هل تكون الصين السبيل الوحيد لتحقيق السلام في أوكرانيا؟

الأحد 18 يونيو 2023 07:13 ص

يبدو كما لو أن الصين لديها الوسائل والحافز والمصلحة الذاتية النهائية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وقد يكون الرئيس الصيني شي جين بينج، صانع الصفقات الأكثر احتمالاً، عندما يتعلق الأمر بإنهاء هذه الحرب الأبدية.

هكذا يتحدث تحليل لمعهد "TomDispatch"، ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن نجاح الصين في تحقيق السلام، سيعطيها مكانة كبيرة في طفرة إعادة الإعمار التي ستتبعها من خلال تقديم المساعدة لإعادة بناء كل من أوكرانيا وروسيا المدمرتين.

كل الحروب تنتهي، عادة بفضل اتفاقية سلام متفاوض عليها، وهذه حقيقة تاريخية أساسية، حتى لو بدا أنها تم نسيانها في بروكسل وموسكو، وقبل كل شيء في واشنطن.

وفي الأشهر الأخيرة، كان هناك الكثير من الحديث بين أتباع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "حرب أبدية" في أوكرانيا تستمر لسنوات، إن لم يكن عقودًا.

قال بوتين لمجموعة من عمال المصانع مؤخرًا: "بالنسبة لنا، هذه ليست مهمة جيوسياسية، بل مهمة بقاء الدولة الروسية، وتهيئة الظروف للتنمية المستقبلية للبلاد وأطفالنا".

ومع التزام جميع اللاعبين الرئيسيين بخوض حرب أبدية، وانتهاك روسيا لقرارات المجتمع الدولي وإصرارها على الحرب، وتوحد الغرب وقوى الدول السبع في إدانة الحرب، فإن صانع الصفقات الأكثر احتمالاً عندما يتعلق الأمر بإنهاء هذه الحرب الأبدية، قد يثبت أنه الرئيس الصيني شي جين بينج.

وفي الغرب، تم الاستهزاء على نطاق واسع بالدور الذي لعبه شي كصانع سلام في أوكرانيا.

ففي فبراير/شباط، في الذكرى الأولى للغزو الروسي، أثارت دعوة الصين للمفاوضات باعتبارها "الحل الوحيد القابل للتطبيق للأزمة الأوكرانية"، ردًا شائكًا من مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الذي ادعى أن الحرب "يمكن أن تنتهي غدًا إذا توقفت روسيا عن مهاجمة أوكرانيا".

وعندما زار شي موسكو في مارس/آذار الماضي، أثار البيان الذي أصدره المسؤولون الصينيون زاعمًا أنه يأمل في "لعب دور بناء في تعزيز المحادثات" انتقادات غربية كبيرة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن "الصين قد انحازت إلى جانب" في الصراع من خلال دعمها لروسيا، وبالتالي بالكاد يمكن أن تصبح صانع سلام.

ووفق التحليل، فإنه "رغم الرفض الغربي، فمن غير الرئيس الصيني يمكن أن يجلب الأطراف الرئيسية إلى طاولة المفاوضات ويجعلهم يحترمون توقيعاتهم على معاهدة السلام".

ويتخيل التحليل عاجلاً أم آجلاً، عندما يجتمع مبعوثون من كييف وموسكو في بكين تحت أنظار شي، لبحث نقاط الالتقاء بعيدة المنال بين تطلعات روسيا وبقاء أوكرانيا، مضيفا: "شيء واحد سيكون مضمونًا، وبعد سنوات من الاضطرابات في أسواق الطاقة والأسمدة والحبوب العالمية، فإن كل الأنظار من القارات الخمس ستتجه بالفعل نحو بكين".

وحينها، وفق التحليل، فإن حفل التوقيع المتلفز المتوقع، الذي سيستضيفه شي ويشاهده الملايين على مستوى العالم، سيكون بمثابة تتويج للصعود السريع للصين لمدة 20 عامًا إلى القوة العالمية.

ويلفت إلى أن اتفاق السلام المرتقب، سيكون خطوة تالية لما اعتبر "انقلابا دبلوماسيا أذهل الولايات المتحدة"، عندما اتخذت الصين خطوة رئيسية نحو رأب الصدع بين إيران الشيعية والسعودية السنية.

