تحليل: زيارة السوداني تعزز دعما "ثلاثيا" لنظام الأسد

الثلاثاء 25 يوليو 2023 06:21 ص

سلط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كوين ماري بلندن، كريستوفر فيليبس، الضوء على الاجتماع الذي أجراه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بدمشق في 16 يوليو/تموز الجاري، مشيرا إلى أن العراق بات حليفا حيويا آخر لنظام الأسد، الذي يستند بالأصل إلى دعم إيران وروسيا.

وذكر فيليبس، في تحليل نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن اجتماع الأسد والسودان كان الأول لقادة من الدولتين في سوريا منذ بداية الانتفاضة الشعبية ضد نظام الأسد عام 2011، لكن ذلك لا يعني تغيرا في العلاقات بينهما بالضرورة.

فالزيارة في الواقع تمثل استمرارية لعلاقات بغداد ودمشق، فعلى عكس معظم الدول العربية، التي صوتت على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في عام 2011، احتفظ العراق بعلاقاته مع جارته الغربية، ولعب دورًا رئيسيًا في مساعدة الأسد على البقاء، بحسب فيليبس.

وأوضح أن صعود السياسيين الموالين لإيران في العراق، خلال الحقبة الماضية، مثل نوري المالكي، إلى السلطة، مهد الطريق لتعاون أوثق بين بغداد ودمشق، إذ أصبح كل منهما مشتركين في التحالف مع طهران.

وأثبتت هذه العلاقات أنها حيوية عندما اندلعت الحرب الأهلية السورية، حيث وفر العراق شريان الحياة الرئيسي لبشار الأسد ونظامه، عبر 3 أطر من الدعم: الدبلوماسي والعسكري والاستراتيجي.

الإسناد الدبلوماسي

فعلى المستوى الدبلوماسي، وتحديدا في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، عندما صوتت جامعة الدول العربية على تعليق عضوية سوريا، امتنع العراق عن التصويت، ما سمح للأسد بالتظاهر بأنه ليس معزولًا بشكل كامل.

واختار العراق أيضًا، إلى جانب لبنان، عدم الانضمام إلى الحظر التجاري الذي فرضته جامعة الدول العربية بعد ذلك.

ونظرًا لأهمية التجارة العراقية للاقتصاد السوري، فقد سمح ذلك لدمشق برأس مال إضافي لبضعة أشهر أخرى، استخدمته في الحرب، قبل أن تصل خطوط القتال إلى الحدود العراقية وتتوقف التجارة.

ولا يزال أهمية ملف التجارة بارزا إلى اليوم، حيث دعا السوداني، من دمشق، إلى رفع جميع العقوبات عن سوريا، "لأن العراق سيكون المستفيد الأكبر" من ذلك، حسبما يرى فيليبس.

التحالف العسكري

وأضاف أن الدعم العسكري كان شريان الحياة الثاني الذي قدمه العراق لنظام الأسد، ورغم أن يرسل الجيش العراقي لم يرسل مساعدة رسمية لنظيره السوري، إلا أن حكومة بغداد لم تبذل أي محاولة لمنع آلاف المقاتلين الشيعة العراقيين من التوجه غربًا للانضمام إلى الألوية التي تقودها إيران في سوريا.

ومن أبرز هذه الألوية، لواء أبو الفضل العباس، الذي شكله الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، عام 2012، ويقدر أنه يضم عدة آلاف من المقاتلين العراقيين، الذين لعبوا دورًا حيويًا في الدفاع عن نظام الأسد.

في وقت لاحق من الحرب السورية، ساعدت الحكومة العراقية الأسد بشكل غير مباشر في قتاله المشترك ضد تنظيم الدولة.

وأعطى ذلك الأسد فرصة لاستعادة جزء كبير من وسط سوريا، ما سمح له لاحقا بإعادة توجيه القوات لاستعادة الغرب.

العمق الاستراتيجي

أما ثالث ملفات الدعم العراقي لنظام الأسد فتمثل في تقديم "العمق الاستراتيجي" الذي يمكن من خلاله مساعدة الأسد، فبالإضافة إلى توفير الميليشيات الشيعية، سمح العراق لسليماني وفيلق القدس بحرية عبور الحدود السورية العراقية برا وجوا، ما سمح له بالوصول إلى الأسلحة والإمدادات، بحسب فيليبس.

وجاءت اللحظة الحاسمة في هكذا دعم عندما انسحبت الولايات المتحدة من العراق في ديسمبر/كانون الأول 2011، ما أعطى بغداد السيطرة الكاملة على مجال البلاد الجوي مرة أخرى.

 ولاحقا، سمح وزير النقل العراقي، هادي العامري، الذي كان قائدًا لفيلق بدر، الحليف المقرب لسليماني، برحلات جوية إيرانية منتظمة لعبور العراق إلى سوريا، وهو أمر كانت الولايات المتحدة قد حظرته سابقًا.

وبينما أصر العراق على أن هذه الإمدادات كانت "إنسانية"، جادل المعارضون السوريون وحلفاؤهم بأنها تشمل أسلحة حيوية لقوات النظام السوري وحلفائه من مقاتلي حزب الله اللبناني، الذين انخرطوا في الحرب دعما للأسد.

وفي ذروة الحرب، كانت الحكومة العراقية تقدم دعمًا دبلوماسيًا واقتصاديًا وعسكريًا أساسيًا لمساعدة الأسد على البقاء.

وكان واضحا أن العديد من القادة العراقيين، مثل نوري المالكي أو هادي العامري، متحالفين بشكل وثيق مع إيران، ما جعلهم أكثر استعدادًا لمساعدة الأسد بناءً على طلب سليماني أو غيره.

ولذا يؤكد فيليبس أن الاحتفاء بزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى دمشق هذا الشهر لا تمثل ثورة دبلوماسية، "بل مجرد استمرار لسياسة العراق الحذرة والهادئة والداعمة تجاه الرئيس السوري منذ بداية الحرب" حسب تعبيره.

المصدر | كريستوفر فيليبس/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق سوريا بشار الأسد محمد شياع السوداني دمشق