تعاظم علاقات الهند وأمريكا.. هل تنوي نيودلهي التعاون أم المواجهة مع الصين؟

الأحد 16 يوليو 2023 02:10 م

اعتبر تحليل نشره موقع "ذا كرادل" أن السياسة الخارجية للهند تواجه معضلة حاليا، حيث تتأرجح بين التعاون مع الصين، في تكتلات مثل منظمة شنغهاي و"بريكس"، وبين مواجهتها، بعد أخذ نيودلهي دورا جديدا يتمثل في توليها وكالة إمداد وصيانة البحرية الأمريكية بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويقول التقرير إنه بينما تعمق الهند تحالفها مع الولايات المتحدة، حظي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أواخر الشهر الماضي بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس جو بايدن خلال زيارة الدولة السابقة بالاهتمام.

وتستلزم هذه الاتفاقية توفير المرافق الأساسية وخدمات الإصلاح والصيانة لسفن البحرية الأمريكية العاملة في المحيطين الهندي والهادئ.

خدمة البحرية الأمريكية

ومع ذلك، فإن هذا التطور الجديد لا يخلو من تداعياته ، لأنه من المحتمل أن يتعارض مع المصالح الصينية في المنطقة ويمكن أن يوتر علاقات الهند مع زملائها الأعضاء في "بريكس" وتلك الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، والتي كان أحدث أعضائها الكامل هو إيران.

وأفادت الأنباء أن مودي وبايدن توصلوا إلى اتفاق من أجل مواجهة النفوذ البحري الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث تفتخر بكين بأكبر قوة عددية في العالم بحوالي 355 سفينة وغواصة.

وتخطط البحرية الأمريكية لإنشاء ثلاثة مراكز صيانة وإصلاح في مدن تشيناي ومومباي وجوا الهندية.

وفي الماضي، وقعت الولايات المتحدة اتفاقيات مركزية ثنائية في مناطق مختلفة، بما في ذلك غرب آسيا ، وغرب المحيط الهادئ ، واليابان ، وسنغافورة.

ويشير التحليل إلى أنه من شأن إنشاء مراكز الصيانة والإصلاح واللوجستيات في المحيط الهندي أن يعزز بشكل كبير المرونة التشغيلية للبحرية الأمريكية في منطقة المحيط الهندي الشاسعة.

وينقل "ذا كرادل" عن مصدر بالخارجية الباكستانية قوله إن "التداعيات المحتملة لإنشاء منشآت عسكرية أمريكية داخل منطقة المحيط الهندي قد تؤدي إلى مستوى ملحوظ من عدم الاستقرار في المنطقة المجاورة".

ويضيف أن التطورات الأخيرة تثير مخاوف بشأن قدرة منظمة شنغهاي للتعاون على تحقيق أهدافها الأساسية بفعالية ، لا سيما تعزيز الهدوء الإقليمي والحفاظ على الأمن.

واردات النفط

ولا يقتصر التعاون بين الهند والولايات المتحدة على الشق العسكري، لكن الهند عملت خلال الفترة الماضية على زيادة وارداتها النفطية من الهند على حساب روسيا، مما أدى إلى إزاحة روسيا كمورد رئيسي للنفط إلى الهند.

تشير مشتريات النفط هذه إلى انتعاش كبير في العلاقات الثنائية، مما أدى إلى عودة الهند كلاعب مهيمن في السوق العالمية.

وأعلنت شركة استخبارات الطاقة Vortexa عن انخفاض بنسبة 6.5% في واردات الهند من النفط الخام من روسيا في يونيو/حزيران مقارنة بالشهر السابق، ويرجع ذلك أساسًا إلى قيود الإنتاج الطوعية التي تنفذها روسيا ، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم.

في يونيو/حزيران 2022، استوردت الهند 1.8 مليون برميل يوميًا من النفط الخام من روسيا، بانخفاض عن المستوى القياسي البالغ 1.96 مليون برميل يوميًا في مايو/أيار.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، اشترت الهند 406 ألف برميل يوميًا من الولايات المتحدة، والتي انخفضت لاحقًا إلى 244 ألف برميل يوميًا في الشهر التالي، وانخفضت إلى 100 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار.