وباعتبارها أكبر عملاء النفط السعوديين وأكبر دائن لإيران، كان لدى الصين النفوذ التجاري لجلبهم إلى طاولة المفاوضات، قبل أن يشيد أشاد كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي بالعلاقات الدبلوماسية المستعادة كجزء من "الدور البناء لبلاده في تسهيل التسوية المناسبة للقضايا الساخنة في جميع أنحاء العالم".

ويكمن السبب الكامن وراء العرض المفاجئ للنفوذ الدبلوماسي الصيني في حدوث تحول حديث في ذلك المجال الأساسي المسمى "الجغرافيا السياسية" والذي يقود إعادة تنظيم أساسية في القوة العالمية.

وعلى الرغم من المحاولات الحادة لإدارة بايدن لتشكيل تحالف مناهض للصين، فإن الانفجارات الدبلوماسية الأخيرة تعمل على تشكيل نظام عالمي جديد، ضد ما تفكر فيه الولايات المتحدة على الإطلاق.

وهذه القوة الجيوسياسية المتنامية تمنح الصين الحافز، وربما حتى الوسائل للتفاوض على إنهاء القتال في أوكرانيا.

ويشير التحليل إلى أنه "بصفتها الزبون الرئيسي لروسيا لصادراتها من السلع الأساسية، وأكبر شريك تجاري لأوكرانيا قبل الحرب، يمكن للصين استخدام الضغط التجاري لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات، مثلما فعلت مع إيران والسعودية".

ويتابع: "قد تبدو بكين وحيدة بين الدول الكبرى في قلقها بشأن الضغط الذي تفرضه الحرب الأوكرانية على الاقتصاد العالمي الذي يتأرجح بين المجاعة والبقاء، لكن في غضون الأشهر الستة المقبلة، من المرجح أن يبدأ الرأي الغربي في التحول حيث إن توقعاته المبالغ فيها لانتصار أوكرانيا في هجوم الربيع المضاد، الذي طال انتظاره، تتوافق مع حقيقة عودة روسيا إلى حرب الخنادق".

ومن المحتمل أن تحقق القوات الأوكرانية بعض الاختراقات عندما، ولكن من غير المرجح أن تدفع روسيا بعيدًا عن جميع مكاسبها بعد الغزو.

وبحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، إذا توقف الهجوم المضاد لأوكرانيا بالفعل، فسيواجه شعبها شتاء باردًا ومظلمًا آخر من هجمات الطائرات بدون طيار، في حين أن الخسائر الروسية المتزايدة وعدم تحقيق نتائج قد تبدأ في تحدي قبضة بوتين على السلطة.

بعبارة أخرى، حسب التحليل، قد يشعر الطرفان بضرورة أكبر بكثير للجلوس في بكين لإجراء محادثات سلام.

ومع تهديد الاضطرابات المستقبلية التي تلحق الضرر بموقعها العالمي الدقيق، من المرجح أن تستخدم بكين قوتها الاقتصادية الكاملة للضغط على الأطراف للتوصل إلى تسوية.

ومن خلال التجارة في الأراضي، مع الاتفاق مع الصين على مساعدات إعادة الإعمار، وبعض القيود الإضافية على عضوية أوكرانيا المستقبلية في الناتو، قد يشعر كلا الجانبين أنهما فازا بما يكفي من التنازلات لتوقيع اتفاقية.

ويحنها، وفق التحليل: "لن تكتسب الصين بعد ذلك مكانة كبيرة لوساطة اتفاق السلام هذا فحسب، بل قد تفوز بمكانة تفضيلية في طفرة إعادة الإعمار التي ستتبعها من خلال تقديم المساعدة لإعادة بناء كل من أوكرانيا المدمرة وروسيا المدمرة".

في لحظة ما بعد الحرب، ومع احتمال أن تصبح أوكرانيا حليفًا اقتصاديًا قويًا بشكل متزايد على حافة أوروبا، ولا تزال روسيا موردًا موثوقًا به للسلع ذات الأسعار المخفضة، فإن الصين من المحتمل أن يخرج من هذا الصراع الكارثي متفوقا على القارة الأوروبية والآسيوية، وتعزيز مكانته كأساس السيادة العالمية بشكل كبير.

المصدر | TomDispatch - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين روسيا أوكرانيا وساطة الغرب أمريكا