ما هي أهمية التقارب الخليجي مع أسيا الوسطى بالنسبة للصين؟

الجمعة 21 يوليو 2023 06:05 م

رأت الأكاديمية نادية حلمي الخبيرة في السياسة الصينية والعلاقات الصينية الاسرائيلية والشؤون الاسيوية، أن القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى التي عقدت مؤخرا في الرياض تمثل أهمية استراتيجية للصين وأيضا دول مجلس التعاون الست.

وذكرت حلمي في تحليل نشرته بموقع مودرن دبلوماسي وترجمه الخليج الجديد، أن القمة تأتي بعد الاجتماع الوزاري الأول المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى الذي استضافته الرياض في سبتمبر/أيلول 2022، بمشاركة وزراء خارجية الجانبين.

كما تأتي أيضا قمة الخليجية مع دول أسيا الوسطى الخمس (أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان، بالإضافة إلى قرغيزستان وكازاخستان) بالتزامن مع اللقاء التشاوري الـ18 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، ما يعد تحولا جديدا في العلاقات بين الخليج العربي ودول آسيا الوسطى.

 وناقشت القمة الخليجي مع دول أسيا الوسطى قضايا التعاون في التجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبحث العلمي والصناعة والزراعة والسياحة والثقافة، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك دعم الاستقرار، وتعزيز أسس الأمن في الخليج وآسيا الوسطى، والقضية الفلسطينية، والتضامن الإسلامي، ومواجهة التطرف والإرهاب وكراهية الإسلام.

ومن المنتظر أن تصادق قمة جدة الخليجية الآسيوية على خطة العمل المشتركة 2023-2027، والتي تشمل الحوار السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي والاستثماري بين أطرافها، فضلاً عن تعزيز التواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات فاعلة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.

أهمية دول أسيا الوسطى

وذكرت حلمي أن دول أسيا الوسطى الخمس أصبحت مكانًا للمنافسة بين القوى الكبرى، ولا سيما روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية.

تعتبر روسيا اللاعب الأبرز في المنطقة بحكم جوارها وعلاقاتها التاريخية والثقافية في إطار الاتحاد السوفيتي السابق.

كما أن ثلاث دول في آسيا الوسطى (كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان) أعضاء في منظمة الأمن الجماعي، وهي "الناتو المصغر" بقيادة روسيا.

وإضافة لذلك تمتلك موسكو قواعد عسكرية في قيرغيزستان وطاجيكستان.

تعد الصين أيضًا من بين أكبر خمسة شركاء تجاريين لكل من هذه البلدان، وهو مؤشر على طموحاتها الجيوسياسية في تلك المنطقة لتعزيز نفوذها في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.

أما عن تاريخ العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا الوسطى والصين، فقد أقيمت العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد استقلال تلك الدول عن الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات، وتعود العلاقات التاريخية والثقافية بينهما إلى عدة قرون، حيث كانت تلك المنطقة محط أنظار العرب والمسلمين والصينيين أيضًا.

وهناك روابط بين الثقافة العربية والإسلامية والصينية وثقافات دول آسيا الوسطى، وهي متغلغلة في عدد من المجموعات العرقية في الصين والتي عرفت في التاريخ الإسلامي بأنها الدولة الواقعة وراء النهر، وكان لها تأثير كبير على الثقافة الإسلامية والصينية.

ووفق تلك المعطيات فإن القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى تدعم مشاريع الصين في مبادرة الحزام والطريق، حيث تساعد بشكل أساسي في ضمان الأمن الغذائي في دول آسيا الوسطى، وتوفر فرص عمل لمواطنيها. وهي بلدان لديها إمكانية الوصول إلى الممرات البحرية عبر الصين.

تأتي أهمية دول آسيا الوسطى بالنسبة للخليج والصين معًا في ضوء امتلاكها لاحتياطيات ضخمة من المعادن والنفط والغاز الطبيعي والفحم وحتى الماء.

وتبلغ احتياطيات الغاز في دول آسيا الوسطى والقوقاز 35٪ من الإجمالي العالمي وكانت أكبر الاكتشافات في دولتي تركمانستان وكازاخستان.

كما تمتلك دولة طاجيكستان أكبر مصادر المياه، حيث تصل إلى 60٪ من مصادر المياه في آسيا الوسطى، مما يفيد دول مجلس التعاون الخليجي والصين معها في إطار علاقاتها الاقتصادية معها، إذا ربطناها بـ (مبادرة التنمية العالمية) التي طرحتها الصين.

وتأخذ الصين بعين الاعتبار آراء ورغبات وخصائص جميع دول العالم في إطار مبادراتها التنموية حول العالم بما في ذلك دول الخليج العربي وآسيا الوسطى.

وهنا توفر العلاقات بين الخليج وآسيا الوسطى فرصة مهمة للصين لربطها جميعًا عبر شبكة كبيرة وواسعة من الطرق والخطوط

على سبيل المثال الطريق السريع الذي يعبر جبال تيانشان الذي يربط بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان، والطريق السريع الذي يربط بين الصين وطاجيكستان عبر هضبة بامير وخط أنابيب النفط الخام بين الصين وكازاخستان وخط أنابيب الغاز الطبيعي الحالي بين الصين وآسيا الوسطى والذي يمر عبر الصحراء الشاسعة، والتي تعتبر "طريق الحرير" المعاصر.

وهنا تكمن أهمية آسيا الوسطى بالنسبة للصين والخليج، لما تتمتع به من مزايا جغرافية متميزة، بالإضافة إلى الأسس والظروف والإمكانيات لتصبح مركزًا مهمًا للتواصل والترابط بين منطقة أوراسيا والعالم، وتنتهي بإسهاماتها في تبادل السلع، والتواصل الحضاري، وتطوير العلوم والتكنولوجيا في العالم أجمع، مما يدعم علاقاتها مع الصين ودول مجلس التعاون الخليجي معًا من أجل تحقيق طفرة في الصين ودول الحزام التنموي.

المصدر | نادية حلمي/مودرن دبلوماسي -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القمة الخليج ودول أسيا الوسطى العلاقات الخليجية الصينية أهمية دول أسيا الوسطى

لماذا اجتمعت دول آسيا الوسطى مع دول الخليج العربي؟

كيف تعزز القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى من المنافسة في المنطقة؟

دول الخليج على خطى القوى العالمية في الهرولة نحو آسيا الوسطى.. كيف ولماذا؟