منتدى الخليج الدولي: تمرد فاجنر كشف حماقة إيران بالتحالف الاستراتيجي مع روسيا

الثلاثاء 11 يوليو 2023 08:57 م

رأى الأكاديمي والمحلل السياسي المتخصص في الديناميكيات الجيوسياسية والإقليمية في الشرق الأوسط، كينيث كاتزمان، أن تمرد مجموعة "فاجنر" شبه العسكرية قصير الأمد ضد مؤسسة الدفاع الروسية؛ كشف عن عدم حكمة قرار طهران بالدخول في تحالف استراتيجي مع موسكو.

وأشار كاتزمان في تحليل نشره منتدى الخليج الدولي، إلى أن العقود الأربعة الأخيرة تميزت بوجود خلافات مستمرة بين طهران وواشنطن، لكن قرارات إيران الاستراتيجية الأخيرة، بما في ذلك انحيازها للعدوان الروسي على أوكرانيا وتزويدها موسكو بأسلحة نوعية؛ أثر بشدة على مكانة الدولة الفارسية على الصعيد العالمي.

وأوضح أن إيران لا تزال في الوقت الحالي غير قادرة على تدارك تلك الخطوة الخاطئة رغم بذلها جهودا مكثفة في هذا الصدد لتقليل الخسائر.

رهان على بوتين

بحسب كاتزمان، فإن إيران توجت علاقاتها المتعمقة مع موسكو على مدار العقد الماضي، باتخاذ قرار تقديم دعم مباشر ومادي لحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا، والتي انطلقت في فبراير/شباط 2022.

وتمثل جوهر تعاون طهران مع عدوان موسكو في توريد الدولة الفارسية عدة مئات من الطائرات بدون طيار من طرازات "شهيد" و"مهاجر" المصممة والمصنعة في إيران، لسد الفجوة في الترسانة الروسية أمام أوكرانيا التي زودتها تركيا بمسيرات "بيرقدار".

كجزء من اتفاقية المبيعات، ورد أيضًا أن إيران أرسلت مدربين ومستشارين إلى القواعد الروسية في شبه جزيرة القرم المحتلة لمساعدة القوات الروسية على تحسين استخدامها للأنظمة.

إلى جانب الاتفاق الإيراني على إمداد مسيرات "شهيد" و"مهاجر"، كشف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي دعمه للجهود الحربية الروسية، جزئيًا، من خلال ترديده تأكيدات بوتين بأن توسع الناتو ودعم الولايات المتحدة لأوكرانيا أجبره على مهاجمتها من أجل تأمين روسيا.

على عكس تركيا والهند والصين والقوى الأخرى التي انحازت نحو روسيا لحماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، وضعت طهران نفسها في تحالف كامل مع موسكو، وتراهن كما يبدو على أن تصميم بوتين وقوته الكبيرة ستمكنه من الانتصار عسكريًا وسياسيًا.

رد غربي

وفق كاتزمان، أدى قرار إيران بالانخراط المباشر في صراع أوروبي كبير، وبعيد عن نطاق نفوذها التقليدي في الشرق الأوسط، إلى تداعيات غربية فورية وسلبية.

وذكر أن خطوة إيران وضعتها في مواجهة غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)

وفي غضون ذلك، وجهت الولايات المتحدة والدول الأوروبية انتقادات متزايدة لإيران واتهمتها بقمع مظاهرات "المرأة والحياة والحرية" التي اندلعت في سبتمبر/ أيلول 2022.

كما انتكست محاولات واشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي، والتي اقتربت بشدة في أغسطس/آب 2022، لكنها انهارت وتم تعليقها لاحقا، وكانت تلك الخطوة حال إتمامها كفيلة برفع العقوبات المفروضة على الدولة الفارسية.

ليس هذا فحسب، فقد فرضت الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي كثفت مساعداتها العسكرية لأوكرانيا لمواجهة التهديد الروسي، عقوبات جديدة كبيرة على الكيانات الإيرانية المشاركة في إنتاج الطائرات بدون طيار المسلحة، وكذلك على الموردين الدوليين لتلك البرامج.

