الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج.. حقبة جديدة لأمن الطاقة الإقليمي

الثلاثاء 25 يوليو 2023 08:52 ص

سلط خبير السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية وشؤون الطاقة، أومود شكري، الضوء على استقرار إمدادات الطاقة بالعراق في ضوء تعزيز علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن أمن الطاقة أصبح عاملا رئيسيا في الاستقرار الإقليمي، ولذا تسعى الدول في منطقة الشرق الأوسط إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل اعتمادها على مورد واحد.

وذكر شكري، في تحليل نشره موقع "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن العراق أحرز تقدّمًا كبيرًا خلال النصف الأخير من العقد الماضي في إعادة صياغة سياسته الإقليمية بمجال الطاقة، إذ قام بتخفيض كبير في وارداته من إيران، التي واجهت في السنوات الأخيرة مجموعة من التحديات المتزايدة بسبب العقوبات الدولية.

كما سعى العراق إلى تسوية واردات الكهرباء من دول مجلس التعاون الخليجي، عبر مشروع الربط الكهربائي، ما يسمح لبغداد بالوصول إلى مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة وتحسين موثوقية الشبكة الكهربائية.

ويشير شكري إلى أن العراق يدرك أهمية الفوائد الجيوسياسية والاقتصادية التي يمكن أن توفرها شبكة طاقة إقليمية قوية، إذ يمكن أن تساعد في تقليل اعتماد بغداد على واردات الطاقة، وتسهم في إنشاء مشهد طاقة أكثر تكاملًا من خلال توفير تدفق سلس للكهرباء عبر الحدود.

تعزيز الشبكة

ولطالما كان تطوير شبكة طاقة إقليمية هدفًا لدول الخليج، التي حققت هذا الهدف نسبيا بإنشاء هيئة لربط شبكات الطاقة الخاصة بها وضمان إمدادات كهرباء مستقرة.

ومن خلال الانضمام إلى هذه الشبكة، يتوقع العراق والأردن، اللذان يعانيان من نقص مزمن في الكهرباء، استقرار شبكاتهما وضمان إمدادات الكهرباء على مدار الساعة لمواطنيهما.

وفي هذا الإطار، اتفق العراق والمملكة العربية السعودية، في أبريل/نيسان الماضي، على المضي قدمًا في مشروع الاتصال الكهربائي بينهما.

وبعد اكتمال المشروع، يتوقع العراق تحسين إمدادات الكهرباء وزيادة أمن الطاقة وتعزيز العلاقات التجارية بين بغداد والرياض.

وفي إطار المشروع السعودي العراقي، سيتم بناء خط نقل عالي الجهد يسمح بتبادل الكهرباء وتعزيز التعاون الدولي في قطاع الطاقة.

ومن خلال تمكين تدفق الكهرباء خلال فترات الطلب العالي على الطاقة، من المتوقع أن يؤدي مشروع الربط إلى انخفاض كبير في تكرار انقطاع التيار الكهربائي بالعراق، وهو أحد أكثر إخفاقات الحكومة العراقية وضوحًا، بحسب شكري.

لكن الخبير في شؤون الطاقة يشير إلى أن تحديات كبيرة تواجه المشروع قبل اكتماله، على رأسها الحاجة إلى تأمين الاستثمار، وضمان التكامل التقني، وتنسيق الأنشطة عبر البلدان المشاركة، وهي صعوبات يجب حلها قبل اكتمال المشروع.

وبالإضافة إلى مشروع الربط الكهربائي بين العراق والسعودية، منح مجلس التنسيق لدول مجلس التعاون الخليج، في فبراير/شباط 2022، عقودًا بقيمة 220 مليون دولار لتنفيذ مشروع لربط الطاقة بين العراق ودول المجلس.

وفي أغسطس/آب 2022، وقعت قطر والعراق اتفاقية ربط الشبكة، بهدف تحسين التعاون في مجال الطاقة ودعم جهود العراق لتنويع إمداداته من الطاقة.

ورغم عدم وجود حدود مشتركة بين قطر والعراق، ما يعقد جهود ربط شبكاتهما الكهربائية، إلا أن الاتفاقية يمكن أن تسهم في تعزيز أمن الطاقة ونمو العراق الاقتصادي، بحسب شكري، مشيرا إلى أن الاتفاق يسلط الضوء أيضا على العلاقات الدبلوماسية والتجارية البناءة بين قطر والعراق والالتزام المشترك للبلدين بتعزيز الربط الإقليمي للطاقة.

كهرباء إيران

ويعتمد العراق حاليا بشكل كبير على استيراد الطاقة والغاز الطبيعي من إيران لتعويض نقص الإنتاج المحلي، رغم أن إمدادات إيران أصبحت أكثر عرضة للخطر بسبب عدم قدرتها على توفير ما يكفي من الغاز لمحطات الطاقة الخاصة بها.

وإضافة لذلك، تضغط الولايات المتحدة على العراق لوقف واردات الكهرباء والغاز من إيران، والتي تنتهك العقوبات الأمريكية وتتطلب قرارات عفو دورية أصبحت الإدارات الأمريكية المتعاقبة أكثر ترددًا في منحها.

ويهتم العراق بتخفيض اعتماده على واردات الكهرباء من إيران، ويعد مشروع الربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون الخليجي أمرًا ضروريًا لتحقيق ذلك.

وبموجب شروط الاتفاق الذي تم توقيعه بين العراق والسعودية في يوليو/تموز 2022، وافقت الرياض على تزويد بغداد بـ 1000 ميغاواط من الكهرباء عبر بنية تحتية مشتركة.

وتمثل هذه المبادرة طموحات العراق لبناء بنية تحتية تعاونية مع السعودية لتقليل اعتماده على واردات الطاقة من إيران.

ورغم أن المشروع خال ظاهريا من الاعتبارات السياسية، إلا أن شكري يؤكد أنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياسات الإقليمية والمنافسة بين السعودية وإيران في العراق.

ويوضح شكري أن لهذه المنافسة تداعيات استراتيجية على صناعة الكهرباء في العراق، ما يسلط الضوء على أهمية إيجاد مصادر طاقة بديلة من جانب ومشروع الربط الكهربائي من جانب آخر.

ويرجح شكري أن تتأثر الجغرافيا السياسية في منطقة الخليج، بهذا المشروع، فضلاً عن الاستقرار الإقليمي وأمن الطاقة، إذ يشجع المشروع التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي، ما قد يكون له عواقب إيجابية على الاستقرار الإقليمي.

ويشير خبير الجغرافيا السياسية إلى أن المشروع يقلل الاعتماد على مورد واحد للكهرباء، ما يحسن من أمن شبكة الكهرباء في العراق، لتتمتع الشبكة بفوائد مزدوجة؛ إذ ستوفر لها المرونة خلال ساعات الذروة، عندما تكون البنية التحتية للطاقة عرضة للانقطاعات، كما ستعزز الحماية ضد الاضطرابات الأخرى، بنل يضمن الاستقرار في ظل الوضع السياسي المتقلب في العراق.

وإضافة لذلك، يعزز مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي الروابط بين الطرفين من منظور جيوسياسي، حسبما يرى شكري، موضحا أن إنشاء بيئة طاقة أكثر توازنًا في المنطقة وتقليل الاعتماد على ممرات الطاقة أو قنوات التوريد الحساسة سياسيًا، يقلل من إمكانية حدوث مشاكل سياسية.

المصدر | أومود شوكري/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق الطاقة مجلس التعاون الخليجي إيران

شبكات الربط الكهربائي.. مستقبل واعد لسوق الطاقة بأوروبا ودول الخليج