استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أوكرانيا بعد فشل الهجوم المضاد.. محدودية الخيارات

السبت 8 يوليو 2023 11:43 ص

أوكرانيا بعد فشل الهجوم المضاد.. محدودية الخيارات

خيار الدعم الغربي اللامحدود دون انخراط مباشر في مواجهة روسيا، هو الأكثر قابلية للاستمرار بعد ترنح قوات أوكرانيا على الجبهة.

الهجوم الروسي لم ينطلق تحت عنوان حماية الدونباس بمواجهة تسلط أوكرانيا فقط، بل تم إدراجه في إطار مواجهة تمدد حلف "الناتو" نحو الحدود الروسية.

هل تنجح القوى الغربية من خلال الدعم اللامحدود لأوكرانيا في استنزاف روسيا ومحاولة كسرها دون التعرض لأخطار مادية وبشرية تفوق قدرتها على تحملها؟

الصراع في أوكرانيا تخطى ربط الدعم الغربي لأوكرانيا برفض احتلال روسيا أراضي أوكرانية ليظهر كتعبير عن صراع وجودي بين روسيا و"الناتو"، ووراءه الاتحاد الأوروبي وأميركا.

* * *

لم يكن التسويق الإعلامي الغربي الذي رافق التحضير للهجوم الأوكراني الكبير المزعوم عرضياً، إذ إن أي قراءة للواقع الميداني لن تكون قادرةً على تقديم رؤية واقعية لمدى تمكّن الوحدات القتالية الأوكرانية، المتواضعة مقارنة بقدرات الجيش الروسي، من تحقيق الأهداف المرسومة، والتي كان ضمنها افتراض قطع الممر البري الذي يربط بين الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم، من دون مساندة ودعم غربي يؤكد فرضية أن الصراع في أوكرانيا يتخطى ربط الدعم الغربي لأوكرانيا برفض احتلال روسيا أراضي أوكرانية ليظهر كتعبير عن صراع وجودي بين روسيا وحلف "الناتو"، ومن خلفه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

فالإشارة الموضوعية التي قدمها مستشار زيلينسكي ميخائيل بودولياك للإعلان عن تعثر أو تأخر الهجوم الأوكراني، إن لم نقل فشله، والتي أطلقها حين صرح أن روسيا قد قامت ببناء خط دفاع في الوقت الذي كانت فيه أوكرانيا تقنع الشركاء الغربيين بتزويدها بالسلاح، كانت تهدف إلى إلقاء اللوم على القادة الغربيين، وعلى رأسهم إدارة الرئيس بايدن التي صرحت أن نتائج الأسابيع الأولى من الهجوم كانت صادمة.

فالتأخير والمماطلة الغربيان خلال التحضير لهذا الهجوم المضاد لناحية الدعم المالي والعسكري بالإضافة إلى التدريب الضروري للجنود الأوكران، كانت من أهم الأسباب التي أبداها الجانب الأوكراني لتبرير فشل الهجوم وعدم قدرته على تحقيق خرق كبير على الجبهة.

بالإضافة إلى ذلك، لم ينكر الجانب الأوكراني أن الواقع الميداني الذي كرسته القوات الروسية، من خلال خط سوروفيكين الذي بنته روسيا على مدى أشهر لعرقلة القوات المهاجمة من خلال المزج بين نقاط الارتكاز والدفاع والهجوم، بالإضافة إلى العبء المعنوي الذي تتحمّله القوات الأوكرانية بسبب حاجتها إلى إثبات جدوى الدعم اللامحدود الذي تقدمه الدول الغربية، كلها عوامل ساهمت في تواضع النتائج.

فإبطاء التقدم وتجميد العمليات العسكرية الأوكرانية يرتبطان بتعقيدات الهجوم ويجب عدم تفسيرها بأنها فشل للهجوم. ولذلك، تدفع القيادة الأوكرانية لضرورة استكمال الدعم العسكري الغربي ورفع مستوى التسليح وصولاً إلى ضرورة ضم أوكرانيا إلى حلف "الناتو" من أجل تحقيق الانتصار، الذي يُسوّق له على أنه انتصار للحرية والعدالة والقيم الغربية في مواجهة ديكتاتورية روسيا واستبداديتها.

غير أن الرؤية الغربية تتخطى، في حساباتها الحقيقية، هذه المثالية التي تعبّر عن الصراع بين الحرية والديمقراطية من جهة والاستبدادية والديكتاتورية من جهة أخرى، لتقدم رؤية واقعية أساسها ضرورة عرقلة الانطلاقة الروسية ومحاولة استنزافها وتحقيق هزيمة تكتيكية ضدها في أوكرانيا، ضمن مخطط المحافظة على التفوق والهيمنة الغربية العالمية.

فالهجوم الروسي لم ينطلق تحت عنوان حماية الدونباس في مواجهة التسلط الأوكراني فقط، وإنما تم إدراجه في إطار مواجهة تمدد حلف "الناتو" نحو الحدود الروسية.

وعليه، بعيداً من التسويق الإعلامي الذي يستهدف تضليل الرأي العام الغربي لناحية من يمتلك زمام المبادرة على أرض المعركة، تظهر أهمية البحث في الخيارات المتاحة أمام القوى الغربية، إذ إن ما يرشح من أخبار الجبهة المشتعلة في أوكرانيا لا يوحي بإمكانية تحقيق خرق أوكراني في المستقبل القريب.

