عملية محمد صلاح ومتلازمة معبر العوجا

عملية محمد صلاح خلقت فجوة في الأمن الاسرائيلي لا تعالجها الرواية الرسمية المصرية حول استشهاده وهو يطارد مهربين بل زادتها غموضا واضطرابا.

عملية العوجا تحولت لمتلازمة مرضية دفعت المجندين إلى رفض المناوبة العسكرية التي تمتد 12 ساعة في ايام العطل؛ بحجة غياب الجدوى من المناوبة.

حادثة معبر العوجا تجاوزت بمشاة الاحتلال النقطة الحرجة التي كانوا يبحثون فيها عن مهام مكتبية خلف الشاشات والجدران العالية التي تراقبها الكاميرات.

الذكاء الاصطناعي مع الرفض الشعبي العربي للاحتلال بات مقتل سلاح المشاة لن تنقذه تطمينات القادة السياسيين والعسكريين فسلاح المشاة مهدد بالتحلل والتفكك النفسي.

الحادثة غدت متلازمة مرضية من الرعب وانعدام ثقة لدى إسرائيل سياسيا وأمنيا يصعب الشفاء منها بمزيد من التفاهمات مع دول الجوار أو التكنولوجيا، فسلاح مشاة الإسرائيلي تحلل نفسيا.

* * *

لا زال صدى استشهاد الشرطي المصري محمد صلاح يتردد ويتفاعل في اروقة المؤسسة الامنية الاسرائيلية المتشككة بجاهزية قواتها، خصوصا المشاة وبفاعلية اتفاقاتها مع دول الاقليم والجوار، كما لا زال صداها يتردد ويتفاعل في الآن ذاته في الشارع المصري والعربي باعتبار صلاح فخراً للعرب في تأكيد للرفض الشعبي للاحتلال برغم الاتفاقات والتفاهمات المبرمة معه.

رفض جنود كتيبة (Bardelas) المختلطة في جيش الاحتلال الذهاب في وردية عملهم القياسية في أعقاب مقتل 3 من جنود الاحتلال برصاص الشرطي المصري الشهيد محمد صلاح أحد أوجه التفاعل السلبي على الجانب الاسرائيلي مع هذه الحقائق؛ إذ فقد ثقته بقادته السياسيين والعسكريين بعد أن فقد الثقة بوعودهم وإجراءاتهم واتفاقاتهم وتفاهماتهم مع دول الإقليم وحكوماتها.

عملية العوجا تحولت الى متلازمة مرضية دفعت المجندين إلى رفض المناوبة العسكرية التي تمتد 12 ساعة في ايام العطل؛ بحجة غياب الجدوى من المناوبة على الحدود المصرية الممتدة من قطاع غزة الى مدينة ام الرشراش (إيلات)، علماً أنها منطقة عمليات نشطة لمكافحة التهريب والهجرة خلافا لتصريحات المجندين الباحثين عن مناوبات خلف الشاشات وغرف المراقبة المكيفة.

فالمنطقة الحدودية الممتدة على مسافة (240 كم) شهدت حوادث امنية عكستها الجاهزية العالية لقوات الاحتلال التي تعمل على حراسة جدار مكون من حاجزين من الاسلاك الشائكة والكاميرات والأجهزة الحساسة والمسيرات، معززة بتفاهمات سمح فيها لمصر بتكثيف حضورها الأمني في العام 2018 على الجانب الآخر من الجدار في محاولة لضبط الحدود والحركة النشطة على جانبيه من قبل المهربين خلافاً لاتفاقية كامب ديفيد.

متلازمةٌ مرضية عَمَدَ قادة جيش الاحتلال إلى علاجها بتقديم مزيد من الوعود، والبحث عن تفاهمات وتطمينات تقدم للجنود وأسرهم؛ إذ زار القاهرة مساء اليوم الاحد قائد الاحتلال للمنطقة الجنوبية الميجر جنرال اليعيزر تولدانو ورئيس لواء العلاقات الدولية العميد أفي ديفرين ورئيس لواء التفعيل في هيئة الاستخبارات العميد ج، حيث واصلوا التحقيق المشترك مع مسؤولين في الجيش المصري لحادث تسلل الشرطي في الثالث من حزيران، بحسب مصدر في جش الاحتلال.

تعزيز الاحتلال لقواته على الحدود والتفاهمات مع مصر لن تسد ثغرة الثقة التي عمقها محمد صلاح فيما يشبه متلازمة اختصت بها الحدود المصرية دون غيرها؛ إذ لم يعد المجندون الصهاينة قادرين على تحديد طبيعة المهمة والأهداف والمخاطر التي ستواجههم على الحدود المصرية.

فحادثة معبر العوجا تجاوزت بمشاة الاحتلال النقطة الحرجة التي كانوا يبحثون فيها عن مهام مكتبية خلف الشاشات والجدران العالية التي تراقبها الكاميرات؛ فالذكاء الاصطناعي مقروناً بالرفض الشعبي العربي للاحتلال تحول الى مقتل لسلاح المشاة الاسرائيلي لن تنقذه التطمينات ووعود القادة السياسيين والعسكريين فسلاح المشاة مهدد بالتحلل والتفكك النفسي ما دون المادي.

تعامل الاحتلال مع الحادثة باعتبارها عملية أمنية بخلفيات قومية نفذها الشرطي المصري في جهاز الامن المركزي محمد صلاح بتخطيط وإعداد مسبق أفقد المؤسسة الامنية الاسرائيلية والمجندين الصهاينة الثقة بفاعلية إجراءاتهم، وبجدوى التعاون مع الجانب المصري، سواء في شقه الرسمي او الشعبي، لتبلغ رحلة البحث عن حلول الى طريق مسدود لن تسعفه التكنولوجيا او الاتفاقات والتفاهمات فجهود الساسة والقادة الامنيين في الكيان المحتل تغذي مخاوف المجندين ولا تعالجها.

ختامًا..

العملية التي نفذها المجند محمد صلاح خلقت فجوة مظلمة في جدار الامن الاسرائيلي لم تعالجها الرواية الرسمية المصرية للحادثة التي أكدت استشهاد محمد صلاح خلال مطاردته لمهربين بل زادتها غموضا واضطرابا؛ فالحادثة تحولت الى متلازمة رعب وانعدام ثقة لدى الجانب الاسرائيلي بشقية السياسي والامني يصعب علاجها او الشفاء منها بمجرد عقد مزيد من التفاهمات مع دول الجوار او باستخدام مزيد من التكنولوجيا، فسلاح المشاة الاسرائيلي بات من العناصر المتحللة نفسيا على الارجح.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي