زيارة عباس لبكين.. أحدث دليل على ميول الشرق الأوسط نحو الصين

الثلاثاء 20 يونيو 2023 07:17 م

بالنظر إلى الفوضى الكاملة التي أحدثتها واشنطن في المنطقة على مدى عقود، ربما تجد إسرائيل قيمة في مشاركة صينية أكبر.

يتناول مقال أليكس لو في موقع "مورنينج بوست"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الماضي إلى بكين، حيث دعاها للضغط على إسرائيل لحل الصراع بينهما. وكل من يعرف أي شيء عن الصراع يعرف أن ذلك لن يحدث أي فرق؛ لأن إسرائيل هي "صاحب القرار" النهائي من خلال هيمنتها العسكرية المطلقة على الأرض والاستيلاء الأيديولوجي الكامل على واشنطن.

لكن وفقا للكاتب، فإن ما يفعله عباس حقًا هو أنه يعري موقف واشنطن، وأن الفلسطينيين لا يمكنهم أن يفعلوا ما هو أسوأ من خلال مناشدة بكين.

ويرى الكاتب أيضا أن الزيارة والدعوة "تكشف عن ازدواجية المعايير والنفاق اليوم".

ويضيف أن دعوة عباس منطقية في نهاية المطاف بنفس القدر من إصرار الغرب على وجوب إدانة بكين للغزو الروسي لأوكرانيا والضغط على موسكو للتراجع إلى حدود ما قبل عام 2014.

ازدواجية الغرب

ويشير الكاتب إلى أن من مصلحة الغرب الجيوسياسية منع الصين من ممارسة نفوذ متزايد في الشرق الأوسط، وبالتالي لن يطالب أي شخص في الغرب بمشاركة صينية أكبر في القضية الفلسطينية. هذا بالرغم من حقيقة أن بكين تتمتع بالفعل بعلاقات جيدة مع كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

من ناحية أخرى، يريد الغرب تشويه سمعة الصينيين بنفس الفرشاة التي يستخدمها الروس، بالرغم من أنهم لا علاقة لهم بالغزو، وقد عرضوا خطة السلام الوحيدة المتاحة، وليسوا من يندفعون بالمعدات العسكرية المتقدمة إلى أوكرانيا، فكل ما تم تحقيقه هو جمود واستمرار المذابح الجماعية.

ويواصل نفس السياسيين والنقاد الغربيين تقديم مزاعم كاذبة حول "أوكرانيا اليوم، تايوان غدًا"، وكأنهم يشجعون الصينيين. وبالطبع، بيت القصيد هو مجرد دعاية، وفق الكاتب,

ويعتقد في مسألة الاعتراف وتقرير المصير الوطني، أن وضع فلسطين هو الأكثر استعصاءً وإيلامًا على العالم لأكثر من نصف قرن، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الأخطاء الكبيرة والكوارث التي أحدثها الغرب وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة.

لا يكتفي الغرب بإفساد الأمور في الشرق الأوسط، حيث يريد الآن أن يفعل الشيء نفسه مرة أخرى في آسيا.

وبالنظر في مسألتي فلسطين وتايوان من منظور الاعتراف الدولي، تعترف اليوم 139 دولة من أصل 193  عضو في الأمم المتحدة بدولة فلسطين (غالبية الدول حول العالم). على النقيض من ذلك، لا يعترف بتايوان سوى عدد قليل من الدول الصغيرة؛ 13 إذا اعتبرت الفاتيكان دولة بحكم القانون، وحتى هذا العدد يتضاءل، وقد كادت الجزيرة أن تخسر باراجواي.

ويرى المقال أن الغرب، وخاصة البلدان الناطقة بالإنجليزية، يتصرفون بشكل متزايد كما لو كانت تايوان حليفًا مستقلا، بينما يقوضون بنشاط الدولة الفلسطينية.

ويوضح أنه بينما يغض الغرب الطرف عن الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير القانوني والوحشي الذي يبلغ الآن من العمر 56 عامًا، يسعده أن يحول غزو دولة من قبل دولة أخرى في الفناء الخلفي لأوروبا إلى حملة أخلاقية عالمية وينتقد الجنوب العالمي لأنه لا يفعل ذلك في الانضمام إليهم.

ويعتقد الكاتب أنه بفضل "الغطرسة الطويلة الأمد والمضللة"، أضرم الغرب النار في الشرق الأوسط لأكثر من نصف قرن، وأشعل حريقًا تحت فراشه في أوروبا الشرقية، والذي يهدد الآن بالانتشار غربًا، ويريد اندلاع حريق آخر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويقول الكاتب هنا متهكما "لا شكرا!".

ويرى الكاتب أن الإعلام المهيمن في الغرب بث دعاية مفرطة بأن الاتجاهات العالمية الأخيرة تظهر تهديدًا مقلقًا من صعود الأنظمة الاستبدادية ضد الديمقراطيات الدفاعية.

تقارب المنطقة مع الصين

لكن على أرض الواقع، يبدو أن القادة الإقليميين في آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية يحاولون تحديد مصائرهم وتحقيق التوازن أو على الأكثر استيعاب المصالح الغربية الأمريكية مع جيرانهم.

بقيادة السعودية، تعمل دول الخليج على تعميق العلاقات مع الصين. وحتى قبل الصراع في أوكرانيا وحاجة بكين المقلقة لمصادر الطاقة، قفزت التجارة بين السعوديين والصينيين من قرابة 4 مليارات دولار في عام 2001 إلى 87 مليار دولار في عام 2021، وهو ما كان أكثر من تجارة المملكة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين.

وعادة ما تأتي التجارة مع إعادة التنظيم السياسي، فبينما قد يرغب النقاد الغربيون في التقليل من أهمية التقارب الإيراني السعودي الذي توسطت فيه بكين، فإن عباس يفهم تمامًا السياسة المتغيرة في منطقته، والتي تميل الآن نحو الشرق بدلاً من الغرب. وفي هذا السياق، فإن زيارته منطقية تمامًا.

بالمقابل، يرى الكاتب أن بكين تدرك أن مصداقيتها مع "الشارع العربي" تتطلب منها أن تلعب دورًا أكثر إيجابية وانخراطًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتجاوز الإدلاء بتصريحات مهدئة.

ويضيف أن الصين تتمتع بعلاقات جيدة مع الفلسطينيين والإسرائيليين، وكثير من الإسرائيليين أنفسهم يفهمون أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث للدولة اليهودية هو أن تتحقق رغبتهم الإقليمية بالكامل في فلسطين.

في هذا السياق، كان الاستيلاء الإسرائيلي شبه الكامل على النخب السياسية والتجارية الحاكمة في الولايات المتحدة نقمة أكثر منه نعمة.

ويختتم الكاتب بالقول إنه ربما في يوم من الأيام، قد تجد حكومة إسرائيلية، بكين مفيدة للغاية كوسيط دبلوماسي. 

المصدر | أليكس لو / مورنينج بوست – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين عباس فلسطين الاحتلال الاسرائيلي

بين أمريكا وروسيا والصين.. استطلاع يكشف القوة العظمى الأكثر شعبية وسط الشباب العربي