مصر والتضخم.. مغامرة بزيادة المعروض تفاقم الأزمة الاقتصادية

السبت 15 يوليو 2023 07:31 ص

تغامر مصر بالتسبب في تفاقم تضخمها القياسي ووضع مزيد من الضغط على الجنيه، ما لم تبطئ وتيرة زيادة المعروض النقدي الذي يقول مصرفيون ومحللون إنه يُستخدم لسد العجز المتزايد في الموازنة.

وتظهر أرقام البنك المركزي أن المعروض النقدي "ن1"، الذي يشمل العملة المحلية المتداولة والودائع تحت الطلب بالجنيه المصري، قفز 31.9% خلال عام، حتى نهاية مايو/أيار من عام 2023، بعدما زاد 23.1% في السنة المالية المنتهية في نهاية يونيو/حزيران من عام 2022، و15.7% في السنة المالية، 2021/2020.

وتسارع نمو المعروض النقدي بشكل حاد على مدى 3 سنوات، تكشفت خلالها نقاط الضعف الأساسية في الاقتصاد المصري، بعد تعرضه لسلسلة من الصدمات بما في ذلك جائحة (كوفيد-19) والحرب في أوكرانيا.

كما تتعرض المالية العامة للدولة لضغوط بسبب عجز مستمر في العملة الأجنبية والديون المتزايدة التي تحتاج لإعادة تمويل أو سداد 20 مليار دولار منها خلال الاثني عشر شهر المقبلة.

وفي غضون ذلك، ارتفع الإنفاق بدرجة كبيرة، مع سعي الدولة لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة تشمل مدنا جديدة، وتوسعة كبيرة لشبكة الطرق، بينما تحاول الاستمرار في تقديم بعض الدعم في ظل تدني مستويات المعيشة.

وتتوقع وزارة المالية أن يبلغ عجز الميزانية 824.4 مليار جنيه (26.7 مليار دولار) في السنة المالية 2024/2023، التي بدأت في أول يوليو/تموز، ارتفاعا من عجز تقديري قدره 723 مليار جنيه (23.44 مليار دولار) في 2023/2022، و486.5 مليار جنيه (15.77 مليار دولار) في 2022/2021.

كما تظهر بيانات الوزارة، أنها تتوقع ارتفاع الإنفاق الإجمالي إلى 2.07 تريليون جنيه (67.11 مليار دولار) هذا العام، من 1.81 تريليون جنيه (58.68 مليار دولار9) في 2023/2022.

ويقول المحللون إن طباعة المزيد من الجنيهات بوتيرة سريعة، يؤدي إلى زيادة التضخم وزيادة ضعف العملة.

وقال باترك كوران من "تيليمر": "في ضوء القدرة المحدودة على الحصول على تمويل خارجي وتعرض القطاع المصرفي للديون الحكومية بنسبة كبيرة، فإن الإخفاق في كبح عجز الميزانية قد يؤدي إلى المزيد من تمويل العجز بزيادة المعروض النقدي وتفاقم مشاكل التضخم والعملات الأجنبية في مصر".

ولم يرد البنك المركزي ولا وزارة المالية في مصر على طلبات للتعليق.

وتسارع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 35.7%، في يونيو/حزيران، متجاوزا مستواه القياسي السابق، المسجل في 2017، ومقارنة مع 30.6%، في أبريل/نيسان، بينما قفز التضخم الأساسي لمستوى قياسي أيضا مسجلا 41%.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، رفع "جيه بي مورجان" توقعاته لمتوسط معدل التضخم في السنة المالية الجديدة، التي تنتهي في يونيو/حزيران عام 2024، إلى 22.7% من 21.3% "نتيجة استمرار الضغوط (التضخمية) وبسبب مخاطر العملة الأجنبية".

ومن المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم الأساسي 23.5%.

وتراجع سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري بواقع النصف أمام الدولار، منذ مارس/آذار عام 2022، وبأكثر من ذلك في السوق السوداء.

وتتوقع سوق العقود الآجلة للعملة أن يهبط الجنيه إلى 40 مقابل الدولار خلال العام المقبل من حوالي 30 حاليا.

ويرجع جزء كبير من العجز في الميزانية المصرية إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الدين الداخلي والخارجي الذي سجل زيادة كبيرة خلال الثماني سنوات الماضية.

وتفاقمت فاتورة الفوائد بعدما بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) رفع أسعار الفائدة، في مطلع عام 2022، ومع تفادي المستثمرين لديون الأسواق الناشئة.

وتتوقع وزارة المالية أن تستهلك مدفوعات خدمة الدين الداخلي والخارجي حوالي 52.3% من إيراداتها، في السنة المالية 2024/2023.

ومن المقرر صرف قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، على مدى 46 شهرا، بعد تأكيده، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، غير أن المراجعة الأولى للبرنامج تأجلت وسط عدم تيقن بشأن تعهد مصر بالانتقال إلى سعر صرف مرن لعملتها المحلية وبيع أصول مملوكة للدولة.

ويقول مصرفيون ومحللون، إن الطريقة الأساسية التي زاد بها البنك المركزي المعروض النقدي هي الإقراض المباشر للحكومة، بما يشمل شراء سندات حكومية.

ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ما أعلنه البنك المركزي عن صافي المطالبات المستحقة على الحكومة الذي قفز إلى 1.48 تريليون جنيه (47.98 مليار دولار)، بنهاية مايو/أيار عام 2023، من 1.06 تريليون جنيه (34.36 مليار دولار) بنهاية يونيو/حزيران من عام 2022.

وقد ترتفع فاتورة الفائدة على الدين المحلي أكثر بعد رفع سعر الفائدة لأجل ليلة بمقدار ألف نقطة أساس منذ مارس/آذار عام 2022.

كما قفز سعر الفائدة على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 24.07% في أحدث مزاد، في 6 يوليو/تموز من 14.09% قبل عام.

وعلى مدى الأشهر الخمسة المنقضية، خفضت وكالات التصنيف الائتماني "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش"، تصنيف الدين السيادي لمصر.

وفي مايو/أيار، وضعت وكالة "موديز" مصر "قيد المراجعة" من أجل خفض آخر محتمل، وعزت ذلك لبطء التقدم في بيع الأصول.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

مصر ديون التضخم ارتفاع أسعار الجنيه المعروض الدين العام ميزانية

التضخم في مصر.. ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 68.2% خلال يوليو

على رأسها الصين والهند.. مصر تبحث عن ملاذات اقتراض جديدة في الشرق

مصر.. توقعات بارتفاع قياسي جديد للتضخم

توقعات بوصول التضخم في مصر إلى رقم قياسي.. لماذا؟

الأعلى منذ 40 عاما.. التضخم في مصر يواصل الارتفاع