3 جزر تفجر الخلاف بين طهران وموسكو.. وإيران تراجع موقفها من حرب أوكرانيا

الأربعاء 19 يوليو 2023 07:43 م

سلط الباحث في شؤون الأمن القومي الإيراني، فردين افتخاري، الضوء على الخلاف العلني بين روسيا وإيران على خلفية تأييد روسيا لمطالبة الإمارات باستعادة جزر: طنب الكبرى وطنب الكبرى وأبوموسى، باعتبارها جزر إماراتية محتلة، مشيرا إلى أن مصادر مطلعة أبلغته بأن طهران تراجع موقفها الداعم لروسيا في حرب أوكرانيا.

وذكر افتخاري، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن سلوك روسيا كشف عن ضعف في علاقتها مع الغرب وإيران والدول العربية، إذ فشلت روسيا في تحقيق أهدافها في أوكرانيا ولم تتمكن من وقف توسع الناتو، ولا تزال أوكرانيا تتلقى دعمًا شاملاً من الغرب مع عدم تزايد احتمالات تقديم موسكو لتنازلات من أجل السلام.

وبينما تواصل إيران دعم روسيا من خلال الوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية، تخشى موسكو أن تستخدم طهران هذا الدعم كورقة مساومة في المفاوضات لإحياء محادثاتها النووية، المعروفة رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، مع الولايات المتحدة وأوروبا، حسبما يرى افتخاري.

ويضيف: "يبدو أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بشكل غير رسمي وغير مكتوب، بين الولايات المتحدة وإيران، قد أثار مخاوف روسيا"، مشيرا إلى أن إيران تعهدت ليس فقط "بتوسيع تعاونها مع المفتشين النوويين الدوليين" ولكن أيضًا "بالامتناع عن بيع صواريخ باليستية لروسيا" و"وقف الهجمات المميتة على المتعاقدين الأمريكيين في سوريا والعراق".

وباعتبارها الشريك الأمني الأساسي لإيران وطرفًا في خطة العمل الشاملة المشتركة، فسرت روسيا البنود الأخيرة في الاتفاق بكامل الريبة.

هش وضعيف

وهنا يلفت افتخاري إلى أن رد فعل المسؤولين الإيرانيين على روسيا أكبر بكثير من رد الفعل على الموقف المماثل للحكومة الصينية تجاه الجزر الثلاثة، التي تطالب بها الإمارات، ما يشير إلى أن طهران تنظر إلى روسيا على أنها هشة وضعيفة، ولا تشعر أنها قادرة على استخدام التوترات الإيرانية العربية كوسيلة ضغط ضدها؛ لأنها تفتقر إلى القوة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الكافية.

أما بالنسبة للموقف الروسي الأخير، فإن دعم إيران لروسيا مشروط، بحسب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني. وأعلن القيادي البارز في الحرس الثوري الإسلامي، محسن رضائي، أن علاقات إيران مع روسيا لم تنبع من ضعف، وأن على روسيا تصحيح موقفها.

ويلفت افتخاري إلى أن سياسيين محافظين بارزين مثل، محمد جواد لاريجاني، ومحمد باقر قاليباف، ألقوا باللوم على روسيا لأنها "تلعب في اللعبة الأمريكية" بشكل انتهازي و"مساعدة الغرب في زعزعة استقرار الخليج الفارسي".

ولذا، ربما تكون التكاليف السياسية والدبلوماسية الباهظة لدعم روسيا في الصراع الأوكراني قد دفعت إيران إلى إعادة النظر في سياستها الخاصة بأوكرانيا، بحسب الباحث في شؤون الأمن القومي الإيراني، مشيرا إلى أنه علم من مصدر مطلع في طهران أن "إيران تريد مراجعة موقفها في أوكرانيا".

ويرى افتخاري أن ردود فعل كبار المسؤولين الإيرانيين تكشف أن روسيا فقدت قوتها ودورها الكبير في المعادلات الاقتصادية والأمنية الدولية والثنائية.

فبينما فشل اعتماد روسيا المفرط على التهديدات والأعمال العسكرية في تحقيق النتائج المرجوة، استمر توسع الناتو، حيث أصبحت المزيد من الجمهوريات في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى أكثر انفتاحًا على نفوذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وامتثلت للضغوط الغربية على روسيا.

ونتيجة لذلك، فإن الدعم غير المحدود للغزو الروسي لأوكرانيا قد يؤدي إلى تهديد المصالح الحيوية لإيران، فضلاً عن زيادة احتمالية وجود "مؤامرات" غربية، قانونية وسياسية وأمنية وعسكرية، غير متوقعة ضد طهران.

ادعاءات بلا أساس

وفي السياق يقرأ افتخاري تصريح المرشد الأعلى الإيراني، علي لاريجاني، في خطابه الأخير، بأن شعب أوكرانيا "فقير" و"عاجز"، ما يدل على أنه لا يعتبر أداء روسيا ونتائج الحرب في أوكرانيا إيجابية.

