لهذه الأسباب.. قطر أفضل صديق خليجي لأمريكا

الجمعة 14 يوليو 2023 12:50 م

سلط الخبير في شؤون الشرق الأوسط "جيمس دورسي" الضوء على اتفاقية تصدير الغاز المسال القطري إلى الصين، باعتبارها الأطول في تاريخ تصدير الغاز (27 عاما)، معتبرا إياها دليلا على مقاربات دول الخليج المختلفة للتعامل مع تنافس القوى الكبرى بين الصين والولايات المتحدة.

وذكر دورسي، في تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة ينظر إليها إلى أنها تمنح الصين قبضة على الغاز القطري، وهي اتفاقية تجارية بقدر ما هي ترتيب أمني، وتعترف بالصين كأكبر سوق تصدير للدولة الخليجية، كما تمنح الصين دورا في حماية قطر.

وقطر ليست الدولة الخليجية الوحيدة التي تمنح الصين وصولاً تفضيلياً لاحتياطيات الطاقة لديها، بل تفعل ذلك أيضا السعودية والإمارات، حيث أصبحت الصين سوقهما الأول.

لكن ثمة فارقا يتمثل في أن تعاملات قطر بمجال الطاقة مع الصين جزء لا يتجزأ من سياسة تربط الدولة الخليجية بالولايات المتحدة على نطاق واسع، وتؤكد على فائدة الدولة الخليجية كوسيط.

بينما تأتي تعاملات الطاقة السعودية والإماراتية مع الصين في إطار سياسات "استقلال" عن نفوذ الولايات المتحدة، بل في إطار "المعارضة والنأي بالنفس" عن سياسات الولايات المتحدة في بعض الأحيان، ما قد أثار غضب واشنطن أحيانا.

وفي الشهر الماضي، ظهر التباين بشكل كامل، ففي حين أثار رئيس الإمارات، محمد بن زايد، الدهشة باعتباره الرئيس الإماراتي الوحيد الذي حضر منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي، طار رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد أسبوع، والتقى بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو.

وهنا ينقل دورسي عن أستاذي السياسة، جوناثان لورد وإيرونا بايغال، إلى أن بن زايد أثبت "أنه شريك مخلص للولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا، لكن في الآونة الأخيرة لم يكن لديه الكثير ليظهره".

وفي توضيح آخر للتناقض، رتبت قطر لقاءً بين مسؤول فنزويلي وأمريكي كبير الشهر الماضي لتحسين العلاقات المتوترة الناتجة عن اعتراف الولايات المتحدة بزعيم المعارضة، خوان جوايدو، كرئيس شرعي لفنزويلا والعقوبات الأمريكية ضد الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية. وقال مسؤولون إن تلك المحادثات قد تؤدي إلى تبادل للأسرى.

ويرى خبير السياسة الخارجية في بروكسل، إلدار ماميدوف، أن "الانخراط في فنزويلا هو استراتيجية عالية المكاسب/منخفضة المخاطر. فمن خلال تقديم خدماتها، تعمل الدوحة على تعزيز سمعتها الناشئة كوسيط دبلوماسي عالمي، ومساعدة واشنطن في العديد من المجالات الحساسة سياسياً بشكل خاص".

وكانت قطر في وضع جيد لأنها لم تنضم إلى عدد كبير من الحكومات التي تعترف بغوايدو رئيسا لفنزويلا، ولم تلتزم بالعقوبات ضد كاراكاس، ولم يثر ذلك غضب واشنطن.

روسيا والصين

وبالمثل، تستضيف قطر مكتب حركة طالبان الأفغانية بناء على طلب الولايات المتحدة، وسهلت تلك الاستضافة انسحاب الولايات المتحدة المتفاوض عليه في عام 2021 من أفغانستان واتصالات الولايات المتحدة وطالبان منذ ذلك الحين.

ومع الانسحاب الجاري، قدمت قطر، مثل الإمارات العربية المتحدة، مساعدة لوجستية كبيرة، وعلاوة على ذلك، تتوسط، في بعض الأحيان، لنقل الرسائل بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي الوقت نفسه، لم تظهر قطر، على عكس الإمارات، كملاذ للروس الذين يسعون للالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية، بما في ذلك مجموعة فاجنر الروسية، أو المجرمين المشتبه بهم والمسؤولين الفاسدين.

ونتيجة لذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات إماراتية، وليس قطرية؛ لخرقها العقوبات الأمريكية على روسيا وإيران.

وإضافة لذلك، أكدت قطر أنها أقل اعتمادًا على تكنولوجيا الاتصالات الصينية التي تخشى الولايات المتحدة من أنها قد تمنح بكين إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية المدمجة في أنظمة الأسلحة وغيرها من المشاريع الأمنية.

وفي العام الماضي، كافأت الولايات المتحدة قطر، موطن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، بمنحها صفة حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ومن المؤكد أن الإمارات والسعودية كانتا متعاونتين، حيث تفاوضت مؤخرًا على تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا. وسبق أن ساهمت الإمارات بقوات في دعم الولايات المتحدة بأفغانستان.

وتتجذر المقاربات الخليجية المختلفة في استجابة قطر لفشل المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية التي استمرت 3.5 سنوات بقيادة الإمارات والسعودية، إذ تم رفع الحظر في أوائل عام 2021 دون رضوخ الدولة الخليجية لمطالب كانت ستضع قطر تحت وصاية الرياض وأبوظبي.

وخلال المقاطعة، شددت قطر بشكل كبير علاقتها الأمنية وتعاونها مع الولايات المتحدة في مكافحة تمويل الإرهاب. ونتيجة لذلك، تختلف التصورات القطرية للعلاقات مع الولايات المتحدة عن التجربة السعودية والإماراتية.

وفي السياق، ينقل دورسي عن الخبير السياسي السعودي، علي الشهابي، إلى أن المملكة "تغيرت بشكل كبير على مر السنين، من بدايتها قبل الحرب العالمية الثانية إلى دولة أكثر ثقة بالنفس في مجموعة العشرين".

وأضاف أن المواقف السعودية ذات النزعة الاستقلالية عن الولايات المتحدة تصاعدت بسبب تصورات مفادها أن "المظلة الأمنية الأمريكية ضعفت"، ما أقنع القادة السعوديين بأن عليهم البحث في مكان آخر لضمان أمنهم.

وسبق أن أعرب المسؤولون الإماراتيون عن شكاوى مماثلة بشأن إحجام الولايات المتحدة عن الرد على هجمات على أبوظبي، مدعومة من إيران.

ومع ذلك، لا تزال أمريكا الشمالية هدفًا استثماريًا رئيسيًا لصناديق الثروة السيادية الإماراتية والسعودية، وخصصت هيئة أبوظبي للاستثمار، التي تبلغ قيمة أصولها 829 مليار دولار، العام الماضي، ما بين 45 و 60% من استثماراتها لأمريكا الشمالية، بحسب دورسي.

المصدر | جيمس دورسي/أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات السعودية الخليج الطاقة الصين روسيا

قطر وأمريكا تبحثان العلاقات الثنائية وقضايا دولية