وعليه، فإن إطالة أمد الحرب واستنزاف الموارد الغربية، بالإضافة إلى تمكن روسيا من تكريس قناعة لدى الدول الممانعة للهيمنة الغربية من أن حربها في أوكرانيا لا تخاض ضد الجيش الأوكراني، وإنما ضد أكثر من خمسين دولة أثبتت ساحة المعركة عقم أسلحتها في مواجهة السلاح الروسي، كلها عوامل ستدفع في اتجاه البحث في السيناريوهات الممكنة للمرحلة المقبلة.

وإذا كان الجانب الأوكراني يفضل تحقق سيناريو انغماس العنصر البشري الأوروبي والأميركي في العمليات العسكرية، إذ يؤدي هذا السيناريو إلى انضمام أوكرانيا إلى المنظومة الأمنية الغربية، أي "الناتو"، وبذلك يتم استبعاد أي تسوية تظهر الجانب الغربي خاسراً، وبالتالي تضمن أوكرانيا حتمية عدم التفاوض على حسابها انطلاقاً من أن موقعها ومستقبلها هما اللذان يحددان نتيجة الحرب العالمية الكبرى، فإن الجانب الغربي سيستبعد هذا الخيار انطلاقاً من أن أي محاولة لإذلال روسيا أو محاولة كسرها ستؤدي إلى تصعيد حدوده النووي.

ظهر هذا التوجه واضحاً من خلال عدم دعوة أوكرانيا إلى المشاركة في قمة "الناتو" المقبلة المقررة في ليتوانيا في تموز/يوليو المقبل والاكتفاء بدعوتها إلى المشاركة في اجتماع على هامش قمة "الناتو"، مع الإشارة إلى إعلان الأمين العام لحلف "الناتو" أن الحلفاء لن يناقشوا خلال الاجتماع دعوة أوكرانيا الرسمية للحلف.

أما عن السيناريوهات الأخرى، فيمكن الحديث عن سيناريوهين يتمحور أولهما حول إمكانية تخلي الغرب عن مساره الداعم لأوكرانيا والدفع في اتجاه مفاوضات تقلل من مستوى التهديد الذي يعصف بأوروبا نتيجة تداعيات الحرب كأزمة اللجوء وارتفاع الأسعار، وتفادي الظهور بمظهر العاجز، إذ إن استمرار العمليات العسكرية لوقت أطول سيضع الالتزامات الغربية أمام اختبار صعب.

بالطبع، قد تزيد الانتخابات الأميركية المقبلة، التي ربما تشهد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، الأمور تعقيداً، إذ قد تدفع عودته إلى البيت الأبيض إلى تخلٍ أميركي يعمل على تقليص الدعم لأوكرانيا ويترك أوروبا وحيدة في حرب كان من الممكن تفاديها لو أنها دفعت في اتجاه إرساء إطار أمني أوروبي مستقل عن حلف شمال الأطلسي.

حتى هذه اللحظة، لم يظهر السلوك الغربي ما يؤشر إلى إمكانية تبني هذا الخيار. فالمسار الغربي ما زال قائماً وفق سياسة الدعم اللامحدود لأوكرانيا من دون الانخراط بشكل مباشر في النزاع.

فبالإضافة إلى الدعم الأميركي الذي تخطى 30 مليار دولار، تبنى الاتحاد الأوروبي منذ أيام حزمة من المساعدات تتخطى 55 مليار دولار لتوظيفها في إعادة الإعمار.

هذا بالإضافة إلى الدعم العسكري الذي قارب 200 مليار دولار، والذي أظهر تصعيداً غير مسبوق، إذ تتحضر كييف لتسلم طائرات F-16، بعد أن تسلمت سابقاً عدداً منها ومن الدبابات والآليات والأسلحة البريطانية والأوروبية والأميركية.

يمكن القول إن هذا السيناريو هو الأكثر توافقاً مع المفهوم الغربي للحروب الحديثة، إذ يعتمد الجيل الرابع منها أسلوب الحرب بالوكالة كإحدى أهم الأدوات المستخدمة في مواجهة الدولة المستهدفة. فمن خلال الدعم اللامحدود لأوكرانيا، قد تنجح القوى الغربية في استنزاف روسيا ومحاولة كسرها من دون أن تتعرض لأخطار مادية وبشرية تفوق قدرتها على تحملها.

فإذا قاطعنا تصريحات رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي حين زارت كييف في مارس 2022، والتي وصفت خلالها المعركة في أوكرانيا بأنها حرب بالوكالة بين "الحريات الغربية الديمقراطية وقوى الاستبداد التي تجسدها روسيا" مع ما أفادت به صحيفة "بوليتيكو" من أن الولايات المتحدة تستعد للسيناريو الذي يتضمن تجميد حرب أوكرانيا واستمراره لسنوات طويلة مع قناعة تامة بأن الهجوم الأوكراني لن يوجه ضربة قاضية لروسيا، يمكن التأكيد أن هذا الخيار، المتمثل بالدعم اللامحدود من دون الانخراط المباشر في مواجهة روسيا، هو الأكثر قابلية للاستمرار بعد ترنح القوات الأوكرانية على الجبهة.

*د. وسام إسماعيل باحث واستاذ جامعي لبناني

المصدر | الميادين نت

  كلمات مفتاحية

روسيا استنزاف الناتو أوكرانيا الغرب حلف شمال الأطلسي الهجوم المضاد محدودية الخيارات الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي

زيلينسكي: القوات الأوكرانية أخذت زمام المبادرة لاستعادة أراضينا

ماسك يحذر من عواقب فشل الهجوم الأوكراني المضاد: ستفقد المزيد من أراضيها

و.س. جورنال: الغرب يفكر في هجوم أوكراني مضاد خلال ربيع 2024