أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن لـ"الخليج الجديد": المملكة بحاجة لبرلمان حقيقي

الاثنين 19 يونيو 2023 11:34 ص

مصطفى الزواتي- الخليج الجديد

 دعا مراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في الأردن، إلى إتاحة الفرصة للقوى السياسية للمشاركة في المشهد السياسي عبر "انتخابات نزيهة وحقيقية تفرز برلمانا حقيقيا يمثل قوة إضافية للمملكة" في مواجهة الضغوطات الخارجية والتحديات الداخلية.

وفي مقابلة خاصة مع "الخليج الجديد"، اعتبر العضايلة أن إقرار قانوني الأحزاب السياسية والانتخاب الجديدين عام 2022 يمثل مرحلة جديدة في العمل السياسي، لكن الأهم من القانون هو المناخ المرافق للحياة السياسية والقائم على الحريات وحجم العمل المتاح للأحزاب وللحريات الشخصية، معتبرا أنه يوجد "بطء وتردد" يتضح من سلوك بعض المؤسسات الأمنية تجاه الحالة الحزبية، وخصوصا المعارضين، بما لا يتفق مع عناوين المرحلة المقبلة.

وفي المرحلة المقبلة بالمملكة ستكون قواعد اللعبة مختلفة عن السابق، بحيث يتم تشكيل الحكومات بناء على أغلبية حزبية في مجلس النواب. والانتخابات المقبلة عام 2024 سيُخصص فيها للأحزاب 41 مقعدا أي 30% من مقاعد البرلمان، مرورا بـ50% في المجلس  التالي وصولا إلى 65% خلال السنوات العشر المقبلة.

وقال العضايلة إن جماعة الإخوان نجحت في إنتاج معادلة سياسية في المملكة بدأت بتشكيل "التحالف الوطني لمجابهة صفقة القرن"، ثم إعادة إنتاج التحالف من خلال "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن"، وهو يضم 8 أحزاب سياسية بينها أحزاب يسارية.

وشكك في صحة الأحاديث عن ضعف وتراجع جماعة الاخوان المسلمين والإسلام السياسي، معتبرا أن "كل مَن تحدثوا عن ما بعد الإسلام السياسي بلعوا ألسنتهم اليوم"، ومشددا على أن "المرحلة تشهد تراجعا في مشهد الثورات المضادة وتقدم التيارات الإسلامية في كل المنطقة وليس في الأردن على وجه الخصوص".

وفي ما يلي نص مقابلة "الخليج الجديد" مع العضايلة:

كيف تقيَّم التجربة السياسية في الأردن لاسيما بعد تعديل قانون الانتخاب وهو إفراز للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية؟

اعتماد قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين يعدّ امتحانا للدولة الأردنية من أجل نجاح مرحلة جديدة في العمل السياسي، والقانون مهم ولكن الأهم هو المناخ المرافق للحياة السياسية والقائم على الحريات وحجم العمل المتاح للأحزاب والحريات الشخصية والعمل السياسي.

والحقيقة حتى اللحظة لا يزال يوجد بطء وتردد يتضح من سلوك بعض المؤسسات الأمنية تجاه الحزبيين، وخصوصا من المعارضين، فلا يزال يوجد تكميم وممارسات لا تتفق مع القانون ولا مع عنوان المجلس القادم (البرلمان) والانتخابات القادمة.

لا توجد ديمقراطية بدون أحزاب ولا أحزاب بدون حريات عامة، ولذلك المفروض تعزيز الممارسة السياسية على الأرض عبر السماح للأحزاب بإقامة نشاطاتها بحرية، وعدم الضغط على الأشخاص فيما يتعلق بانتسابهم للأحزاب والتوقف عن المساءلة الأمنية للأشخاص حين ينتسبون للأحزاب، وخصوصا للأحزاب المعارضة.

الانتخابات المقبلة

مصادر داخل جماعة الإخوان تقول إن تحضيرات جارية في أروقة الجماعة لخوض الانتخابات المقبلة من خلال قائمة حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للجماعة. فهل هذا الأمر دقيق؟

منذ عام 1993 يخوض الإخوان المسلمون الانتخابات عبر حزب جبهة العمل الإسلامي، فهو المعبر السياسي عن الحركة الإسلامية في الأردن.

يعني ألا توجد نية لتشكيل كتلة سياسية جديدة باسم جديد خلال المرحلة المقبلة؟

وفَّقنا أوضاع حزب جبهة العمل الاسلامي (مع متطلبات قانون الأحزاب الجديد)، فكيف لنا أن نقوم بعمل كيان سياسي جديد؟ الحزب هو المعبر عن الجماعة سياسيا، فإذا قررت الجماعة المشاركة في أي انتخابات فستكون عبر الحزب، فهو ذراعها السياسية.

