لماذا طالب نتنياهو وزراءه ونواب الكنيست بعدم الحديث عن عملية الحدود مع مصر؟

الأربعاء 7 يونيو 2023 08:38 ص

سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإصدار قرار بإلزام وزراء حكومته ونواب الكنيست بتجنب الحديث عن العملية التي وقعت على الحدود مع مصر، وأسفرت عن مقتل 4 جنود، خشية تدهور العلاقات مع القاهرة.

وقالت وسائل إعلام عبرية، إن قرار نتنياهو جاءت عقب خروج تصريحات من نواب بالكنيست، تعبر عن غضبها من هذه الحادثة، وتهاجم مصر بصورة كبيرة؛ لدرجة أن بعض هذه الأصوات طالبت بإعادة تقييم العلاقة مع الدولة المصرية، محملة إياها مسؤولية ما جرى.

وفتحت العملية المعقدة التي نفذها الجندي المصري محمد صلاح (22 عاما) على الحدود، السبت الماضي، باب نقاشات داخل أروقة صناع القرار في إسرائيل ووسائل الإعلام العبرية، للتشكيك بنجاح مشروع السلام بين مصر وإسرائيل.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي أريئيل كهانا، في تقرير له بصحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من حزب "الليكود" (الحاكم)، إن عملية السلام بين مصر وإسرائيل التي وقعت منذ أكثر من 4 عقود لم تنجح في مهمة الوصول لقواعد الشعوب.

وأضاف أنه بالرغم من مرور 45 عاماً على توقيع اتفاق كامب ديفيد للسلام بين حكومتي الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجين، إلا أن "السلام لا يزال بارداً".

وأوضح كهانا، أن الدرس المستفاد من عملية الحدود المصرية يتمثل في أنه "رغم التعاون الأمني والسياسي بين القاهرة وتل أبيب، فإن كراهية الشعب المصري لإسرائيل لا تزال كما هي، بل إنها تزداد، بدليل أن هذه العملية ليست الأولى من نوعها بل هي امتداد لعمليات مماثلة شهدتها العقود الأخيرة".

فيما شن الجنرال احتياط بالجيش الإسرائيلي عاموس يادلين، هجوما أكثر حدة تجاه الدولة المصرية، قائلاً: "لدينا علاقات سلام باردة مع مصر، بتقديري أن المصريين لم يتربوا على السلام معنا، لذلك علينا أن نفترض أن نشاطاً مسلحاً بين الحين والآخر سيخرج ضدنا من جهة هذا الحليف"

كما أشار الصحفي اليميني المتشدد يوني بن مناحيم، إلى أن وجود عناصر مسلمة متدينة بأجهزة الأمن في كل من مصر والأردن على الحدود مع إسرائيل من شأنه أن يعرِّض اتفاقات السلام للخطر، وأن على إسرائيل أن تتحرك بشكل عاجل للحد من نفوذ هذه الأفكار في قوات الأمن كما فعلت ذلك مع السلطة الفلسطينية.

وطالب عدد من المحللين الإسرائيليين الحكومة في تل أبيب وقيادة الجيش الإسرائيلي بتغيير قواعد الاشتباك الممنوحة للجنود لمنع تكرار عمليات التسلل وإطلاق النار على حدود مصر وغيرها من الدول.

ودعا هاليل روزين، مراسل القناة "14" العبرية، رئيس الأركان الجيش الإسرائيلي الجرنال هرتسي هاليفي، لاتخاذ خطوات مهمة وعاجلة في الأيام المقبلة، بدءاً من تغيير المفهوم العملياتي في المنطقة الحدودية من خلال تعديل تعليمات إطلاق النار.

وانتقد النائب بالكنيست الإسرائيلي داني دانون تقييد حرية الجيش الإسرائيلي في عمله بالمناطق الحدودية، وقال إنه يجب تغيير تعليمات إطلاق النار؛ لأن الجنود في المناطق الحدودية مكبلون بتعليمات لا يمكن تجاوزها، لذلك علينا إيجاد صيغ قانونية تحمي الجنود وتخفض من تكاليف حوادث مشابهة.

كما انتقد روي كياس، مراسل هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، اكتفاء صحيفة "الوطن" المصرية بخبر في ذيل الصفحة الأولى لمقتل الجنود الإسرائيليين.

وقال على حسابه الشخصي بـ"تويتر": "الحادث الصعب على الحدود المصرية ليس محور اهتمام الصحافة المصرية التي طبعت في اليوم التالي، ففي صحيفة الوطن المصرية، كتب خبر صغير على الغلاف: "قتل رجل أمن مصري وثلاثة إسرائيليين خلال تبادل لإطلاق النار أثناء عملية تهريب".

