أمريكا ومعضلة ما بعد "داعش"
الطاقة والتمويل وسلاسل التوريد والتجارة تقدم رؤية جديدة لمبررات الشراكة تتفوق على الرؤية الامريكية التي باتت قديمة وتقليدية.
الفراغ هاجس أمريكي ومحرك أساس للسياسة الامريكية تجاه غرب آسيا وافريقيا؛ فراغ لا تخشى أمريكا أن يملئه تنظيم داعش بل روسيا والصين!
"التحالف الدولي لمكافحة داعش" لم يعد خيارا أمريكيا لدول أفريقيا وغرب آسيا ولا يمثل منظومة قادرة على محاصرة روسيا والنفوذ الصيني في المنطقة.
النفوذ الاقتصادي الصيني يتوسع في أفريقيا، ما يجعل من غرب آسيا ممراً إجبارياً لكل من روسيا والصين للوصول الى القارة الافريقية والمحيط الهندي.
الفراغ بأفريقيا ملأته روسيا بقاعدة عسكرية روسية في جمهورية افريقيا الوسطى وتوسع نشاطات شركة فاغنر والمستشارين العسكريين الروس بدول أفريقيا.
* * *
هدفنا ليس إجبار الدول على الاختيار، إنما تقديم خيار يكون أكثر إقناعا وفيه مصلحة للبلدان، والتأكد من أن شركاءنا يفهمون جيداً وجهة نظرنا وإحساسنا بالأوضاع على الأرض، وكما ذكرت؛ فإننا لن نترك فراغاً لمنافسينا الاستراتيجيين في هذه المنطقة، كما قال الرئيس بايدن.
هذه إحدى الإجابات التي قدمها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شبه الجزيرة العربية دانيال بنعيم في إيجاز صحفي قدمه عبر الهاتف، بالشراكة مع المبعوث الخاص إلى التحالف الدولي لمكافحة داعش، إيان مكاري، حول سفر الوزير انتوني بلينكن المرتقب إلى المملكة العربية السعودية.
الفراغ هاجس أمريكي ومحرك أساس للسياسة الامريكية تجاه منطقة غرب آسيا وافريقيا؛ فراغ لا تخشى أمريكا أن يملئه تنظيم الدولة (داعش) بل روسيا والصين.
فالمؤتمر وإن كان عنوانه الرئيس تنظيم الدولة (داعش) خصوصا في افريقيا؛ فإن روسيا والصين تمثل محور زيارة الوزير الأمريكي بلينكن ومساعديه.
تمهيد المسؤولين لزيارة الوزير لمدينة جدة؛ جاء ليحدد مسبقا أجندة الوزير، إذ يقول السيد بنعيم: "أعتقد أننا منخرطون في حوار مستمر مع قادة المملكة العربية السعودية حول مجموعة واسعة من القضايا الجيوسياسية ذات الأهمية لكل من بلدينا والعالم والأمن الدولي".
محتوى الإيجاز الصحفي تجد فيه كل شيء إلا "داعش" فهي عنوان بلا مضمون سياسي، وتحالف بلا أفق استراتيجي!
فالفراغ في افريقيا ملأته روسيا عبر اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية روسية في جمهورية افريقيا الوسطى، وتوسع واضح في نشاطات شركة فاغنر والمستشارين العسكريين الروس في مالي وساحل العاج وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر وليبيا، وصولا إلى شمال السودان وجنوبها.
في المقابل؛ فإن النفوذ الاقتصادي الصيني يتوسع في أفريقيا، ما يجعل من غرب آسيا ممراً إجبارياً لكل من روسيا والصين للوصول الى القارة الافريقية والمحيط الهندي.
"التحالف الدولي لمكافحة داعش" لم يعد خيارا تقدمه أمريكا للدول في افريقيا وغرب آسيا، فرغم أنه سيضم عضوا جديدا الى صفوفه في جدة بحسب قول مكاري؛ إلا أنه لا يمثل منظومة قادرة على محاصرة روسيا والنفوذ الصيني في المنطقة.
فالطاقة والتمويل وسلاسل التوريد والتجارة تقدم رؤية جديدة لمبررات الشراكة، تتفوق على الرؤية الامريكية التي باتت قديمة وتقليدية.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي