لهذه الأسباب.. أوكرانيا بحاجة إلى عضوية الناتو وليس "النموذج الإسرائيلي"

الأحد 9 يوليو 2023 12:25 م

بينما تشن أوكرانيا هجومًا مضادًا صعبًا ومكلفًا ضد الغزو الروسي، يناقش أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" كيفية تعزيز القدرات العسكرية لكييف وضمان سيادتها على المدى الطويل. وبحسب ما ورد، أبلغت إدارة جو بايدن الكونجرس بأنها تريد نموذج المساعدة الأمنية على أساس علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل.

يتناول مقال إيان بريجنسكي في معهد "أتلانتك كاونسل"، والذي ترجمه "الخليج الجديد" نهج دعم الغرب لأوكرانيا على نموذج إسرائيل، كبديل عن عضويتها في الناتو، ويرى أنه تطبيق خاطئ ومن شأنه أن يديم العدوان الروسي إلى أجل غير مسمى.

يذكر المقال أنه على مدى عقود، عززت الولايات المتحدة أمن إسرائيل من خلال توفير 2-4 مليار دولار كمساعدة تسليح سنوية. اليوم، تم تقنين هذه المساعدة في اتفاقية مدتها 10 سنوات توجه 38 مليار دولار من الدعم العسكري لإسرائيل بين عامي 2019 و 2028.

في حين أن واشنطن لا تزود إسرائيل بضمانات أمنية - التزامات بالتدخل عسكريًا في حالة وقوع هجوم؛ فإن مساعداتها العسكرية قد مكنت تل أبيب من تطوير واحدة من القوات المقاتلة الأولى في العالم.

وينوه المقال إلى خشية أولئك الذين يدافعون عن هذا النموذج بالنسبة لأوكرانيا من أن توسيع عضوية الناتو لتشمل كييف اليوم قد يجر الحلف إلى حرب تنطوي على مخاطر تصعيد خطيرة، ويؤكدون أن ترتيبات المساعدة الأمنية طويلة الأجل يمكن أن تحافظ على التفوق العسكري النوعي لأوكرانيا على روسيا، ويجادلون بأن هذا سيؤدي في النهاية إلى كسر إرادة موسكو وإلى تسوية سلمية، وبعد ذلك يمكن منح كييف عضوية الناتو.

في الواقع، كانت المساعدة الأمريكية حاسمة لبقاء إسرائيل؛ فالمقاتلون الإسرائيليون، مثل نظرائهم الأوكرانيين، موضع إعجاب في جميع أنحاء العالم؛ "لشجاعتهم ومثابرتهم وبراعتهم". ولكن هذا هو المكان الذي ينتهي عنده التشابه، حيث تواجه أوكرانيا تهديدا مختلفا للغاية وأكثر تحديا في نهاية المطاف.

إن أعداء إسرائيل في العالم الإسلامي ليسوا قوى عظمى، فهم متباينون وغالبًا ما يكونون منقسمين، بعضهم فقراء ويعانون من انقسامات داخلية كبيرة، لا أحد من جيوشهم يتمتع بقدرات عالية، وقد هزمت إسرائيل البعض منهم، ولا يوجد بينهم من هو مسلح بأسلحة نووية.

النموذج الإسرائيلي مختلف

إسرائيل، وفقا للمقال، لديها أسلحة نووية مثل روسيا، وعلى النقيض من ذلك، تخلت كييف عن رادعها النووي في عام 1994 تحت ضغط من الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى.

ويضيف الكاتب أن العديد من أعداء إسرائيل السابقين هم الآن شركاء أمنيون لها، وقد استفاد البعض من المساعدات الاقتصادية الغربية والمعدات العسكرية.

تمكن هذه العلاقات الغرب من ممارسة بعض التأثير، (وإن لم يكن دائمًا حاسمًا) على أفعال الشركاء، ولكن الغربيين ليسوا في طريقهم ليكون لهم نفوذ مماثل على روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين.

ويشير الكاتب إلى أنه حتى النموذج الإسرائيلي لم يمنع الهجمات، لقد عانى الإسرائيليون عقودًا من نيران المدفعية، والضربات الصاروخية، والهجمات عبر الحدود - بما في ذلك تلك التي دبرتها إيران، والتي يمكن القول إنها تواجه عقوبات غربية أكثر صرامة من تلك المفروضة على روسيا.

