إيكونوميست: المصريون ساخطون على السيسي ويخشون سيناريو الخديو إسماعيل

الجمعة 16 يونيو 2023 07:59 ص

سلطت مجلة "الإيكونوميست" الضوء على تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر خلال السنوات الماضية، مشيرة إلى أن المصريين في حالة سخط على الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويخشون من مصير بلادهم مماثل لسيناريو تاريخي جرى في عهد الخديو إسماعيل.

وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن السيسي وعد كثيرا، وبنى عاصمة إدارية جديدة، وملأ "مملكته" بالسكك الحديدية والجسور، لكنه فعل ذلك بإغراق بلاده في الديون، في سيناريو شبيه بالخديو إسماعيل، الذي أدى سعيه للتحديث إلى إفلاس مصر، وفقدان مصر لسيادتها تماما على خلفية بيعها أصولها لتسديد الديون المتراكمة، وتأجيرها لقناة السويس 99 عاما.

وأضافت أن كل ما تبقى من القصر الكبير للخديو إسماعيل، الذي ولد عام 1830، في المدينة القديمة بالقاهرة، هي أكوام من الأنقاض تخفي الكلاب الضالة والشباب الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن، مشيرة إلى أن المصريين اليوم يخشون من إعادة إحياء الحكاية المحزنة لديكتاتور بنفس القدر من جنون العظمة.

فالسيسي، المشير الذي تولى الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر (محمد مرسي) قبل 10 سنوات، قال إنه سيؤسس "جمهورية جديدة"، وشق قناة موازية لقناة السويس، بالإضافة إلى 20 مدينة جديدة، وسكك حديدية بتكلفة 23 مليار دولار، ومئات الجسور وعاصمة جديدة لامعة على مشارف القاهرة بتكلفة 58 مليار دولار، لكنه قاد الاقتصاد، مع ذلك، إلى الأرض، بعدما أصبحت خدمة الديون تستهلك أكثر من نصف الميزانية.

عبء الديون

"لا يمكننا أن نأكل الجسور"، هذا ما قاله مدير بنك متقاعد تنزلق عائلته إلى ما تحت خط الفقر، مثل العديد من أفراد الطبقة الوسطى بالبلاد.

فالدين الخارجي لمصر تضاعف كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وأدى تضاؤل الثقة في الأعمال إلى هروب رأس المال الأجنبي عن البلاد، وسحب المستثمرون الأجانب 20 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.

 وفي عهد السيسي، فقد الجنيه المصري خمسة أسداس قيمته مقابل الدولار، وانخفض إلى النصف في العام الماضي. وفي بلد يستورد العديد من الضروريات، يرتفع التضخم، وتزداد صعوبة الحصول على العملات الأجنبية، لدرجة أن مصر اضطرت الشهر الماضي إلى تأجيل دفع ثمن القمح.

كما أن تسديد الديون الكبيرة معلق، ما يقلص حصة الميزانية المخصصة للتعليم والصحة، وفي دولة أكثر من نصف سكانها فقراء يطلب رجال الشرطة رشاوى من المواطنين، ويميل القضاة إلى طاعة الحاكم.

وبينما تعرض اللوحات الإعلانية منازل سعيدة في مدن السيسي الجديدة البراقة، أصبح المصريون أكثر سخطا، إذ لا يمكن للسيسي أن يسجن جميع الناس طوال الوقت، ويُعتقد أن 60 ألف شخص على الأقل يقبعون وراء القضبان لأسباب سياسية.

بدأت حملة السيسي لولاية رئاسية ثالثة في المحافظات، لكن انعدام شعبيته واضح في كل مكان، وهو ما نقلته "الإيكونوميست" على لسان أب قاهري لخمسة أطفال، قال: "إنه يتحكم في كل شيء، فلماذا لا يمكنه التحكم في الأسعار؟".

بدائل المصريين

وذكرت المجلة البريطانية أن بعض المصريين يقولون إنه إذا سُمح لجمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بالترشح ضده، فسيخسر السيسي.

ويروج آخرون بهدوء لفضائل القيادي الإسلامي المعتقل حازم أبوإسماعيل، فيما يقترح مشجعو كرة القدم اسم محمد صلاح، النجم النظيف الذي يلعب مع ليفربول.

وحتى أحمد فؤاد، نجل آخر ملوك مصر (فاروق)، البالغ من العمر 71 عامًا، يذكره بعض المصريين أحيانا رغم أنه مقيم في سويسرا ويتحدث اللغة العربية بالكاد.

وتشير المجلة البريطانية إلى أن رغبات بعض الإسلاميين في الانتقام لاتزال كامنة، ونقلت عن مدير البنك الذي يعاني اقتصاديا قوله: "هذا الرئيس (السيسي) قتل رئيسنا"، في إشارة إلى محمد مرسي، الرئيس الإسلامي المخلوع، الذي توفي في السجن عام 2019.

وإزاء ذلك، قامت مجموعة ليبرالية بصياغة بيان، "آخر الجنرالات"، مقترحة العودة إلى الحكم المدني، لكن معظم المصريين قلقون من الفوضى التي أعقبت انتفاضتي 2011 و2013.

في غضون ذلك، بدأ صبر المستثمرين المحتملين والمانحين وصندوق النقد الدولي بالنفاد، ففي العام الماضي، حصل الصندوق على تأكيد حكومي بأن 32 شركة مملوكة للجيش سيتم خصخصتها قريبًا، لكن ذلك لم يحدث بعد.

ولطالما بحثت مصر عن إنقاذ اقتصادي من دول الخليج العربية، التي قدمت للسيسي قروضًا ميسرة ومنحًا ووقودًا رخيصًا بنحو 100 مليار دولار منذ توليه السلطة، لكن في الآونة الأخيرة، يأس شيوخ العائلات الحاكمة في الخليج من نظام حكم الرئيس المصري، ولم يرسلوا سوى القليل من المساعدات في السنوات القليلة الماضية، حسبما نقلت المجلة البريطانية عن دبلوماسي غربي.

وبدلاً من عمليات الإنقاذ، تتحدث دول الخليج اليوم عن عمليات "استحواذ"، بحسب "الإيكونوميست"، مشيرة إلى أن "قصر الجزيرة الساحر للخديو إسماعيل في القاهرة قد يطرح في الأسواق (..) ربما مقابل تريليون دولار أو نحو ذلك، وقد تضطر مصر حتى إلى تأجير قناة السويس مجددا لمدة 99 عامًا".

المصدر | الإيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الخديوي إسماعيل قناة السويس حازم صلاح أبو إسماعيل محمد مرسي

أزمة اقتصادية طاحنة.. نظام السيسي يخلف وعوده و32 مليون مصري على حافة الفقر

كاتب أمريكي في فورين بوليسي يستعرض ملامح أزمة مصر.. ماذا قال عن السيسي؟

إيكونوميست: لماذا يجب على العالم إنقاذ مصر من أزمتها؟