نيويورك تايمز: الديكتاتور قيس سعيد رهان أوروبي سيء للعب دور شرطي الحدود

الجمعة 21 يوليو 2023 09:30 م

اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس التونسي قيس سعيد الذي وصفته بالديكتاتور يعد بمثابة رهان سيء من قبل الاتحاد الأوروبي للقيام بدور شرطي الحدود فيما يتعلق بمساعي التكتل الرامية للحد من الهجرة غير الشرعية.

وذكرت الصحيفة أن سعيد حول المهاجرين لكبش فداء وطردهم إلى مناطق محايدة على حدود بلاده مع ليبيا بدون ماء أو طعام ليلقوا مصيرهم تحت الشمس الحارقة.

لكن في مقابل تلك الانتهاكات تلقى مكافأة الاتحاد الأوروبي، بتوقيع تونس اتفاقية شراكة استراتيجية مع التكتل بشأن الاقتصاد ولتعزيز جهود وقف الهجرة غير النظامية.

وتتضمن الاتفاقية مساعدة لتونس بـ 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم ميزانية البلد الذي يعاني من ديون تناهز 80% من ناتجه المحلي الإجمالي ويواجه نقصا في السيولة.

على حافة الموت

واتهمت الصحيفة السلطات التونسية بارتكاب انتهاكات بحق المهاجرين غير الشرعيين، وأوردت العديد من الشهادات والمناشدات لإنقاذ نحو ألف رجل وامرأة وطفل يحاولون البقاء على قيد الحياة في منطقة محايدة على الحدود الليبية بعد أن طردتهم السلطات التونسية.

 ونقلت الصحيفة، رسائل ومناشدات متتالية من الهواتف المحمولة التي استطاع المهاجرون شحنها، حيث كتب أحدهم لصحيفة نيويورك تايمز السبت الماضي، "الرجاء المساعدة، فنحن نموت" و "ليس لدينا طعام أو ماء" و "نحن عالقون، لو كانت هناك طريقة للمساعدة"، وبحلول يوم الأحد توقفت الرسائل.

ونقلت الصحيفة عن كيلفن وهو مهاجر نيجيري عالق بين الحدود التونسية والليبية قوله، "سمعنا جميعا أن رئيسة وزراء إيطاليا دفعت للرئيس التونسي مالا كثيرا لمنع المهاجرين الأفارقة من بلدها".

وتابعت الصحيفة، أن كيلفن حاله يشبه بقية المهاجرين الذين يستطيعون دخول تونس بدون تأشيرة، فقد قضى أشهرا وهو ينظف البيوت ويعمل في مواقع البناء في ميناء صفاقس، لكي يجمع ما يكفي من المال لتمويل رحلة البحر ودفعه للمهربين حتى يعبر إلى أوروبا.

وذكرت أن ذلك كان قبل مجيء تونسيين بدون زي رسمي إلى محل سكنه حيث ضربوه حتى تهشم كاحله ووضعوه في حافلة رمته في الصحراء.

تضحية بحقوق الإنسان

وبحسب الصحيفة فإن الاتفاقية الأخيرة بين تونس والاتحاد الأوروبي تم تمريره رغم اعتراض النواب في البرلمان الأوروبي الذين اتهموا الإتحاد بأنه يتعامل مع رئيس تونس قيس سعيد الذي أظهر ميولا استبدادية وقضى معظم الوقت وهو يشيطن المهاجرين وقام بتفكيك منجزات الديمقراطية في تونس، البلد الوحيد الذي خرج من الربيع العربي بمكاسب.

فضلا عن قيامه بسجن العشرات من المعارضين وتقييد القضاء المستقل وفرض الرقابة على الإعلام وإعادة كتابة الدستور ومنحه لنفسه سلطة تنفيذية واسعة، وسط رد صامت الحلفاء الغربيين.

وأكدت الصحيفة أن تونس قامت بنقل عدد من المهاجرين من الصحراء ومنحتهم ملجأ، بعد موجة انتقاد واسعة، كما سمحت للهلال الاحمر التونسي بتقديم بعض المساعدة لهم. وبقي المئات عالقين بدون ملجأ أو طعام.

ورفض الرئيس سعيد الاتهامات بأن تونس عاملت المهاجرين في صفاقس بطريقة فظة، وأكد أنهم عوملوا بإنسانية، مع أن الشهادات من المهاجرين وصور الفيديو والصور الفوتوغرافية تناقض كلامه.

وبحسب الصحيفة فقد اتهمت منظمات حقوق الإنسان خفر السواحل التونسي بسوء معاملة المهاجرين، بما في ذلك تخريب القوارب أو ضرب ركابها، حتى في ظل مسارعة الدول الاوروبية لتحديث معدات خفر السواحل.