فشل تدارك العواقب

مع تراجع حظوظ موسكو في ساحة المعركة بمواجهة الهجمات المضادة الأوكرانية في صيف وخريف عام 2022، سعى القادة الإيرانيون، وفقا لكاتزمان، للحد من الأضرار التي لحقت بسمعة إيران بسبب مبيعات الطائرات بدون طيار.

وسارعت طهران في البداية بإنكار تزويدها موسكو بالطائرات المسيّرة أو أي معدات عسكرية، لكن سرعان ما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية والتصريحات الرسمية الأخرى إكمال الدولة الفارسية شحنات الأنظمة إلى روسيا.

ولاحقا، سعى المسؤولون الإيرانيون إلى إقناع المجتمع الدولي بأن الطائرات بدون طيار قد تم تزويد روسيا بها قبل غزو أوكرانيا بفترة طويلة، وبالتالي سعوا لتصوير طهران على أنها تجهل خطط موسكو لاستخدام المسيّرات ضد أهداف مدنية أوكرانية.

وفي إشارة إلى عدم دعمها لاستخدامها في أوكرانيا، قال وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في نوفمبر/تشرين الثاني: "إذا ثبت لنا أن روسيا استخدمت طائرات إيرانية بدون طيار في حرب أوكرانيا، فلن نكون غير مبالين بها".

عندما فشلت التفسيرات الإيرانية في تهدئة المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، ورد أن المسؤولين الإيرانيين سعوا إلى إعادة هيكلة ترتيب الطائرات بدون طيار؛ لتمكين القادة الإيرانيين على الأرجح من القول بأنها لم تعد تساعد بشكل مباشر المجهود الحربي الروسي.

اقترنت محاولات إيران لإبعاد نفسها عن المجهود الحربي الروسي بالدبلوماسية؛ سعيًا على ما يبدو لتهدئة المنتقدين في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين رأوا بأن طهران قد تجاوزت الخط الأحمر الغربي بالانضمام إلى جهود موسكو الحربية.

في مارس/أذار 2023، وافقت إيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وهي الخطوة الأخيرة في تواصل أوسع مع دول الخليج، مثل الإمارات، التي دعت إلى الضغط على طهران.

كما أجرت إيران محادثات غير مباشرة مع المسؤولين الأمريكيين بشأن تفاهمات غير رسمية من شأنها أن تتجنب حدوث أزمة بشأن توسع إيران في برنامجها النووي، وتؤدي إلى إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين من طهران، وتحرير بعض أصول النقد الأجنبي الإيرانية، المقيدة بموجب العقوبات الأمريكية.

ومع ذلك، بناءً على البيانات والاقتراحات التشريعية في الكونجرس الأمريكي والعواصم الأوروبية والهيئات الرسمية الأخرى، من الواضح أن ارتباط إيران المباشر بجرائم الحرب والوحشية التي ترتكبها روسيا في أوكرانيا أدى إلى تعميق عدم الثقة بطهران في الغرب.

بدأ بعض الخبراء والمسؤولين في الدعوة علانية إلى عمل عسكري أمريكي أو إسرائيلي أو أوروبي ضد إيران.

بينما حاولت طهران التخفيف من التداعيات من خلال إنكار تورطها واستخدام الدبلوماسية، فإنها لا تستطيع محو الآثار المترتبة على قراراتها.

لقد أدت العقوبات التي فرضها الغرب ردًا على مبيعات الطائرات بدون طيار الإيرانية، إلى جانب انهيار المحادثات بشأن استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى إضعاف آمال إيران في الحصول على مساعدة اقتصادية.

كما أدى الغضب العالمي ضد ارتباط إيران بالفظائع المرتكبة في أوكرانيا إلى تعميق عدم ثقة الغرب في طهران.

علاوة على ذلك، فإن التمرد الفاشل الأخير من قبل ميليشيا مجموعة "فاجنر" الخاصة ضد مؤسسة الدفاع الروسية شكك في حكمة التحالف الاستراتيجي الإيراني مع موسكو.

بينما يواصل قادة إيران البحث عن طرق لاستعادة سمعة بلادهم الملوثة وعلاقاتها الدبلوماسية، لا يزال من غير الواضح كيف يمكنهم تصحيح العواقب الجيوسياسية لقراراتهم بنجاح.

المصدر | كينيث كاتزمان/ منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران التحالف الإيراني الروسي عواقب التحالف الروسي الإيراني