استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

نظام مالي عالمي جديد

الاثنين 17 يوليو 2023 04:15 ص

نظام مالي عالمي جديد

النظام الجديد الذي تسير عملية إنجازه بخطوات ثابتة، لا يسمح بهيمنة أي طرف داخل نطاق «بريكس» بل على العكس من ذلك.

إقامة نظام مالي عالمي جديد مصلحة عالمية تؤدي لمزيد من الاستقرار والنمو وتجاوز الأزمات ومعالجة مشاكل خطيرة، كالبطالة والجوع وغياب المساواة.

تسعى الدعوة الصينية الفرنسية لوضع آليات تشريعية وأنظمة لا تسمح بهيمنة أي طرف، بل تتيح للجميع المساهمةَ وفق قدراته وإمكاناته الاقتصادية والمالية.

المساعي الأخيرة لضم دول جديدة تهدد بتحويل «بريكس» إلى «تكتل تهيمن عليه الصين التي تريدتحويلَه إلى تحالف تحت قيادتها لمواجهة أمريكا والغرب»؟!

تتجه معظم دول العالم لتغيير النظام المالي القائم، لأنه يهدد أوضاعَها الماليةَ وأنظمتَها النقدية بسبب الأحادية القطبية وضعف استقلالية العملات الأخرى، بما فيها اليورو.

حذر البنك المركزي الأوروبي مؤخرا من «تهديد قيمة اليورو حال استخدام الأصول الروسية المجمدة» بعد دعوة أصواتٌ أوروبية متشددة لاستخدامها لإعادة إعمار أوكرانيا.

* * *

لا يقتصر التوجه نحو إقامة نظام مالي عالمي جديد على الدول الناشئة، كما كان في السابق، وإنما انضمت العديد من البلدان الغربية لهذا التوجه، وفي مقدمتها فرنسا، مما سيغير جذرياً طبيعةَ التعاملات المالية والنقدية في العالم.

وفي قمة فرنسية صينية عُقدت مؤخراً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء الصيني: «لقد وضعنا خريطة طريق للعمل على ميثاق مالي عالمي جديد»، مضيفاً أنه «من الضروري العمل على إصلاح المؤسسات المالية الدولية»، إذ لم يتوقف الأمر عند الحديث عن ضرورة إيجاد مثل هذا النظام، وإنما تعداه إلى وضع خريطة طريق بين الصين (ثاني أكبر اقتصاد عالمي) وبين فرنسا التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ماكرون أكد على هذا التوجه عندما استقبل في الوقت نفسه وليَّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مشدداً على أن السعودية تلعب دوراً مهماً من أجل «ميثاق مالي عالمي بديل».

ويعني ذلك أن معظم دول العالم تتجه لتغيير النظام المالي القائم، خصوصاً أنه أصبح يهدد أوضاعَها الماليةَ وأنظمتَها النقدية بسبب الأحادية القطبية وضعف استقلالية العملات الأخرى، بما فيها عملات مهمة كاليورو، حيث حذر المصرف المركزي الأوروبي، منتصفَ شهر يونيو الماضي، من «تهديد قيمة اليورو حال استخدام الأصول الروسية المجمدة»، وذلك بعد أن دعت أصواتٌ متشددة في الاتحاد الأوروبي إلى استخدام هذه الأصول لتمويل إعادة الإعمار في أوكرانيا، مما تطلّب رد فعل روسي قوي.

ويعكس ذلك المخاض العسير صعوبةَ الإنجاز الذي تتطلبه هذه المهمة المعقدة، فالتحالفات تتعدد وتتغير باستمرار تحت مختلف الضغوط والإغراءات، ففي الوقت الذي برزت دعوة بريطانية لضم السعودية إلى مجموعة السبع الكبرى G7 في محاولة لإبعادها عن مجموعة «بريكس» التي تسعى ثلاث دول عربية للانضمام إليها، فقد قالت مجلة «فورين بوليسي»، إن المساعي الأخيرة لضم دول جديدة تهدد بتحويل «بريكس» إلى «تكتل تهيمن عليه الصين التي تريد تحويلَه إلى تحالف تحت قيادتها لمواجهة الولايات المتحدة والغرب»!

وكما هو ملاحظ، فإنه إلى جانب تضارب المصالح بين مختلف الأطراف وتفاوت التحالفات، كالتعاون الفرنسي الصيني الهادف لإقامة نظام مالي عالمي جديد، فإن هناك جانباً إعلامياً يحمل بين طياته التشكيكَ وبث الفرقة بين مختلف الأطراف، فالنظام الجديد الذي تسير عملية إنجازه بخطوات ثابتة، لا يسمح بهيمنة أي طرف داخل نطاق «بريكس» بل على العكس من ذلك، إذ تسعى الدعوة الصينية الفرنسية لوضع آليات تشريعية وأنظمة لا تسمح بالهيمنة لأي طرف، بل تتيح للجميع المساهمةَ وفق قدراته وإمكاناته الاقتصادية والمالية.

وبما أن هذه القدرات والإمكانات متقاربة، وهي تكمل بعضَها البعض في العديد من الجوانب، فإن احتمالية هيمنة أي طرف أمرٌ مستبعد بسبب الثقل الكبير لبقية الأطراف، مما يعني أن أي محاولة للهيمنة ستضر بالطرف المعني وستؤدي إلى نتائج عكسية، خصوصاً وأن الدول المنضوية ضمن هذا التوجه، كالصين وفرنسا والهند وروسيا والبرازيل والسعودية، تتمتع جميعُها باقتصاديات قوية وقادرة على الاحتفاظ باستقلالية قراراتها المالية وسياساتها الاقتصادية.

وإذا ما أُخذت بعين الاعتبار مصالح الاقتصاد العالمي ككل، فمن الواضح أن إقامة نظام مالي عالمي جديد تمثل مصلحة عالمية ستؤدي إلى المزيد من الاستقرار والنمو وتجاوز الكثير من الأزمات ومعالجة مشاكل خطيرة، كالبطالة والجوع وغياب المساواة، وهو ما أكد عليه الرئيس الفرنسي أيضاً.

والحال، فمن طبيعة الأمور أن تقاوم القوى القديمة والمستفيدة من النظام الحالي عملية التغيير، إلا أن تبدل الظروف ومستجدات تباين القوى الاقتصادية.. كل ذلك وغيره، سيفرض في نهاية المطاف إحداث التغيير المطلوب الذي تعبِّر أنظمته وقوانينه عن موازين القوى ومصالح الأطراف وفق الاصطفاف الحديث للتقسيم الدولي الجديد للعمل.

*د. محمد العسومي خبير ومستشار اقتصادي

المصدر | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

الصين فرنسا ماكرون هيمنة بريكس النظام المالي الأحادية القطبية الأصول الروسية المجمدة البنك المركزي الأوروبي تهديد قيمة اليورو نظام مالي عالمي جديد