نزاع المياه بين إيران وأفغانستان.. إما حل تفاوضي أو صراع حدودي

الثلاثاء 27 يونيو 2023 01:02 م

قال المحلل السياسي فؤاد شهبازوف إن نزاع المياه بين إيران وأفغانستان تصاعد لدرجة أنه وضع البلدين على "حافة الهاوية"، مرجحا أنه إذا لم تواصل طهران وطالبان الحوار لحل النزاع بالتفاوض، فإن صراعا جديا بين الجارتين في منطقة حدودية هشة لن يؤدي إلا إلى "أزمة لاجئين وفجوة أمنية".

وأردف شهبازوف، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "التوترات بين البلدين، التي أثارتها النزاعات الإقليمية والمياه، وصلت إلى منعطف حرج في أعقاب حادث حدودي أدى إلى سقوط قتلى من الجانبين".

وتابع أنه "في حين أن الصراع المسلح يبدو غير مرجح بسبب فارق القوة العسكرية النسبية للبلدين  وعدم الاستقرار السياسي، فإن مشكلة ندرة المياه والتدخل المحتمل من جهات خارجية مثل الصين تؤكد على ضرورة الحوار الدبلوماسي".

ولفت إلى أنه "في 27 مايو/ أيار الماضي، اندلع وضع مضطرب على طول الحدود الإيرانية الأفغانية، مما أدى إلى مقتل اثنين من عناصر حرس الحدود الإيراني ومقاتل من طالبان، وأدى الحادث بالقرب من نقطة حدودية إلى تفاقم التوترات المتزايدة بالفعل بين الدولتين".

ندرة المياه

و"تحولت قضية ندرة المياه إلى تحد كبير لإيران، مما تسبب في احتكاك مع الدول المجاورة لها، فاعتبارا من 2023، تعاني 270 مدينة وبلدة في إيران من نقص حاد في المياه حيث انخفضت مستويات المياه في السدود إلى مستويات منخفضة للغاية، ما أدى زيادة كبيرة في أسعار الاشتراكات المائية في جميع أنحاء البلاد، مما أثار نقاشات حادة"، وفقا لشهبازوف.

وأفاد بأن "خزانات المياه المغذية للمدن فارغة بسبب الجفاف على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما أضر نقص المياه بعلاقات إيران مع جيرانها المباشرين، وبالتحديد تركيا والعراق، بشأن إدارة المياه العابرة للحدود".

وزاد بأن "عقود من إدارة السلطات الإيرانية الفوضوية للمياه، بينها بناء السدود بشكل سيئ وتحويل موارد المياه للصناعات الثقيلة مثل صناعة الصلب، أثارت احتجاجات عنيفة في جميع أنحاء إيران عام 2021، وهو ما واجهته الشرطة بحملة قمع وحشية".

طهران وطالبان

وفي ذلك السياق، بحسب شهبازوف، "كان تصاعد النزاعات المسلحة التي تورط فيها نظام حركة طالبان في أفغانستان أمرا متوقعا، وتفاقمت التوترات أكثر عندما اتهمت إيران الحكومة الأفغانية بقيادة طالبان بعرقلة تدفق نهر هلمند إلى الأهوار على الحدود مع إيران".

وتابع: "على الرغم من عدم اعترافها رسميا بنظام طالبان منذ صعوده إلى السلطة في 2021، إلا أن طهران حافظت على علاقة حوارية مع طالبان، ودعمت قضيتها ضد الولايات المتحدة وقوات (حلف شمال الأطلسي) الناتو المتمركزة في أفغانستان قبل فترة طويلة من صعود الحركة إلى السلطة".

وزاد بأن "اغتيال زعيم طالبان السابق الملا أختر منصور على الطريق السريع الرئيسي من الحدود الإيرانية في 2016 سلط الضوء على علاقة الحركة بطهران، إذ أثبتت اجتماعات الملا منصور المزعومة في إيران التكهنات السابقة بأن طهران قدمت الأسلحة والمال والملاذ لطالبان خلال قتالها ضد قوات الولايات المتحدة والناتو".

ومضى شهبازوف قائلا إن "مشاركة إيران العملية مع طالبان كانت مدفوعة في المقام الأول بمصالح أساسية مختلفة، بينها التهديدات التي أثارها ظهور تنظيم الدولة بين 2014 و2015".

واستطرد: "كما كانت محاولات إيران الأخيرة للمصالحة مع طالبان مدفوعة غالبا بالرغبة في في مواجهة الولايات المتحدة. ولم يمح هذا العاون التفاوتات الأيديولوجية بينهما، إذ قدمت إيران بإيديولوجيتها الإسلامية الشيعية دعما كبيرا للهزارة، وهم من السكان الشيعة في أفغانستان، بينما تبنت طالبان شكلا شديد المحافظة من الإسلام السُني".

و"تستشهد طهران في مطالباتها المتعلقة بحقوق المياه واتهامات التسوية بمعاهدة 1973 الموقعة بين إيران وأفغانستان، والتي توضح بالتفصيل الاستخدام المشترك لنهر هلمند العابر للحدود"، بحسب شهبازوف.

ووفقا للمعاهدة، يتعين على أفغانستان تسليم 850 مليون متر مكعب من المياه سنويا من نهر هلمند إلى إيران، التي "تصر على السماح للجنة خاصة بتفتيش خزانات المياه في أفغانستان".

وأوضح شهبازوف أن الاتفاقية تضمنت إنشاء لجنة مشتركة بين الدولتين لإجراء عمليات تفتيش سنوية لضمان امتثال كل دولة لمتطلبات الصفقة، لكن نظام طالبان يرفض حتى الآن هذا الطلب".

صراع في الأفق

ووفقا لشهبازوف فإنه "بالنظر إلى المواجهة الدبلوماسية والمسلحة الحالية بين طهران وكابول بشأن الموارد المائية، مع حشد الجانبين لقوات إضافية، يمكن أن يندلع صدام حدودي أوسع".

وتابع: "وقد تطلق الاشتباكات الحدودية المحتملة بين طالبان وإيران جولة جديدة من احتجاجات في إيران مماثلة لتلك التي حدثت في سبتمبر/ أيلول 2022 (على مقتل شابة في مركز للشرطة)".

وقال إنه "في حين أن قدرة طالبان واحتمال مشاركتها في حرب تقليدية مع الجيش الإيراني الأكثر خبرة تبدو محدودة، من المحتمل أن تستخدم الحركة معدات عسكرية متطورة غربية الصنع خلَّفتها الولايات المتحدة وحلفاء الناتو أثناء انسحابهم من أفغانستان (في 2021)".

واعتبر شهبازوف أن "السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يواصل الجانبان الحوار لحل مشكلة المياه، وإلا فإن صراعا جديدا في منطقة حدودية هشة لن يؤدي إلا إلى أزمة لاجئين وفجوة أمنية".

وختم بأن "نظام طالبان لن يكون قادرا على معالجة عدم الاستقرار الداخلي في حالة اندلاع صراع حدودي واسع النطاق مع إيران. وقد تجذب التوترات الحدودية جهات فاعلة خارجية، مثل الصين، للتدخل في النزاع كوسيط مقبول لكلا الجانبين، مما يوفر بديلا دبلوماسيًا أفضل للقوى الغربية".

المصدر | فؤاد شهبازوف/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران أفغانستان مياه نزاع نهر هلمند طالبان