ومع ذلك، شهدت الواردات من الولايات المتحدة انتعاشًا، حيث وصلت إلى 119 ألف برميل يوميًا في أبريل/نيسان و 138 ألف برميل يوميًا في مايو، مع زيادة ملحوظة بنسبة 62% إلى 224 ألف برميل يوميًا في يونيو 2023.

توازن حساس

ويقول التحليل إن الهند، حتى الآن، حافظت ببراعة على توازن دقيق في علاقاتها مع الدول الغربية ومنظمة شنغهاي للتعاون.

وفي السنوات الخمس عشرة الماضية، أصبحت الهند عضوًا في أربع منظمات متعددة الأطراف، مع ظهور مجموعتين متميزتين، وهما المنظمات الغربية مثل مجموعة العشرين والحوار الأمني الرباعي (الرباعي)، الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، والمنظمات غير الغربية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ودول "بريكس"، بما في ذلك البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الهند إلى زيادة نفوذها العالمي والإقليمي ووضع نفسها كقائد داخل الجنوب العالمي، فإنها تتطلع إلى إنشاء سياسة خارجية مُحسَّنة جيدًا تشمل القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، لتحسين قوتها الوطنية.

ويرى محللون أن الهند تواجه الآن صعوبات  في الاندماج في منظمة شنغهاي للتعاون بسبب محور السياسة الخارجية الهام للولايات المتحدة.

ويمكن القول إن اتفاقيات الدفاع الاستراتيجي الأخيرة التي وقعها مودي في واشنطن جعلت نيودلهي أقل حماسًا بشأن التعددية القطبية والتكامل الإقليمي.

وينقل التحليل عن الدكتور سمير باتيل ، الزميل الأول في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF) في مومباي والباحث في أولويات الأمن القومي والإقليمي للهند ومكافحة الإرهاب، إن السياسة الخارجية للهند تستند على فكرة" الحكم الذاتي الاستراتيجي "وتشمل العلاقات الدبلوماسية مع كل من الولايات المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون.

ويضيف: "ومن ثم، فإن وصف الهند بأنها جالسة على الحياد أو في حالة من التردد أو الحياد من شأنه أن يصور موقفها بشكل غير دقيق".

ويتابع: "من وجهة نظري، يمكن القول إن دراسة العلاقات الدبلوماسية الهندية مع الولايات المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون يجب أن يتم تناولها باستخدام أطر عمل منفصلة، وتعتبر الهند منظمة شنغهاي للتعاون مهمة للغاية في مساعيها لإقامة علاقات مع جمهوريات آسيا الوسطى والحفاظ عليها".

وفي نفس الوقت، فإن الشراكة  الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة تظل لها أهمية كبيرة، لأنها لا تسهم فقط في الاستقرار الإقليمي بل تلعب أيضًا دور حاسم في ضمان الأمن العالمي، على حد قوله.

تحديات التوازن

ومع ذلك، يقول التحليل، إن الحفاظ على هذا التوازن يشكل تحديًا متزايدًا مع اشتداد استقطاب القوة العظمى، والتوترات الجيوسياسية بين الأطلسيين والأوراسيين آخذة في الارتفاع، مما قد يضغط على الهند لإعادة ترتيب موقفها الجيوسياسي لصالح القوى الغربية.

ومن المتوقع أن تواجه الهند صعوبات في الحفاظ على توازن هش، بالنظر إلى التنافس المتوقع بين الولايات المتحدة والصين، والتوترات التاريخية مع الصين وباكستان، والتحالف القوي بين الأخيرين.

المصدر | ذا كرادل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الأمريكية الصينية العلاقات الهندية الصينية العلاقات الهندية الأمريكية البحرية الأمريكية منظمة شنغهاي بريكس

حماية من الصين وباكستان وشراكة مع أمريكا.. الهند تعيد هيكلة الجيش