ورغم العيوب التي شابت التجربة الديمقراطية التونسية إلا أن الغرب صفق لها وأضفى عليها عناية ورعاية ومالا، لكن نقاد سعيد يرون أن كل شيك يكتبه الإتحاد الأوروبي لسعيد يعني تخل عن الديمقراطية الناشئة التي دعمها مرة، ويقوم بالتضحية بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية من أجل منافع قصيرة الأمد.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن السناتور الأمريكي كريس ميرفي قوله "لو كنا منسجمين في التأكيد على اننا لن ندعم القمع السياسي في المنطقة فلربما تصرف القادة بطريقة مختلفة".

ودعا ميرفي وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ لتخفيض الدعم عن تونس بسبب أفعال سعيد.

وقطعت إدارة بايدن بعض الدعم عن تونس إلا أنها ظلت مترددة لاتخاذ مزيد من القرارات خوفا من وقوع تونس تحت تأثير الصين وروسيا.

 رهان سيء

ووفق الصحيفة فإن الاتحاد الأوروبي في مقابل انتهاكات سعيد، يؤكد أن العمل القريب مع السلطات التونسية سيجعله رئيس البلاد في وضع جيد للحد من الانتهاكات ضد المهاجرين.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين في العاصمة تونس، تأكيدهم إنه ليس من الجيد حجب الدعم عن الشعب التونسي الذي يعاني من نقص المواد الأساسية والدواء.

لكن في المقابل يرى بعض النقاد بأن سعيد هو رهان سيء للعب دور شرطي الحدود، وقد يدفع الناس نحو أوروبا بدلا من إعادتهم لتونس.

ونقلت الصحيفة عن طارق المجريسي، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله إن "سعيد وما يفعله في البلد هو الدافع الحقيقي للهجرة"، مضيفا إلى أن الاوروبيين يفاقمون الوضع ولا يوفرون الحل له بحسب نيويورك تايمز.

وأكد التقرير أن سعيد لم يفعل أي شيء لتصحيح اقتصاد البلد الذي ينهار حتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا الذي زاد من التضخم في العالم، كما رفض رزمة مساعدات بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لأنها اشتملت على ما أسماها "إملاءات".

وبحسب الصحيفة فإن أنه بالنظر للصورة القاتمة لتونس فإن الكثير من التونسيين وصلوا إلى أوروبا العام الماضي أكثر من أي وقت مضى.

وفي ظل رئاسة قيس سعيد أصبحت تونس محطة العبور الأولى لأوروبا، بحسب بيانات الإتحاد الأوروبي التي كشفت أن تونس هي أكبر مساهم في خطوط الهجرة الرئيسية لأوروبا،

حيث تضاعفت القوارب القادمة منها لاعتقاد المهاجرين أن تونس أكثر سلامة من ليبيا للعبور إلى أوروبا.

 نظيرة مؤامرة

وتحدثت، عن زيادة رحلات العبور بشكل متتابع بعد تصريحات سعيد في شباط/فبراير الماضي، من أن المهاجرين القادمين من دول الساحل والصحراء يحاولون تغيير الطابع السكاني والثقافي لتونس.

ورأت الصحيفة أن تصريحات سعيد عكست نظريات المؤامرة التي يحملها اليمين المتطرف في أوروبا وأن هناك مؤامرة لاستبدال السكان البيض بمهاجرين من أفريقيا أو ما تعرف بنظرية الاستبدال العظيم،

وأشارت إلى بدء موجة اعتداء على المهاجرين عقب تصريحات سعيد حيث هوجم مهاجرون وطلاب وحتى من يعملون بطريقة شرعية ونهبت بيوتهم وتعرضوا للضرب والطرد.

ونفى سعيد من أن تصريحاته عنصرية لكنه أشار أن المهاجرين لم يعد مرحبا بهم "تونس ليست شقة مفروشة للبيع أو الإيجار"، ولا يعرف إلى أي مدى سيعمل سعيد مع الإتحاد الأوروبي،

فقد قال هذا الشهر إنه لن يقوم بحراسة أي حدود غير الحدود التونسية.

وأوضحت الصحيفة، أن تصريحات سعيد الأخيرة أثارت إحباط المانحين الأوروبيين،

ويقول المسؤولون إن تونس قادرة على وقف الهجرة من صفاقس إلا أنها تتمنع من أجل الحصول على تنازلات.

وتحدثت الصحيفة، عن محاولة سعيد انقاذ شعبيته المتراجعة من خلال رفض التأثير الأجنبي وجعل المهاجرين كبش فداء.

المصدر | نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد تونس مهاجرين غير شرعيين الاتحاد الأوروبي