منتدى الخليج الدولي: تطبيع السعودية مع إسرائيل لا يمر عبر واشنطن

الأربعاء 7 يونيو 2023 06:41 م

سلط البروفيسور، جريجوري أفتانديليان، الزميل غير المقيم في المركز العربي بواشنطن الضوء على العلاقات السعودية الإسرائيلية واحتمالات تطبيع العلاقات بين الدولتين، وارتباط ذلك بمطالب تشترطها الرياض من واشنطن، مشيرا إلى أن الارتباط بين هذه المطالب والتطبيع كان محل إجمال بمجتمع السياسة الخارجية الأمريكية.

وذكر أفتانديليان، في تحليل نشره موقع "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن هذا الإجماع يعود جزئيًا إلى تسريبات المناقشات التي أجراها دبلوماسيون أمريكيون وقادة مراكز أبحاث مع مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، ويتلخص في معادلة مفادها: إذا وافقت إدارة بايدن على مطالب السعودية فإن المملكة ستوافق على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم".

لكن مثل هذا التفكير يتجاهل الاستقلال الاستراتيجي للحكومة السعودية، ومكانتها كقائدة للعالمين العربي والإسلامي، وترددها في مخالفة رغبات شعبها، الذي لا يزال، في معظمه، متعاطفا بشدة مع محنة الفلسطينيين، حسبما يرى أفتانديليان.

وبدءًا من مارس/آذار 2023، أشارت عدة تقارير صحفية إلى أن السعوديين طرحوا مطالبهم للمضي قدمًا في العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وهي أن تدعم واشنطن برنامجًا نوويًا مدنيًا سعوديًا يتضمن تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، وزيادة مبيعات الأسلحة إلى المملكة، والالتزام الصارم بالدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والسعودية على غرار المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويرى أفتانديليان أن جدية الاقتراح السعودي مفتوحة للتأويل، فمن خلال جماعات الضغط بواشنطن، يعرف القادة السعوديون بوضوح أن موافقة الكونجرس على مطالبهم في المناخ السياسي الحالي محل شك، مشيرا إلى أن المطالب السعودية كانت إشارة إلى واشنطن بأن المملكة لديها شركاء محتملون آخرون،  وإذا ظلت العلاقات مع الولايات المتحدة باردة، فقد تلجأ الرياض إلى الصين، التي سعت إلى شق طريق دبلوماسي بالخليج في الأشهر الأخيرة.

وجاءت أخبار الاقتراح السعودي قبل ساعات فقط من الإعلان عن موافقة المملكة وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، في صفقة توسطت فيها بكين.

ولذا يرى أفتانديليان أن الكراهية المشتركة بين إسرائيل والسعودية تجاه إيران، والتي لطالما كانت دافعًا للتعاون السري بين البلدين، يمكن أن تنخفض أهميتها إذا أدى اتفاق التطبيع، الذي توسطت فيه الصين، إلى ذوبان الجليد على نطاق أوسع بين الرياض وطهران.

التزامات الرياض

وبعد أن أقامت العديد من الدول العربية، مثل البحرين والإمارات، علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، كانت هناك تكهنات واسعة النطاق بأن الرياض ستكون التالية.

وبعد الإعلان عن الاتفاقات، اتخذت السعودية في البداية خطوات حذرة في هذا الاتجاه، وفي يوليو/تموز 2022، فتحت مجالها الجوي للطائرات المدنية، واستمرت في استضافة مسؤولين أمنيين إسرائيليين بشكل خاص لإجراء مناقشات حول المخاوف الجيوسياسية المشتركة، بما في ذلك التهديدات الإيرانية.

وإضافة لذلك، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، علانية عن رغبته في أن تقيم السعودية علاقات دبلوماسية مع "الدولة اليهودية" منذ استعادة منصبه.

لكن هذه التكهنات تجاهلت بشكل عام دور السعودية كقائدة لكل من العالمين العربي والإسلامي، حسبما يرى أفتانديليان، فعلى الرغم من أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كبح جماح المؤسسة الدينية الوهابية، وخفف القيود الاجتماعية في المملكة، وألغى الشرطة الدينية المكروهة على نطاق واسع، فإن هذه الإجراءات لا تعني أنه يمكنه ببساطة تجاهل الجوانب الدينية الكامنة وراء رفض التطبيع مع إسرائيل. فالقيام بذلك من شأنه أن يعرض مكانة الرياض، كزعيم للعالم الإسلامي، للخطر، والأهم من ذلك، أنه يقوض مكانة بن سلمان بين أبناء شعبه، بحسب أفتانديليان.

وبالتالي، اتخذت السعودية خطوات لتنأى بنفسها عن إسرائيل عندما أدركت أن ذلك في مصلحتها، ففي أوائل يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد أيام قليلة فقط من تولي حكومة نتنياهو الأخيرة السلطة، انضمت المملكة إلى الدول العربية الأخرى في إدانة وزير الأمن القومي الإسرائيلي، اليميني المتطرف، إيتامار بن غفير، بعد أن سار هو وعشرات من ضباط الأمن الذين يرتدون الزي الرسمي في المسجد الأقصى، ما وصفه كثير من المراقبين بأنه استفزاز متعمد للمجتمع الفلسطيني.

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، حذرت السعودية، ردًا على غارة إسرائيلية على مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة قتل فيها 9 فلسطينيين، من أن الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين يظهر بوادر "تصعيد خطير"، واستمرت إدانتها للعنف الإسرائيلي اللاحق ضد الفلسطينيين طوال فصل الربيع.

وفي مايو/أيار الماضي، انضمت الحكومة السعودية إلى الدول العربية الأخرى في إدانة مسيرة بن غفير الثانية إلى المسجد الأقصى، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية و "استفزاز لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، وحملت الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة" عن مثل هذه الانتهاكات.

عقبات التطبيع

وفي هذا السياق، يعترض المسؤولون السعوديون على الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم، ويصرون على أن العلاقات مع إسرائيل تستند إلى ضمان حقوق الفلسطينيين.

وفي قمة جامعة الدول العربية لعام 2023 في جدة، أخذ القادة السعوديون زمام المبادرة في الترويج لـ "مبادرة السلام العربية" لعام 2002، التي يستند فيها التطبيع العربي مع إسرائيل إلى انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها منذ حرب 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي مثل هذا الأجواء، يبدو انضمام السعودية إلى اتفاقيات إبراهيم غير مرجح في المستقبل القريب، حسب تقدير أفتانديليان، مشيرا إلى ضرورة ملاحظة أن تحفظ الرياض "لا علاقة له بواشنطن، وليس من الواضح ما يمكن لواشنطن فعله بشكل واقعي للجمع بين الجانبين".

فحتى لو وافقت واشنطن على مطالب الرياض، التي تحدثت عنها تقارير الصحافة العالمية، يمكن لبن سلمان أو قادة سعوديين آخرين تبرير استمرار رفض التطبيع على أساس أن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل جعلت القيام بذلك مستحيلًا، وهي حجة لن يكون لدى قادة الولايات المتحدة إجابة لها.

المصدر | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إسرائيل التطبيع واشنطن الولايات المتحدة

السعودية: التطبيع مع إسرائيل يصب بمصلحة المنطقة.. ولكن

تقدير إسرائيلي: سد طريق الأسلحة النووية أهم من التطبيع مع السعودية

ن. تايمز عن مسؤولين أمريكيين: صفقة محتملة لتطبيع السعودية وإسرائيل نهاية 2023

أكسيوس: تخصيب اليورانيوم شرط السعودية للتطبيع مع إسرائيل