ويرى المقال أن كييف تواجه خصمًا أكثر أهمية بكثير؛ حيث أن روسيا دولة موحدة ضخمة يزيد عدد سكانها عن 3 أضعاف سكان أوكرانيا، واقتصادها أكبر بعشر مرات، وإن تصميم موسكو على محوها وتاريخها يتجاوز بكثير الكثافة الجماعية لخصوم إسرائيل.

ويعتقد الكاتب أن الحفاظ على أوكرانيا في ظل هذه الظروف سيكون أكثر تكلفة بكثير مما قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل؛ حيث يقدر معهد "كيل" للاقتصاد العالمي أن كييف تلقت أكثر من 150 مليار دولار من التزامات المساعدة العسكرية والاقتصادية والإنسانية في العام الأول فقط من الحرب، ومن هذا المجموع، جاء 77 مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها.

إذا سلم المجتمع الغربي كييف إلى النموذج الإسرائيلي، فستترك أوكرانيا إلى أجل غير مسمى في المنطقة الرمادية من انعدام الأمن، والتي حفزت بشكل متكرر طموحات بوتين في الهيمنة إلى أعمال عنيفة.

خيار بدون جدوى

ستضطر أوكرانيا، وفق اعتقاد الكاتب، إلى النظر في خياراتها، وبغض النظر عن المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، فقد قامت إسرائيل في كثير من الأحيان بأعمال عسكرية ضد خصومها تتناقض مع رغبات المحسنين الغربيين، وطورت ترسانتها النووية، "لكن لماذا لا تفعل أوكرانيا الشيء نفسه؟".

ويعتقد الكاتب أنه طالما أن الناتو غير ملتزم تمامًا بالدفاع عن أمن أوكرانيا، فسيواصل بوتين سعيه العنيف، خاصة إذا كان يعتقد أن استمرار الصراع هو المفتاح لمنع عضوية كييف في الحلف، ويجب ألا يُمنح الرئيس الروسي حق النقض (الفيتو) لأجل غير مسمى على الأمن عبر المحيط الأطلسي.

ويرى الكاتب أن منح عضوية الناتو لأوكرانيا أمر بالغ الأهمية لضمان فوزها في الحرب ضد روسيا بسرعة وحسمها، "إنها الطريقة الأكثر وضوحًا للإثبات لبوتين أن السيطرة على أوكرانيا أمر غير قابل للتحقيق ومهدر. إنها الطريقة الأكثر موثوقية لضمان عدم تكرار مثل هذا العدوان مرة أخرى".

ويوضح أن إنشاء موقف لقوة التحالف لردع العدوان الروسي على أوكرانيا بمصداقية سيكون أقل عبئًا من الناحية المالية من تعزيز دفاعات أوكرانيا ودعمها وإعادة بناء اقتصادها في ظل ظروف الحرب الدائمة.

ويخلص الكاتب إلى أنه يمكن لحلف الناتو أن يوسع ضمانه الأمني ليشمل الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا وقت الانضمام، ويمكن معالجة بقية أوكرانيا في المستقبل؛ فقد كان هذا هو الحال في ألمانيا، حيث كان ثلث أراضيها تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي عندما انضمت إلى الحلف.

ويتوقع المقال أنه سيتعين على موسكو بعد ذلك أن تقرر ما إذا كانت ستوسع حربها لتشمل الحلف، وقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن القوات الروسية غير مستعدة لهذه المهمة بشكل واضح.

بينما يقترب قادة الحلف من اجتماع قمتهم في فيلنيوس، ليتوانيا، في 11 يوليو/تموز، فإن الولايات المتحدة يظهر إحجامها عن منح كييف دعوة وخارطة طريق واضحة لعضوية الناتو.

إن اتخاذ هذه الخطوة ضروري لتعزيز الروح المعنوية للشعب الأوكراني في لحظة حاسمة من هذه الحرب، وإقناع موسكو بأن طموحاتها في الهيمنة غير قابلة للتحقيق، وإرساء الاستقرار العسكري على طول حدود أوروبا مع روسيا.

ويختم المقال بأن هذا ليس فقط لمصلحة أوكرانيا، إنه يعود بالفائدة الاستراتيجية على المجتمع عبر الأطلسي.

المصدر | إيان بريجنسكي / أتلانتك كاونسل – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا الناتو بايدن اسرائيل بوتين