كشفت المصادر أن مَن بين القيادات المرشحة للقائمة الحزبية المراقب العام لجماعة الإخوان عبدالحميد ذنيبات والأمين العام للحزب مراد العضايلة وأن الحزب كلف القيادي سعود أبومحفوظ بإدارة ملف الانتخابات.. فما مدى دقة تلك المعلومات؟

اللجان في الحزب دائمة ومنها لجنة انتخابات بقيادة الأستاذ سعود أبومحفوظ، لكن فيما يتعلق بالمسار الانتخابي لم تتضح معالمه بشكل واضح لجماعة الإخوان، ومثل هذه اللجان موجودة ويتم تشكليها في كل مراحل الحزب، وسواء في وجود انتخابات أو غير انتخابات تبقى فاعلة.

ألا ترون أن الجماعة تكرر الشخصيات السياسية ذاتها في الانتخابات والعديد منها يتصدر دائما المشهد السياسي؟ كيف تفسر هذا الوضع؟

الجماعة تدرس خياراتها في كل مرحلة، سواء في شكل المرحلة القادمة وكيف سيكون شكل التحالفات والشخصيات، وهذا يُدرس دراسة عميقة داخل الجماعة على ضوء المشهد القادم.

مستقبل الإخوان

بعد مرور سنوات على إغلاق مقرات الجماعة وأذرعها السياسية والاقتصادية وإضعافهم ماليا تُثار تساؤلات في الشارع حول مستقبل الإخوان في المشهد السياسي بالمملكة، فأين ترى موقع الجماعة مستقبلا؟

الجماعة وحزبها السياسي حاضرة في كل المراحل ولم تتراجع لحظة، دائما موجودة وهي حزب سياسي مؤثر في الساحة الأردنية ويؤثر في اتجاهات السياسية الأردنية ولم يغب يوما عن المشهد السياسي.

والحديث عن ضعف أو تراجع الجماعة أصبح خلفنا، فمَن تحدثوا عن ما بعد الإسلام السياسي بلعوا ألستنهم اليوم؛ فهذا الكلام لم يعد له معنى ولا قيمة، حتى على مستوى الإقليم والمرحلة نشهد تراجعا في مشهد الثورات المضادة وتقدم التيارات الإسلامية في كل المنطقة، وليس في الأردن على وجه الخصوص.

العلاقة بين الدولة والجماعة أخذت طابع الشد والجذب منذ انطلاق الجماعة في الأردن، فكيف سيكون شكل العلاقة في الأيام المقبلة؟

حريصون كل الحرص على بناء علاقة مستقرة بين الحزب والجماعة والدولة، وحريصون دائما على استقرار الأردن ومسيرته السياسية وتنميته، وكحزب معارضة حريصون على تقليم رؤاه فيما يتعلق بالمشهد السياسي ومعالجة أي اختلالات، لذلك مطالبنا بالإصلاح لم تتوقف.

المرحلة المقبلة تستوجب جبهة أردنية موحدة وجبهة داخلية قوية، خصوصا في ظل التحديات وأهمها الحكومة (الإسرائيلية) اليمنية المتطرفة التي تستهدف الدولة والنظام السياسي الأردني، وهي لم تعد تستهدف الشعب الفلسطيني فحسب، فإجراءاتها وقراراتها تستهدف الأردن ودوره في القدس والمسجد الأقصى وملفات مهمة وخطيرة عبر مزيد من الاستيطان الذي أنهى مشروع حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

لذلك الأردن يشعر اليوم بالخطر الاستراتيجي، وهذا يتطلب جبهة داخلية موحدة تحتاج إلى وحدة الصف لمواجهة الضغوطات الخارجية التي تستهدف الأردن، والمرحلة تستوجب من صانع القرار ومن عقل الدولة الاستماع إلى الأصوات المعارضة داخل المجتمع، لتشكيل مشهد سياسي يمَّكن الدولة من مواجهة هذه المخاطر، وأيضا في ظل تحديات داخلية اقتصادية من البطالة والفقر وارتفاع المديونية، كما نحتاج إلى تفاهمات داخلية لتتمكن الدولة من العبور إلى المرحلة القادمة.

التحالفات القادمة

وما شكل التحالفات القادمة بين جماعة الإخوان والقوى السياسية الأخرى؟ وما هي أقرب التيارات السياسية التي ستتحالفون معها؟

نمد أيادينا للشراكة مع أبناء مجتمعنا، وبذلنا جهدا خلال السنوات الأربع الماضية لإعادة اللحمة إلى الصف الوطني، خصوصا وأنه تأثر بعد الربيع العربي وأصبح هناك انقسام سياسي واضح وعميق في المجتمع.

