سياسة حافة الهاوية ومخاطرها الكبرى.. أبرز ملامح عقيدة أردوغان

السبت 24 يونيو 2023 06:36 م

قال مصطفى قربوز، الأستاذ في الجامعة الأمريكية بواشنطن، إن "عقيدة" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "تعتمد على سياسة حافة الهاوية الماهرة والتنفيذ الناجح لها"، لكنه حذر من أن هذا النموذج "يصعب الحفاظ عليه على المدى الطويل" و"ليس بمنأى عن المخاطر الكبرى".

قربوز أردف، في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "عندما أعلن أردوغان حكومته الجديدة، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار الماضي، تلا ذلك مزاج إيجابي، واحتفل المراقبون بتعيينه محمد شيمشك، الاقتصادي السابق في مؤسسة ميريل لينش، وزيرا للمالية".

كما أشادوا "بتعيينه حفيظة غاي إركان رئيسة للبنك المركزي التركي، وهي أول سيدة تشغل هذا المنصب وشغلت سابقا مناصب رفيعة المستوى في بنك جولدمان ساكس وفيرست ريبابليك".

وتابع قربوز أن "خطاب شيمشك الأول أثار الآمال، حيث اعترف بأن على تركيا العودة إلى "الأرضية العقلانية" لضمان القدرة على التنبؤ في الاقتصاد، ما تم تفسيره على أنه يقول إن أردوغان يأسف الآن على اتباع سياسات غير تقليدية (رفضه لرفع أسعار الفائدة) ويهدف إلى إحداث تحول عملي".

واستدرك: "ومع ذلك، تسبب أردوغان في ارتباك عندما كرر أن وجهات نظره في قيادة السياسة الاقتصادية لم تتغير، ولكن سيكون لدى من عيَّنهم مجال للابتعاد عن نهجه غير التقليدي".

استعادة  إسطنبول وأنقرة

و"من المنطقي أن نتوقع أن يسعى أردوغان الشجاع إلى تعزيز سلطته عبر محاولة استعادة بلديتي إسطنبول وأنقرة (من المعارضة) في الانتخابات المحلية في مارس/ آذار 2024، لذلك، لا يزال بحاجة إلى موازنة الأصوات الداعمة للإصلاح الهيكلي مع أولئك الذين يدافعون عن استمراره"، وفقا لقربوز.

واعتبر أن "استراتيجية أردوغان الانتخابية لعام 2023 كانت مربكة لمعظم المراقبين، لكنها كانت متسقة من وجهة نظره الخاصة، إذ اتبع الغموض الاستراتيجي بشأن أكثر القضايا إثارة للانقسام، ما منحه أصواتا من الأطراف المتعارضة".

وأردف قربوز: "وحتى يَثبت أنه مخطئ، فلن يغير أردوغان شيئا من طريقته، ومن المؤكد أن المناورات البراجماتية ومفاوضات المعاملات ودبلوماسية الرهائن وسياسة حافة الهاوية ستحدد السياسة الخارجية التركية في المستقبل القريب، فهذه هي عقيدة أردوغان في طور التكوين".

الاقتصاد.. أولوية قصوى

وبحسب قربوز فإن "أولوية أردوغان القصوى هي جذب الاستثمارات الأجنبية لتجنب الانهيار الاقتصادي.. والنظام المصرفي التركي على وشك الانهيار، وسيبقى كذلك ما لم تتدخل الحكومة بما يمنح المستثمرين الأجانب الثقة".

وزاد بأن "هذا هو السبب في أن وزير المالية الجديد يقدم وعودا بشأن المساءلة  والسياسات القائمة على القواعد والشفافية والقدرة على التنبؤ والامتثال للمعايير الدولية. لكن لا يمكن تحقيق مثل تلك الوعود إلا عبر التمسك بسيادة القانون واستعادة الثقة في النظام القضائي الفاشل".

وتابع: "لذلك من المهم متابعة خطوات أردوغان في الملفات القضائية سيئة السمعة مثل الخاصة بفاعل الخير (ورجل الأعمال) التركي عثمان كافالا والسياسي الكردي صلاح الدين دميرتاش. ولطمأنة المستثمرين الأجانب، يتوقع كبار مسؤولي حزب العدالة والتنمية (الحاكم منذ 2002) أن تعلن الحكومة عن خطوات لإصلاح النظام القضائي".

وأضاف قربوز أن "كافالا يقضى حكما بالسجن مدى الحياة بزعم محاولة الإطاحة بالحكومة عبر تمويل احتجاجات في 2013. وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتركيا دولة عضو فيها، بأن اعتقاله يعد انتهاكا للمعايير الدولية".

وأردف أنه "في الغرب، أصبحت قضية كافالا رمزا لاستبداد أردوغان. والمفاوضات ودبلوماسية الرهائن ليست غريبة على أردوغان، فقد تعلن الحكومة بالفعل عن إصلاحات قضائية، لكن لن تكون سوى نافذة. فمثلا، إذا تم الإفراج عن كافالا بأمر محكمة، فمن المرجح أن تسارع الحكومة إلى الترويج له كدليل على وجود سلطة قضائية مستقلة، وتنجح في كسب بعض الدعم الأوروبي".

أنقرة والناتو والخليج

و"تعطي هذه الحلقة بأكملها تلميحا لما سيبدو عليه مستقبل العلاقات بين تركيا و(حلف شمال الأطلسي) الناتو، إذ ستستمر تركيا في تقويض عنصر الثقة الثنائية الذي كان متوقعا تقليديا من أنقرة، لكن لن تفقد عضويتها في الحلف، بل سيتم التعامل معها كعضو هامشي تحتاج سياساته المستقلة إلى التسامح"، بحسب قربوز.

وأضاف أن "أعضاء الناتو سيراقبون خيارات تركيا الجيوسيا؟تنسية في منطقة البحر الأسود وسياستها في شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي ولايته الجديدة، سيعمل أردوغان على ما زرعه بالفعل: تحسين العلاقات مع إسرائيل ومصر، وإبقاء دول الخليج إلى جانب تركيا على حساب اليونان، وإيجاد مسار قابل للتفاوض بين الفصائل المختلفة في ليبيا".

وحذر قربوز من أن "عقيدة أردوغان ليست بمنأى عن المخاطر الكبرى، وهي لا تقوم على الصرامة الفكرية، بل تعتمد على سياسة حافة الهاوية الماهرة والتنفيذ الناجح لها، ومثل هذا النموذج لا يمكن تكراره بسهولة ويصعب الحفاظ عليه على المدى الطويل (...) وقد تصمد عقيدة أردوغان أكثر من أردوغان نفسه، لكن تنفيذها الناجح لن يكون سهلا على الرؤساء الأتراك في المستقبل".

المصدر | مصطفى قربوز/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان عقيدة الاقتصاد القضاء الناتو

أردوغان ينظر مجددا نحو الغرب.. ماذا يعني ذلك لبوتين؟

استقالة 10 مستشارين.. أردوغان يواصل التجديد الشامل في إدارته