تزامنا مع صعود الصين.. لماذا تعزز الهند شراكتها الاستراتيجية مع مصر؟

الخميس 13 يوليو 2023 01:16 م

تستمر الولايات المتحدة وشركاؤها في التصدي لتصاعد النفوذ الصيني في المنطقة، لاسيما بعد توقيع مصر والهند الشهر الماضي على إعلان رفع العلاقات لمستوى الشراكة الاستراتيجية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.

وأجرى رئيس وزراء الهند، نارندرا مودي  يومي 24 و25 يونيو/حزيران زيارة تاريخية إلى القاهرة والتقى خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل أن يعلنا رفع العلاقات بين البلدين لمستوى الشراكة الاستراتيجية، واتفقا على زيادة التجارة الثنائية إلى 12 مليار دولار أمريكي سنويًا، مقابل حوالي 7.26 مليارات دولار في الوقت الحالي.

كما وجه مودي الدعوة للسيسي لحضور قمة العشرين المنتظر عقدها سبتمبر/أيلول المقبل في الهند كضيف شرف إلى جوار رئيس الإمارات وسلطان عمان.

وتقول منصة "أسباب" في تقرير، إن زيارة رئيس وزراء الهند إلى مصر -التي هي الأولى من نوعها منذ عام 1997- تأتي ضمن مساعي الهند لطرح نفسها كقطب على المسرح العالمي عبر بناء شراكات استراتيجية مع القوى الفاعلة في منطقة غرب آسيا وأفريقيا.

وتشير إلى أن هذا الهدف دفع نيودلهي للانخراط في صيغة I2U2 مع الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات، وصيغة للتعاون الثلاثي مع فرنسا والإمارات، فضلا عن صيغ تعاون ثنائي مع القوى الإقليمية التي تسعى لتعزيز مصالحها الوطنية والتحوط في علاقاتها الدولية في عصر تنافس القوى العظمى، كما هو الحال في علاقتها مع السعودية، وأخيرا مع مصر.

وتشير "أسباب" إلى أن التوجهات الهندية تحظى بدعم واشنطن التي تريد توظيف دور الهند كقوة حليفة في وجه العملاق الصيني، لذا كان من الملفت أن زيارة مودي للقاهرة جاءت خلال رحلة عودته من الولايات المتحدة.

وحسب التقرير، ترى نيودلهي أن مصر تحظى بأهمية في أربع مناطق استراتيجية تشمل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وأفريقيا وغرب آسيا، لذا فإن تطوير العلاقات معها يساهم في تعزيز التواجد الهندي في الأسواق الأفريقية والأوروبية.

مصالح مصرية

من جانبها تسعى مصر إلى تأمين واردات القمح من الهند في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.

 كما تحرص القاهرة على جذب استثمارات هندية إلى المنطقة الصناعية بقناة السويس، واستخدام الأراضي المصرية كمنصة لتصدير البضائع الهندية إلى تركيا وأوروبا وشمال أفريقيا، وهو ما تقوم به حاليا بالفعل المجموعتين الهنديتين "سنمار للكيماويات" و”أديتا بيرلا" عبر شركتها التابعة "بيرلا كاربون".

كما تستهدف مصر الاستفادة من خبرة نيودلهي في مجال الاتصالات والصناعات الدوائية والزراعة والطاقة المتجددة، وفق التقرير.

ويلفت التقرير إلى أن الهند تأتي في المرتبة السابعة بين الشركاء التجاريين لمصر، وقد تؤدي مستهدفات تطوير التبادل التجاري التي أعلنها الجانبان إلى وضع الهند بين أكثر خمس شركاء تجاريين للقاهرة.

ويضيف: "الأهم من ذلك؛ فإن القاهرة فيما يبدو تسعى للحصول على خط ائتماني من الهند، بحسب وزير التموين المصري علي المصيلحي، وهو ما يعني أن الهند لن تكون مجرد شريك اقتصادي ولكن قد تصبح حليفا اقتصاديا لمصر التي تواجه أزمة اقتصادية. كما أن مناقشات الجانبين، والتي لم تسفر عن شيء بعد، تشمل أيضا التبادل التجاري بالعملات المحلية".

أبعاد أمنية وعسكرية

من جانب عسكري؛ تسعى الهند، بحسب التقرير، إلى تغيير وضعها كأحد أكبر مستوردي الأسلحة في العالم بزيادة التصنيع الدفاعي المحلي، والاستفادة من الظرف الذي تمر به الصناعات الدفاعية الروسية عبر التصدير للأسواق الخارجية وتحسين ترتيبها المتواضع، في المرتبة 24، بين أكبر مصدري المواد الدفاعية عالميا.

ويتابع التقرير أن مصر تمثل سوقا واعدا للأسلحة الهندية في ظل سعي القاهرة لتنويع مصادر وارداتها من الأسلحة.

وسبق أن ناقش قائد القوات الجوية المصرية الفريق محمد حلمي، خلال زيارته للهند في يوليو/تموز 2022، استبدال طائرات "ميراج 5" القديمة التي تمتلكها مصر بـ 70 طائرة مقاتلة خفيفة متعددة المهام من شركة "هندوستان" الهندية.

ويقول التقرير: "في البعد الأمني؛ لدى نيودلهي والقاهرة تصورا مشتركا تجاه بعض التهديدات الأمنية، مثل صعود حركة طالبان في أفغانستان، والتخوف من تنامي أنشطة الجماعات الإسلامية".

ولذا تضمنت مذكرة التفاهم العسكري والأمني الموقعة بين البلدين في سبتمبر/أيلول 2022 شراكة استخباراتية بين جناح البحث والتحليل الهندي وجهاز المخابرات العامة المصري، فيما استضافت ولاية راجستان في يناير/كانون ثاني 2023 وحدة مصرية من القوات الخاصة قوامها 180 جنديا لإجراء تدريبات ثنائية مشتركة، كما يجري التنسيق لعقد اجتماع مستقبلي لمجموعة مكافحة الإرهاب المشتركة، على حد قوله.

وتوضح منصة "أسباب": "من زاوية القوة الناعمة، ترى الهند في مصر التي يوجد بها الأزهر الشريف حليفا ضد الاتهامات الموجهة لها باضطهاد المسلمين، وضد التحركات الباكستانية في منظمة التعاون الإسلامي".

وتشير إلى أن نيودلهي التقطت إشارة امتناع القاهرة عن الإدلاء بأي تعليقات سلبية ضدها خلال أزمة تصريحات المتحدثة الرسمية باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، "نوبور شارما"، ضد النبي صلى الله عليه وسلم في عام 2022، فيما حرص مودي خلال زيارته للقاهرة على تفقد مسجد بنته طائفة البهرة، وذلك لإيصال رسالة بأنه متسامح تجاه المسلمين.

ويبين التقرير أنه في ظل تبني نيودلهي سياسة خارجية نشطة لتعزيز وجودها على المسرح العالمي، وبحث القاهرة عن مخارج من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة، يتوقع أن يزداد التعاون بين البلدين لتحقيق مصالحهما المشتركة، وبالأخص في ظل دعم واشنطن لتلك النوعية من الشراكات على حساب الحضور الصيني في الشرق الأوسط، ووجود رصيد من علاقات الصداقة التاريخية بين الجانبين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر والهند مصر عبدالفتاح السيسي شراكة استراتيجية الصين

مصر والهند.. تقارب سريع على أرضية تحولين جيوسياسيين وقناة السويس كلمة السر