سمية الغنوشي: سعيد أعاد تونس إلى النادي القديم للديكتاتوريات العربية

الثلاثاء 30 مايو 2023 05:16 م

وصف الرئيس التونسي، قيس سعيد، لقاءه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، عشية قمة الجامعة العربية في جدة، في وقت سابق من الشهر الجاري، بـ"التاريخي"، وانتشرت على نطاق واسع لقطات له وهو يقف إلى جانب الأسد ونظيرهما المصري عبدالفتاح السيسي المصري؛ مما يشير إلى عودة تونس إلى "النادي القديم الكبير للديكتاتوريات العربية".

تقول سمية الغنوشي، في مقال لها بصحيفة "الجارديان"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن تونس التي كانت تعتبر ذات يوم آخر أمل ديمقراطي للعالم العربي، قاومت المصائر المظلمة لشقيقاتها مثل مصر أو اليمن أو ليبيا أو سوريا، وبدا أن "الدمقرطة" في طريقها، لكن الآن تواجه مصيرا آخر.

وتشير سمية إلى أن والدها، زعيم حزب النهضة الإسلامي المعتدل والرئيس المنتخب السابق للبرلمان التونسي راشد الغنوشي، اعتقل في أبريل/ نيسان، بينما كانت الأسرة تستعد للإفطار في نهاية شهر رمضان. وقد داهم حوالي 100 ضابط أمن منزلهم، ونُقل إلى ثكنة عسكرية، حيث أمضى قرابة 48 ساعة في انتظار السماح له بمقابلة محاميه، قبل اتهامه بـ "التآمر على أمن الدولة".

وتوضح سمية إن السبب أو الذريعة، هو التعليقات التالية التي أدلى بها، والتي جاء بها: "هناك شلل فكري وعقائدي، وهو في الواقع يرسي الأرضية لحرب أهلية؛ لأن تخيل تونس بدون هذا الجانب أو ذاك، تونس بدون النهضة، تونس بدون إسلام سياسي، بدون يسار، بدون أي من مكوناته، هو مشروع حرب أهلية. إنها جريمة. هذا هو السبب في أن أولئك الذين رحبوا بهذا الانقلاب بالاحتفالات لا يمكن أن يكونوا ديمقراطيين".

وتضيف أن التهمة "السخيفة" الموجهة إليه "تحمل معها إمكانية تنفيذ عقوبة الإعدام".

وتتساءل: "كيف وصلنا إلى هنا؟، في السنوات التي أعقبت الثورة، نجحت تونس في اعتماد دستور تقدمي توافقي وإرساء أسس الحكم المحلي. كانت على وشك استكمال انتقالها الديمقراطي، وعلى استعداد للتركيز على مواجهة تحدياتها الاجتماعية والاقتصادية الهائلة، بعد أن كرست الكثير من طاقتها لإعادة البناء السياسي".

وتتهم الكاتبة سعيد بأنه "استخدم خطاب الثورة ولكن بمجرد أن وطأت قدمه قصر قرطاج الرئاسي، رفع السلم الديمقراطي الذي صعد عليه إلى السلطة. في عام 2021، حاصر البرلمان بالسيارات العسكرية وبدأ في إدارة البلاد من خلال المراسيم الرئاسية، قبل حل المجلس التشريعي في عام 2022. تحرك للإطاحة بالدستور، وكتابة الدستور الخاص به، والذي تم تمريره بعد استفتاء بنسبة إقبال بلغت 30%، له سلطة هائلة على أجساد وأرواح رعاياه".

القضاء والأمن

وبينت أنه "بعد انقلاب الأمر الواقع، وجه سعيد قوته النارية إلى هدفين: القضاة وأجهزة الأمن. قام بحل مجلس القضاء الأعلى المستقل وتعيين مجلسه الخاص وفصل 57 قاضياً بمرسوم رئاسي واحد متهماً إياهم بالفساد".

كما أعاد سعيد إرث الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي القديم في جهاز الأمن، متراجعًا عن الإصلاحات التي أعقبت الثورة بهدف كبح وحشية الشرطة.

هكذا أعد الأرضية للحملة الحالية ضد المعارضين. ولا تشمل الأهداف القادة السياسيين من جميع الاتجاهات فحسب، بل تشمل نشطاء المجتمع المدني والصحفيين والمحامين، وحتى الأشخاص الذين يكتبون ببساطة منشورات تنتقد على "فيسبوك".

ولفتت إلى أن سعيد يطلق على المعارضين كل شيء؛ من "الأعداء" إلى "الخلايا السرطانية"، وتتزايد القائمة يومًا بعد يوم، من "عملاء للقوى الأجنبية" إلى المهاجرين الأفارقة الضعفاء المتهمين بأنهم جزء من مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية للبلاد، مرددًا نظرية "الاستبدال العظيم" اليمينية المتطرفة.

وبرأيها، فقد تحولت تونس "من ديمقراطية هشة إلى بلد يشبه الديكتاتورية الكاملة، إنها مزيج من الإخفاقات، وسلب من الحريات التي حصل عليها بشق الأنفس، ودفع في أزمة اقتصادية عميقة، حيث يقف الناس في طوابير طويلة كل يوم على أمل الحصول على الخبز وبعض السكر والدقيق أو الزيت".

وتؤكد أن كل هذا يتجلى على مرأى من أوروبا، التي تنظر عواصمها الرئيسية في الاتجاه الآخر، محصورة في بيان القلق الغريب، الذي يسخر منه علانية طاغية تونس، الذي يرد: "أنا أيضًا، أشعر بالقلق من قلقك!"، وبينما عرقلت الدبابات البرلمان، ودمرت الديمقراطية الوليدة في البلاد، لم تكن هذه الدول حتى تصف ما كان يحدث بانقلاب، تضيف سمية.

وتختم بالقول: "بما أن والدي، الذي كرس حياته للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية قولًا وفعلًا، يجد نفسه خلف القضبان اليوم، فإن الرسالة الموجهة إلى شعوب المنطقة صاخبة وواضحة: الديمقراطية ليست لهم، ولكل من يفكر بخلاف ذلك فهو مثالي ساذج. لكن إذا كان التغيير بالطرق السلمية غير ممكن، فما هو السبيل للخروج من هذه الهاوية العربية؟".

المصدر | سمية الغنوشي/ الجارديان  - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس الغنوشي قيس سعيد الربيع العربي الديمقراطية

تونس.. قضية جديدة ضد الغنوشي وعكاشة والشاهد بتهمة التآمر على الدولة

في ذكرى ميلاده الـ82.. مطالبات جديدة بالإفراج عن راشد الغنوشي