ونجحنا في إنتاج معادلة سياسية بدأت بتشكيل ما يُسمى "التحالف الوطني لمجابهة صفقة القرن"، ثم أُعيد إنتاج التحالف من خلال "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن"، وهو يضم 8 أحزاب سياسية بينها أحزاب يسارية. واليوم لا أستبعد أن يكون هناك توحيد للصف الوطني، خصوصا في مواجهة التحديات التي تستهدف الجميع.

(صفقة القرن هي خطة لتسوية سياسية في الشرق الأسط كشف عنها في يناير/ كانون الثاني 2020 الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب وكانت مجحفة بحقوق الفلسطينيين ومنحازة لإسرائيل).

معنى هذا أنك ترى أن التيارات القومية واليسارية يمكن أن تتحالف سياسيا مع جماعة الإخوان؟

نوسع دائرة تحالفاتنا ونمدّ أيدينا بالشراكة لكل الوطن، وكل مرحلة تُدرس على حدا خصوصا مسألة الانتخابات، فمثلا في 2016 أنشأنا "التحالف الوطني للإصلاح" وشارك فيه أكثر من 40 مرشحا على قوائمنا من أصل 120 من المتحالفين من غير أعضاء الجماعة والحزب، وتجاربنا في الشراكة أصيلة وعميقة وليست شكلية، وكل مرحلة تُدرس من حيث كيف سيكون شكل التحالفات وأنسبها لما يمكن أن يُنجز للعمل الوطني ويقوي الساحة الوطنية.

المشروع الصهيوني

وما هو دور الجماعة في الحافظ على استقرار الأردن وتعزيزه في ظل المخاطر التي تواجهه ولاسيما الخطر الصهيوني؟

أهم شيء في مواجهة المشروع الصهيوني هو الارتكاز على الشعب وقوته، وهذه القوة الشعبية تأتي من منح مزيد من الحريات للقوى الشعبية والوطنية لتعبر عن مواقف الشعب تجاه المخاطر الخارجية، وإتاحة الفرصة لتلك القوى السياسية للمشاركة في المشهد السياسي عبر انتخابات نزيهة وحقيقية تفرز برلمانا حقيقيا يمثل قوة إضافية للدولة في مواجهة الضغوطات.

والأردن جرب هذا في 1991 عندما جرت حرب الخليج الأولى على العراق وكان الأردن في صف العراق في مواجهة أمريكا، واستطاع الشعب والدولة الأردنية أن تصمد في ذلك الوقت وأن تتجاوز الضغوطات عبر الثقة الشعبية والبرلمان.

واليوم الدولة الأردنية بحاجة إلى خطوة للانفتاح على قوى المجتمع وإتاحة الفرصة لها للتعبير عن رأيها بحرية كاملة، وصولا إلى برلمان يعبر سياسيا بصدق عن كل مكونات المجتمع، بحيث يشكل قوة إضافية للدولة، وهذا سيؤكد الاستقرار وقوة الدولة ويجعلها تتجاوز الضغوطات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو غيرها.

تدرج قانون الانتخاب

فيما يتعلق بقانون الانتخاب الجديد سيتم تنفذيه عبر ثلاث مراحل وفترات انتخابية، فهل هذا التدرج في توفير المناخ الديمقراطي مناسب ومنطقي؟

هذا الأمر تمّ التوافق عليه من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ويحاول أن يسد ثغرة ممارسة بعض الناس وقوى الشد العكسي داخل أجهزة الدولة للتخويف من العملية الديموقراطية والمشاركة الواسعة للمجتمع في قرار الدولة السياسي.

وهذا التوافق تمّ على أساس أن يكون هناك ثلاث مراحل، بحيث يصل شيئا فشيئا إلى مرحلة الاقتناع داخل مؤسسات الدولة والدولة العميقة بأن الديموقراطية ستكون قوة للدولة وليس إضعافا لها.

وهل تلك المرحلية مناسبة وتتلاءم مع طبيعة المجتمع الأردني بحيث توصله في النهاية إلى الجو الديمقراطي؟

المجتمع الأردني ناضج ويستطيع أن يمارس الديمقراطية من اليوم الأول فهو مجتمع متعلم، لكنّ التدرج هو للرد على المخاوف التي تنتاب أطراف في الدولة من المسيرة الديموقراطية والإصلاح السياسي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأردن جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة جماعة الإخوان حربات قانون الانتخاب