وأصدرت السفارة الإيرانية في بروكسل بيانا على الفور نددت فيه بـ "المزاعم التي لا أساس لها والتي وجهت ضد إيران في بيان قمة أصدره رؤساء دول الناتو بشأن التورط في الوضع الأوكراني".

وأكد البيان أن إيران "بصفتها فاعلا إقليميا مؤثرا، تؤكد باستمرار على أهمية الالتزام الكامل بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ذي الصلة"، والذي "يتضمن احترام سيادة واستقلال وسلامة أراضي جميع الدول".

وإضافة لذلك، أدى وقف التصعيد الإيراني وتطبيع العلاقات مع دول الخليج العربي، والذي تم بوساطة الصين، إلى فشل دبلوماسي لروسيا.

فقبل المبادرة الدبلوماسية الصينية، سعت روسيا إلى وضع نفسها كقوة دبلوماسية عظمى في إدارة التوترات في الشرق الأوسط من خلال اقتراح "مفهوم الأمن الجماعي في الخليج".

وقال شهريار حيدري، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن روسيا غير راضية عن تطبيع إيران للعلاقات الدبلوماسية مع دول المنطقة العربية.

ولم تعد روسيا تلعب دورًا مهمًا في محادثات إيران النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتهيمن الصين على عملية خفض التصعيد بين إيران والدول العربية.

ومع ذلك، وبناءً على البيان المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي وروسيا، ترى الدول العربية أن موسكو مصدر مهم لكبح سلوك إيران الإقليمي، بحسب افتخاري، مشيرا إلى أن الثقل الدبلوماسي والسياسي لروسيا قد يردع طهران عن الشروع في تصعيد جديد في المنطقة.

وقبل مناقشة قضية الجزر الثلاث، ركز البيان على الحفاظ على الأمن البحري والممرات المائية في المنطقة، فضلا عن التهديدات لخطوط الشحن والتجارة الدولية والمنشآت النفطية.

ومن هذا المنطلق، يشير افتخاري إلى أن تجارب طهران مع حرب أوكرانيا وتصدير الأسلحة الروسية إلى إيران يمكن أن يخل بالتوازن في المنطقة.

دائرة بوتين المقربة

وإذا وصلت المفاوضات النووية إلى طريق مسدود، فقد تندلع التوترات والصراعات الإقليمية مرة أخرى، ما يجعل روسيا شريكًا مفيدًا للعرب في السيطرة على قرارات إيران وسلوكياتها الأمنية الإقليمية.

وبحسب افتخاري فإن هذا هو السيناريو الذي يسمح لموسكو بخلق مساحة للمناورات السياسية والدبلوماسية الانتهازية، مضيفا: "ليس من قبيل المصادفة أن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، قال بعد ذلك إنه من غير الواقعي توقع إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة".

ويضيف أن الشخصيات في الدائرة المقربة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لها دور كبير في إدارة العلاقات مع إيران، ومن بينهم سكرتير مجلس الأمن في الاتحاد الروسي، نيكولاي باتروشيف؛ مساعدا الرئاسة، إيغور ليفيتين ويوري أوشاكوف، ووزير الدفاع، سيرجي شويغو.

ولا تشمل هذه الدائرة سيرغي لافروف، بحسب افتخاري، الذي استند في تقييمه إلى أن وزير الخارجية الروسي فقد الكثير من مصداقيته بسبب إنكاره للحرب الوشيكة مع أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن وزارة الخارجية الروسية هي التي تدير المصالح الروسية في خطة العمل الشاملة المشتركة دبلوماسياً، ويبدو أن لافروف قد حصل على موافقة كبار صناع القرار الروس للضغط على القادة الإيرانيين من خلال مبادرات دبلوماسية مع الدول العربية، بدلاً من الانخراط في مفاوضات سرية مع المسؤولين الإيرانيين.

ورغم ترحيب موسكو بالتطبيع بين إيران وبعض الدول العربية، إلا أن الخلافات الإقليمية هي ما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية على أفضل وجه، بحسب افتخاري، مشيرا إلى أن طهران ترى أنه لو كانت روسيا تقبل التطبيع العربي الإيراني، ولم تكن حريصة على استغلال الشرخ القائم في العلاقات الإيرانية الإماراتية لمصالحها الاقتصادية أو السياسية الأحادية، لمنعت البيان متعدد الأطراف من إثارة قضية الجزر.

لكن روسيا لم تنصح الإمارات بمتابعة القضية بشكل ثنائي مع طهران، وبدلاً من ذلك، فضلت استخدامها كوسيلة ضغط في علاقاتها مع إيران.

المصدر | فردين افتخاري/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا أوكرانيا طهران الإمارات طنب الصغرى طنب الكبرى أبو موسى