أما رون بن يشاي، الخبير العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فقد أشار إلى أن تقصيراً من الدولة المصرية أدى لهذا الحادث، فإنها "ترسل ضباطاً وجنوداً عديمي الخبرة لحماية حدودنا"، على حد قوله.

وأضاف: "من غير المعقول أن تكون الرواية المصرية مقنعة، فكيف يبادر رجل أمن بملاحقة مهربي مخدرات وحده دون إسناد من فرقته، ثم يشير الجيش المصري إلى أنه أبلغ نظيره الإسرائيلي بفقدان أحد عناصره بعد ساعات من وقوع العملية".

كما ذهبت بعض الآراء الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي لتنتقد خلو بيان وزارة الدفاع المصرية من إدانة سلوك منفذ العملية، أو على الأقل كانت تطالب بأن يشمل البيان وصف العملية "بالعمل الإرهابي".

عضو الكنيست عن الليكود تالي غوتليب، انتقدت بيان وزارة الدفاع المصرية، وقالت موجهة حديثها لوزير الدفاع: "السيد وزير الدفاع المصري، لا تستهزئ بجمهور إسرائيل وترسل التعازي في القتلى من الجانبين! لا.. الجندي المصري لم يطارد مهربي مخدرات، بل قتل جنودنا واستمر في إطلاق النار على قوات الدعم – الجيش سيستخلص استنتاجاته الخاصة، لكنني لست راضية عن كلامك معالي وزير الدفاع المصري".

أما سفير إسرائيل بالأمم المتحدة عضو لجنة الخارجية والأمن بالكنيست داني دانون، فقال إن بيان مصر حول الحادثة "مخجل ووقح".

وتابع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق اللواء احتياط عاموس يادلين، أن مصر تتحمل كامل المسؤولية، متابعا: "إنها تسيطر على سيناء، وسيادة سيناء بيد مصر – نحن بحاجة إلى التحقيق بشكل متعمق لمنع مثل هذه الحوادث".

وأعادت العملية إخفاقات سلاح البر الإسرائيلي للواجهة، وأضحى مجالاً للتشكيك وتبادل الاتهامات بين قادة المؤسسة العسكرية، وتعدد التحديات التي يواجهها الكيان الصهيوني في ظل تحولات تشهدها البيئة السياسية المحيطة، وذات تداعيات خطيرة على الأمن القومي الإسرائيلي.

وحسب المحللين العسكريين الإسرائيليين، تركزت إخفاقات الجيش الإسرائيلي بمجموعة من النقاط، أبرزها، فشل الرقابة العسكرية المنتشرة على طول الحدود، وإخفاق نظام المراقبة الإلكتروني والاستشعار عن بُعد، ونقص مستوى العمل الاستخباراتي في هذه المنطقة، بالإضافة إلى الفشل العملياتي في إدارة القوات الإسرائيلية في الميدان.

ووصف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هرئيل، في تقرير له، مقتل الجنود بنيران شرطي مصري، بأنه "إخفاق" كبير للجيش الإسرائيلي، يستوجب تحقيقاً عسكرياً معمقاً.

من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إلى أن هذا ثاني تسّلل للحدود الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تسّلل شخص من لبنان لمسافة 70 كيلومتراً تقريباً، في مارس/آذار الماضي، وتمكن من الوصول إلى مفترق "مجدو"، ووضع عبوة ناسفة تسبب انفجارها بإصابة خطيرة لمواطن إسرائيلي.

وقتل جنود إسرائيليون المتسّللَ عند الحدود مع لبنان، لدى عودته إليه.

واعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي أن "المنظومة الدفاعية الإسرائيلية انهارت، وهذا حدث يفترض أن يُذكّر قيادة الجيش الإسرائيلي، وكذلك وزير الدفاع؛ يوآف غالانت، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذين يتحدثون كثيراً عن مهاجمة إيران، بأن يبحثوا قبل ذلك في جهوزية قواتهم البرية".

ولفت يهوشواع إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أفيف كوخافي، "بذل جهوداً كثيرة في تطوير سلاحي الجو والاستخبارات، ويتعّين على رئيس أركان الجيش الحالي هيرتسي هليفي، أن يبذل جهداً من أجل إغلاق الفجوة في سلاح المشاة الضعيف".

وترتبط مصر وإسرائيل بمعاهدة سلام منذ 1979، ولا تزال تل أبيب تحتل أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/حزيران 1967.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب، علاقات معلنة مع إسرائيل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل حدود نتنياهو سلام