استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القوى الإقليمية الجديدة والمقاربات المتجاوزة

السبت 17 يونيو 2023 02:55 ص

القوى الإقليمية الجديدة والمقاربات المتجاوزة

مسألة التعايش السلمي تنطبق أولا على الخريطة الجديدة التي يفرضها عالم متعدد الأقطاب ومفهوم تعدد الأقطاب نفسه ينتمي إلى المقاربات المتجاوزة.

طالما لم يقع إدخال تعدد الأقطاب في برمجية التعاملات بين الأمم، ستظل العلاقات الدولية محكومة بآليات متجاوزة ستسقط ذات يوم حتما بالتقادم.

لا يمكن لقيادي تركي أن يُغيّب الإمبراطورية العثمانية – فهي من صميم الذاكرة الجماعية، ولا يمكن لقيادي تركي أن يغيب المزاوجة بين الأصالة والحداثة.

ولأن القطبية المتعددة تشمل أكثر من دولة غير روسيا والصين وتركيا وإيران، كالهند ودول بريكس، من الواضح أننا بتنا في وارد مواجهة عالم متشرذم الأقطاب.

لم يعد ممكنا تجاوز وزن كتلة الدول الإقليمية الناشئة، وإلا ستزداد شرذمة الأقطاب ومعها ضرورة إعادة صياغة المقاربات لدمج مطالب القوى الصاعدة، تجارية أم نفوذ.

عندما يأتي التفاوض لوضع حد لصراع أوكرانيا لن يقدر المجتمع الدولي على دخول جولات جديدة من المحادثات دون أن تكون جديدة فعلا أي الأخذ بالاعتبار معطيات تفرضها القوى الإقليمية الصاعدة.

* * *

يصعب على القيادة التقليدية للمجتمع الدولي، أن تقر بصريح العبارة المنعرج الجديد الذي دخلته العلاقات الدولية، أي بعبارة أخرى، المنعرج الجديد الذي دخله عالمنا.

فالعبارة الأخرى التي تفرض نفسها فوق هذه وتلك: تعدد الأقطاب. وطالما لم يقع إدخالها في برمجية التعاملات بين الأمم، ستظل العلاقات الدولية محكومة بآليات متجاوزة ستسقط ذات يوم حتما بالتقادم.

في قلب تحديات المعادلة الجديدة: تركيا وإيران، إيران وتركيا – اتعمد هنا ذكر القوتين المعنيتين على سبيل الندية بلا مفاضلة لأن من المعروف أنهما تطمحان إلى مرتبة القوة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بحاضنة روسية – صينية مشتركة.

من هنا، عندما سيأتي يوم التفاوض لوضع حد للصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، وسيأتي حتما – لن يقدر المجتمع الدولي على الدخول في جولات جديدة من المحادثات من دون أن تكون جديدة فعلا، أي الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة التي تفرضها هذه القوى الإقليمية الصاعدة.

صار هذا ديدن إيران التي فرضت نفسها بـ«دبلوماسية الطائرات المسيرة» وأيضا باحتجاز معتقلين كعامل ضغط على المجتمع الدولي الذي ترى إيران فيه دورا قياديا في إيجاد صيغة لاتفاقية فيينا قابلة للتعايش السلمي.

أما شأن تركيا بخصوصياتها الحضارية، الاقتصادية والجغرافية، فقد جعل المجتمع الدولي يقرأ في سلوكها ضربا من الإبهام، في ما تفعل المسافة التاريخية فعلها لتقديم قراءة أكثر عمقا، وبالتالي أكثر منطقا: لا يمكن لقيادي تركي أن يغيب الإمبراطورية العثمانية – فهي من صميم الذاكرة الجماعية، ولا يمكن لقيادي تركي أن يغيب المزاوجة بين الأصالة والحداثة.

وهذا يعني النسج على منوال الليبرالية، ولا يمكن أن يغيب عن ذهن قيادي تركي، ولا عن ذهن المجتمع الدولي موقع تركيا الجغرافي الاستثنائي، الذي طرح على المحك لسنوات ملف دخول تركيا الاتحاد الأوروبي، والذي أرسى دعائم انتماء تركيا إلى حلف شمال الأطلسي.

من هنا، لا مفر للمجتمع الدولي من التعامل مع الطرف التركي بالتعويل أيضا على الأوراق التي يمكنه أن يقدمها في تعزيز الاستراتيجية الأمنية على الحدود الأوروبية، خاصة في وقت لا يزال موضوع الهجرة مطروحا في قلب المقاربات المستقبلية.

مقاربات، هنا أيضا كلمة لا بد منها، فغالب المراقبين مستمرون في تناول الملفات الإقليمية على منوال الموقف الأمريكي والأوروبي نسبيا. لكن في سياق لم يعد فيه ممكنا تجاوز وزن كتلة الدول الناشئة، ستزداد شرذمة الأقطاب، ومعها ضرورة إعادة صياغة المقاربات بطريقة تدمج مطالب القوى الصاعدة، أكانت تجارية أم – وهنا نحتاج إلى نحت لفظي آخر – نفوذية.

نفوذ.. يتحتم على هذه الكلمة أن تجاور كلمة «مقاربة»، لأن النفوذ أكان ناعما، أم خشنا معطى لا مفر منه، وبالدرجة الأولى عند دخولنا عالم تعدد الأقطاب، فليس من مصلحة دول المجتمع الدولي الرائدة تقليديا أن تصطف على مصالح الدول الطامحة إلى مرتبة القوة الإقليمية، كما ليس من مصلحة الدول الطامحة إلى مرتبة القوة الإقليمية أن تصطف على مصالح دول المجتمع الدولي الرائدة تقليديا.

مسألة التعايش السلمي التي طرحناها قبل قليل، تنطبق أولا على الخريطة الجديدة التي يفرضها عالم متعدد الأقطاب، ولأن القطبية المتعددة صارت تشمل أكثر من دولة غير روسيا والصين وتركيا وإيران، كالهند ودول مجموعة بريكس مثلا، من الواضح أننا بتنا في وارد مواجهة عالم متشرذم الأقطاب.

وعلى هذا الأساس، مفهوم تعدد الأقطاب نفسه ينتمي إلى المقاربات المتجاوزة.

*د. بيير لوي ريمون باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تركيا إيران بريكس القوى الإقليمية المجتمع الدولي تعدد الأقطاب التعايش السلمي دبلوماسية الطائرات المسيرة العلاقات الدولية المقاربات المتجاوزة