رغم التحدي الصيني.. تطبيع السعودية وإيران يخدم مصالح روسيا

الأحد 18 يونيو 2023 06:05 م

قال نيكيتا سماجين، وهو خبير في السياسة الإيرانية والروسية بالشرق الأوسط، إن تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، مع ما سينتج عنه من خفض محتمل للتصعيد الإقليمي، لن يخلو من فوائد لروسيا على الرغم من التحدي الصيني الذي طرحته وساطة بكين بين الرياض وطهران.

سماجين تابع، في تحليل بموقع "أمواج ميديا" (Amwaj.media) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه من المتوقع أن يمنح الاتفاق الذي وقَّعه البلدان في بكين يوم 10 مارس/ آذار الماضي "مساحة أكبر لموسكو لمتابعة خططها السياسية والاقتصادية".

وأضاف أن "هذا الأمر حيوي لروسيا التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الخليج في ظل الضغوط الغربية المتصاعدة عليها بسبب حربها في أوكرانيا (منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، لكن الاتفاق سلط الضوء أيضا على تهديد الصين لروسيا باعتبارها قوة دبلوماسية غير غربية بديلة في المنطقة".

وأردف أنه "من وجهة نظر روسيا، تعطي الصفقة الإيرانية السعودية دفعة لموسكو التي وازنت سابقا بين التعاون الاقتصادي والعسكري مع إيران والعلاقات المتنامية مع المملكة، بما أدى إلى استثمارات سعودية في روسيا، بينما أعاق التنافس المستمر بين طهران والرياض نهج روسيا في محاولة الحفاظ على علاقات عمل فعالة مع جميع القوى الكبرى بالمنطقة".

مسائل اقتصادية

و"جاء الاتفاق الإيراني السعودي في وقت مناسب، فلم تدعم الجهات الفاعلة الإقليمية سياسة العواصم الغربية التي سعت لعزل موسكو عبر العقوبات وساعدتها إلى حد ما في تجاوز الضغوط الاقتصادية، فمثلا سجلت تركيا والإمارات صعودا صاروخيا في التجارة مع روسيا خلال العام الماضي"، وفقا لسماجين.

وزاد بأن "إيران توفر لروسيا فرصة نادرة للتعاون العسكري، حيث أُفيد بأنها قدمت لها طائرات مسيرة وذخيرة، كما تشهد العلاقات الاقتصادية الثنائية نموا ملحوظا، فوفقا للمسؤولين الروس، زادت تجارة السلع بين البلدين 20%  في 2022 إلى نحو 4.9 مليارات دولار".

كذلك "بلغ حجم التجارة بين روسيا السعودية 1.6 مليار دولار في 2022. وستسمح علاقات إيرانية سعودية أكثر دفئا لروسيا بتعميق علاقاتها مع الدولتين الإقليميتين من دون خوف من رد فعل سلبي من إحداهما"، كما أضاف سماجين.

وتابع أن "موسكو تركز استراتيجيتها الاقتصادية الإقليمية على ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يربط البلاد بالخليج والمحيط الهندي عبر أذربيجان وإيران، ويعتمد نجاح المشروع على الاستقرار في الخليج والمناطق المحيطة، وهو ما سيعززه على الأرجح اتفاق مارس/آذار الماضي".

مسائل سياسية

كما يمكن للاتفاق الإيراني السعودي، بحسب سماجين، "أن يخدم مصالح روسيا السياسية، فالكرملين يرغب في حل الأزمة السورية لتحرير موارده ونقلها للقتال في أوكرانيا، ورغم أن التوترات السعودية الإيرانية ليست المشكلة الرئيسية في سوريا، إلا أن العلاقات الأفضل بين البلدين يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف".

وتدعم موسكو رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ 2015 بعد أربع سنوات من اندلاع احتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، غير أن الأسد قمعها عسكريا؛ مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

وأوضح سماجين أن "موسكو لا تخطط لمغادرة سوريا لأنها ترى أن وجودها في البلاد، ولا سيما في ميناء اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إضافة ثمينة، لكنها تحاول تقليص دورها قليلا".

وأردف أنه "في أعقاب الاتفاق السعودي الإيراني، شكلت دعوة السعودية لبشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية بالرياض في 19 مايو/أيار الماضي إشارة إيجابية لروسيا، فهذه الخطوة قد تعزز عودة الأسد إلى العالم العربي بعد (أكثر من) عقد من العزلة، وتساهم في استقرار الوضع في سوريا وبالتالي تحرير روسيا إلى حد ما من مسؤوليتها".

واستطرد سماجين: كما "يمكن أن يؤدي التطبيع الإيراني السعودي إلى تعزيز الجهود الروسية لبناء هيئات متعددة الأطراف لتكون بمثابة ثقل موازن للنفوذ الغربي، ولا سيما منظمة شنغهاي للتعاون"، في إشارة إلى انضمام طهران والرياض إلى المنظمة.

نفوذ الصين

في الوقت نفسه "أوضحت الوساطة الصينية في الصفقة الإيرانية السعودية أن روسيا ليست القوة الدبلوماسية الوحيدة غير الغربية في المنطقة؛ ما قد يمثل تحديا لنفوذ موسكو لأن بكين لديها موارد وقدرات أكبر"، وفقا لسماجين.

وتابع: "بالتالي قد تشهد عمليات التفاوض الإقليمية الأخرى التي تشارك فيها روسيا إعادة تشكيل القوة تجاه بكين، بما في ذلك محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015" بين طهران والقوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

وبالفعل، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في مارس/آذار الماضي، بأن إيران طلبت من الصين لعب دور أكبر في تلك المحادثات. وسلّطت هذه الدينامية الضوء على أن القوى الإقليمية قد تتطلع بشكل متزايد إلى جهات فاعلة عالمية أخرى إلى جانب روسيا لمساعدتها في الملفات الحاسمة، بحسب سماجين.

المصدر | نيكيتا سماجين/ أمواج ميديا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا السعودية إيران تطبيع فوائد الصين تحدي نفوذ

تحليل: أبرز الإشكاليات التي تواجه التطبيع السعودي الإيراني