نزاع السودان يهدد مصالح الصين.. فهل تعدل خططها الاستراتيجية؟

السبت 3 يونيو 2023 03:10 م

قالت الباحثة شيا ري إنه "من المتوقع أن يكون للنزاع المطول في السودان تداعيات كبيرة على المدى المتوسط إلى الطويل على موقع الصين الاستراتيجي العالمي"، ما قد يدفع بكين إلى تعديل خططها الاستراتيجية.

شيا أوضحت، في تقرير بموقع "أوراسيا ريفيو" (eurasireview) ترجمه "الخليج الجديد"، أن تلك التداعيات المحتملة تشمل "شركات الاستثمار الصينية في الطاقة، ومؤشرات على صراع جيوسياسي مع روسيا، وضرورة تكييف التخطيط الاستراتيجي في منطقة البحر الأحمر".

ورأت أنه من "الأهمية بالنسبة للصين إجراء تقييم شامل للوضع في السودان، وتعديل خططها الاستراتيجية ذات الصلة على الفور، والتخفيف بشكل استباقي من المخاطر المتوسطة إلى طويلة الأجل".

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي تشهد الخرطوم ومدن سودانية أخرى قتالا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما خلَّف مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في أحد أفقر دول العالم، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد سنويا 750 دولارا أمريكيا فقط.

استثمارات الطاقة

ويوجد "خطر محتمل يواجه شركات الاستثمار الصينية في مجال الطاقة، فقبل استقلال جنوب السودان (عن السودان عبر استفتاء) في 2011، استثمرت الصين أكثر من 20 مليار دولار في السودان بشكل رئيسي في مشاريع المساعدات النفطية وغير النفطية"، بحسب شيا.

وتابعت: "حاليا، يتم توجيه 65٪ من إجمالي صادرات النفط السودانية إلى الصين، وتشكل الاستثمارات الصينية 75٪ من استثمارات النفط الخارجية في السودان".

وأضافت أنه "من بين الشركات الصينة المشاركة، تبرز مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) مع تسع شركات تابعة لها تعمل في صناعة البترول السودانية (...) وقد نفذت المؤسسة عشرة مشروعات استثمارية في السودان وجنوب السودان، كما تمتلك ست محطات وقود ومستودع نفط".

موسكو وحميدتي

كما ينذر نزاع السودان، وفقا لشيا، بصراع جيوسياسي بين الصين روسيا رغم توافق مصالحهما في مناطق أخرى، إذ "تمتلك مجموعة فاجنر (مرتزقة) العسكرية الروسية الخاصة علاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع، وقالت صحيفة ذا هيل الأمريكية إنه منذ 2017، توفر فاجنر تدريبا لقوات الدعم السريع وتتبادل معها معلومات استخباراتية".

وأردفت شيا: "في المقابل، تم منح فاجنر السيطرة على العديد من مناجم الذهب في (إقليم) دارفور (غرب) و(ولاية) النيل الأزرق (جنوب شرق) ومناطق أخرى من السودان، كما يوجد مجال آخر مهم للتعاون بين روسيا والدعم السريع هو القاعدة العسكرية في (مدينة) بورتسودان (شرق- على البحر الأحمر)، حيث تسهل الدعم السريع بناء قاعدة بحرية لروسيا".

وتأمل موسكو في بناء تلك القاعدة الاستراتيجية، لكن الخرطوم ترهن الموافقة النهائية عليها بوجود مجلس تشريعي ينظر في اتفاقية وقَّعها الطرافان بشأنها وتمثل مصدر قلق كبير للدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.  

وقالت شيا إنه "في  2022، قبل يوم واحد من اندلاع الصراع الروسي الأوكراني (24 فبراير/ شباط 2022)، زار حميدتي روسيا، ما مثل مرحلة جديدة في العلاقة بين الدعم السريع وفاجنر، وبعد اندلاع القتل في السودان، أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية بأن فاجنر زودت الدعم السريع بصواريخ دفاع جوي محمولة للمساعدة في تنفيذ انقلاب وحماية القوة الصلبة الروسية والمصالح الاستراتيجية في أفريقيا".

بكين والبرهان

في المقابل "طورت الصين علاقات أوثق مع الحكومة السودانية، مما أوجد درجة معينة من الصراع الجيوسياسي مع روسيا، فمنذ التسعينيات (من القرن الماضي)، وخاصة مع مبادرة الحزام والطريق (الصينية التنموية)، عندما عزل المجتمع الدولي نظام (الرئيس آنذاك عمر) البشير لدعمه الإرهاب والتطرف (بحسب اتهامات غربية)، استغلت الصين الموقف بسرعة وأقامت علاقات ودية مع حكومة البشير"، وفقا لشيا.

وتابعت: "وحاليا، تحافظ الصين أيضا على علاقة جيدة مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي (الحاكم) قائد الجيش البرهان، وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2022، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ مع البرهان في الرياض".

وأفادت بأنه "بسبب المصالح الاستثمارية الكبيرة في السودان، تميل الصين إلى الانحياز إلى الجانب الحكومي الذي يمثله البرهان".

جبهة صراع جديدة

شيا قالت إنه "وفقا للباحثين الجيوسياسيين الغربيين، فإن المصالح الجيوسياسية الناشئة في البحر الأحمر تشكل جبهة صراع جديدة تشمل مصر وتركيا والسودان وإريتريا. كما ظهرت جهات فاعلة أخرى، مثل الإمارات والسعودية والولايات المتحدة وقطر وإسرائيل وروسيا والصين".

وتابعت أن "الصراع في السودان قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات والاحتكاكات في مجالات مثل الحدود والأمن والموارد المائية، مما يؤدي إلى تأثيرات على البلدان الساحلية للبحر الأحمر، وأمن نقل النفط، والحرب الدولية ضد الإرهاب".

"كما يمكن أن يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط والخليج العربي وخليج عدن والقرن الأفريقي، مما يؤثر على التخطيط الاستراتيجي للصين في منطقة البحر الأحمر، وبالتأكيد يشمل مبادرتها الحزام والطريق"، بحسب شيا.

المصدر | شيا ري/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين السودان حمديتي البرهان صراع تداعيات

السودان.. الدعم السريع تسيطر على المتحف القومي بالخرطوم