أو أفريقية، هي هاجس مواطن معذّب تسحقه أرزاء الغلاء والفقر والندرة وسوء الخدمات العامة وانهيار العملة

المفارقة أن جلسات الحوار الوطني تستهدف تمكين القوى السياسية من الحقّ في التعبير، بينما المتحاورون في القاهرة ينكرون على الإخوان أنها تنظيم سياسي.

رفضت المعارضة أيّ توصيف انقلابي للإطاحة بأوّل رئيس منتخَب ديمقراطياً في تاريخ مصر وإعادة الجيش للرئاسة والأمن والسياسة والاقتصاد والفساد والإفساد والاستبداد.

* * *

ما بات اليوم يُصنّف تحت تسمية «الحركة المدنية الديمقراطية»، العامّة والتعميمية والغائمة التي لا تخلو أيضاً من غموض، قد تمثّل/ لا تمثّل المحتوى الفعلي للقوى المعارضة في مصر؛ إلا بمعانٍ نسبية في الحالتين، وليس بالضرورة على أصعدة ملموسة تعكس مقادير كافية من مطالب شعبية سياسية واجتماعية ومعيشية، أو حتى تلك الأغراض ذات الصلة بمفاهيم المواطنة والحريات المدنية والفضاء العام.

هي، إلى هذا، تضمّ 12 حزباً يُحتسب على المعارضة ضمن هذا المعيار أو ذاك، خصوصاً على مستوى مؤشر بارز واضح هو عدم اندراجها في تكوينات النظام المختلفة.

وقرارها بالمشاركة في الحوار، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ نيسان (أبريل) 2022، جاء نتيجة تصويت أجرته الأحزاب المعنية بالإضافة إلى 10 شخصيات عامة، وكانت نتيجته الموافقة بأغلبية 13 مقابل اعتراض 9.

صحيح أنّ نسبة الموافقين ليست عالية، ولكن من الإنصاف القول إنّ الإجراء سلوك داخلي يصحّ أن يوصف بالديمقراطي؛ ثمّ من الإنصاف أيضاً، واستطراداً، منح هذه الأحزاب فضيلة الشكّ في إمكانية الخروج من الحوار بخلاصات من طراز ما، لا تتساوى على أقلّ تقدير مع حصيلة خفّيْ حنين الشهيرة.

شتان مع ذلك، أو بسبب ذلك تحديداً، بين المنطق العام الذي استندت إليه الحركة المدنية الديمقراطية، وبين سلوك السلطة في الكواليس علانية أو حتى من خلال الخطاب الذي يعتمده أمين مجلس أمناء الحوار ضياء رشوان (نقيب الصحافيين الأسبق!)؛ وشتان، أكثر وأخطر، بين فراغ جلسات الحوار من أيّ تنفيذ فعلي لمطالب تمهيدية أولى مثل الإفراج عن سجناء الرأي ورفع القيود عن الحريات العامة، مقابل امتلاء الجلسات بكلام فضفاض سبق أن أطلقت عليه السخرية الشعبية المصرية صفة الـ«كلاملوجيا».

هذه واحدة من سلسلة مجازفات تكتنف الحوار، أو لعلها وضعته أصلاً ضمن أُطُر جوهرية لا يستقيم من دونها أيّ حوار تفاوضي حول سيرورة عريضة قيل إنها يمكن أن تطلق «عملية سياسية تقر الحق في التعددية والتنوع باعتبارها مصدرا للقوة وتأكيدا لحقوق المواطنة والمشاركة».

وهذه، من جانب آخر، مجازفة كفيلة بوضع سلوك المعارضة في الماضي القريب على محكّ المساءلة النقدية العميقة، الواضحة مع ذلك وغير المعقدة أو الشائكة، ضمن المعادلة التالية: غالبية القوى المعارضة المشاركة في الحوار صفّقت لانقلاب السيسي في تموز (يوليو) 2013!

بل ورفضت (بإباء مجاني، لا تُحسد عليه!) أيّ توصيف انقلابي لخطوات الإطاحة بأوّل رئيس منتخَب ديمقراطياً في تاريخ مصر، وإعادة الجيش إلى مؤسسات الرئاسة والأمن والسياسة والاستثمار الاقتصادي والفساد والإفساد والاستبداد ومهازل مجالس الشعب والتعديلات الدستورية التي تُبقي السيسي في السلطة حتى 2030، أو إلى أبد الآبدين.

وكلّ هذا تحت ذريعة وحيدة، أو تكاد، هي الخلاص من جماعة الإخوان المسلمين؛ الأمر الذي يبدو اليوم أحد أقسى مفارقات التاريخ، لأنّ ما خوّف المعارضين من أخطاء الجماعة وحماقاتها يبدو اليوم ألعوبة أطفال بالقياس إلى ما ارتكبته وترتكبه أجهزة السيسي.. بحقّ عدد كبير من أولئك المهللين للانقلاب أنفسهم، أو حتى قبل سواهم.

بمعزل، في وجهة أخرى للحكاية، عن حقيقة أنّ جلسات الحوار الوطني إنما تستهدف أصلاً تمكين القوى السياسية من حيازة الحقّ في التعبير، إلا إذا كان المتحاورون في القاهرة ينكرون على الجماعة أنها بدورها تنظيم سياسي.

يبقى أنّ بعض القضايا الأخرى التي تتناولها الجلسات لا يلوح أنها تتوخى حتى حصيلة خفّيْ حنين، أو هي أقرب إلى تدوير رحى «الكلاملوجيا» تطبيقاً للحال الشهيرة في الجعجعة بلا طحن؛ كما في السجال حول هوية مصر الوطنية، ضمن جلسات لجنة الثقافة والهوية خصوصا.

كأنّ أسئلة مصر، فرعونية أو إسلامية أو عربية أو أفريقية، هي هاجس مواطن معذّب تسحقه أرزاء الغلاء والفقر والندرة وسوء الخدمات العامة وانهيار العملة…

*صبحي حديدي كاتب وباحث سوري مقيم في باريس

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر حوار المعارضة الإخوان كلاملوجيا انقلاب السيسي سجناء الرأي ضياء رشوان خفّيْ حنين الحركة المدنية الديمقراطية