صفقات تجارية وقواعد عسكرية محتملة.. حصاد وفير لجولة أردوغان الخليجية

الخميس 27 يوليو 2023 09:29 ص

سلط الباحث المتخصص في السياسة الخارجية التركية، إبراهيم كاراتاس، الضوء على الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الدول الأكثر نفوذاً في منطقة الخليج: السعودية والإمارات وقطر، واصفا إياها بالمهمة؛ لأنها تؤكد التعافي الكامل للعلاقات بين أنقرة من جانب والرياض وأبوظبي من جانب آخر.

وذكر كاراتاس، في تحليل نشره بموقع "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن فترة الربيع العربي شهدت دعم تركيا وقطر الانتفاضات الشعبية، ما جعلها في مفاصلة مع السعودية والإمارات، خاصة بعدما دعمت قطر بشكل علني لكسر الحصار الذي فرضته الدولتان بالاشتراك مع البحرين ومصر عام 2017.

لكن هذه المفاصلة انتهت عندما تم رفع الحصار عن قطر بتوقيع اتفاقية العلا في يناير/كانون الثاني 2021، ومنذ ذلك الحين أصلحت قطر وتركيا علاقاتهما مع دول الحصار.

العلاقات الاقتصادية والدفاعية

وهنا يشير كاراتاس إلى أن جولة أردوغان الأخيرة استهدفت استعادة العلاقات، وربما بدء تحالف مع الرياض وأبو ظبي، وأن الغرض الأساسي من الزيارة كان اقتصاديًا.

فتركيا تواجه أزمة بسبب تفاقم التحديات المالية بعد جائحة كورونا، وكلفة الزلازل التي ضربت البلاد في فبراير/شباط الماضي، والحرب الروسية الأوكرانية، وبعد عدة سنوات من النضال بسياساته الاقتصادية غير التقليدية، تحول أردوغان نحو معايير اقتصادية أكثر قبولًا عالميًا. ولمعالجة القضايا المالية، سعى الرئيس التركي للحصول على دعم أجنبي، سواء من حيث النقد أو الاستثمار بدلاً من اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.

ولبت زيارة أردوغان الخليجية أهدافه، فخلال المحطة الأولى من الجولة، أبرم الرئيس التركي صفقات متعددة مع ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، تغطي الصناعة الدفاعية واتفاقيات الطاقة.

وتضمنت الصفقة الأبرز حصول شركة "بيرقدار" التركية لصناعة الطائرات المسيرة على عقد تصدير كبير لصالح وزارة الدفاع السعودية لبيع طائرات قتالية مسيرة، بما في ذلك الطائرة عالية التحمل "أقنجي"، بقيمة تجاوزت 3 مليارات دولار.

 وبالإضافة إلى تلك الصفقة، وافقت شركة "بيرقدار" على إنشاء خط إنتاج في جدة، ونقل التكنولوجيا والمعرفة الخاصة بالطائرات المسيرة المتقدمة إلى السعودية.

ويرى كاراتاس أن هذا التعاون يمثل أهم مكسب للرياض من الزيارة، مع توقعات بمزيد من المشتريات والإنتاج المشترك لأسلحة وذخائر أخرى.

وفيما يتعلق بقطر، يلفت الخبير في السياسة الخارجية التركية إلى أن أنقرة والدوحة تحافظان بالفعل على علاقات متقدمة، ولذا كانت زيارة أردوغان بمثابة "لفتة ودية" في طريقه إلى أبوظبي، حسب تقديره.

ويضيف كاراتاس أن أبرز محطات جولة أردوغان كانت زيارته إلى الإمارات، فخلال هذه المحطة من جولته الخليجية، وقع أردوغان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، مذكرة تفاهم تشمل صفقات تجارية بقيمة 50.7 مليار دولار.

ولم توقع الحكومات التركية سابقًا على صفقات تجارية تتجاوز 50 مليار دولار مع أي دولة أخرى من قبل.

وتضمنت الاتفاقيات التزام الإمارات بتقديم 8.5 مليار دولار لمشاريع إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من الزلزال في جنوب تركيا، وتقديم قرض بقيمة 3 مليارات دولار لبنك التصدير والاستيراد التركي (EximBank) لدعم الصادرات التركية، وشراء كمية غير معلنة من الأسلحة التركية، بما في ذلك طائرات مسيرة وصواريخ.

وبرزت زيارة أردوغان إلى أبو ظبي باعتبارها الأكثر ربحًا من بين جميع المحطات في جولته، إذ كان حجم الصفقات الموقعة بها غير مسبوق بالنسبة لتركيا، ما يمثل إنجازًا اقتصاديًا كبيرًا.

السياسية الإقليمية الجديدة

ولما كان الهدف الأساسي من زيارة أردوغان هو السعي للحصول على دعم للاقتصاد التركي من دول الخليج الثلاث، فمن المرجح أن تكون تداعياتها السياسية المحتملة أكثر أهمية في المستقبل القريب، حسبما يرى كاراتاس.

وأوضح أن دول الخليج، التي زارها أردوغان، تخوض منافسة سياسية واقتصادية تؤدي في بعض الأحيان إلى صراعات فيما بينها، إذ تشير تقارير إعلامية حديثة إلى أن الخلاف بين قادة الإمارات والسعودية مستمر وراء الكواليس.

وخلال جولة أردوغان في الخليج، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير لها، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، هدد رئيس الإمارات الشيخ، محمد بن زايد آل نهيان، بعقوبات قد تكون أشد من حصار قطر في عام 2017.

وباعتبارها قوة إقليمية في الشرق الأوسط، قد تلعب تركيا بقيادة أردوغان دورًا في تخفيف التوترات بين السعودية والإمارات، ولذا فإن تعميق العلاقات بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يمنح أنقرة دورًا فعالًا بالوساطة في حل أي خلافات محتملة.

ولا يرى كاراتاس أن احتمال بناء تركيا لقواعد عسكرية في الإمارات والسعودية سيكون مفاجئًا، بالنظر إلى أن تركيا لديها بالفعل قاعدة عسكرية في قطر منذ عام 2017.

وفي عام 2011، ذكر ملك السعودية، عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، إمكانية استبدال تركيا للولايات المتحدة كضامن أمني لبلاده في مواجهة بإيران.

ورغم أن هذه الفكرة لم تتحقق بسبب اختلاف وجهات النظر حول الربيع العربي، إلا أن التهديد الإقليمي المستمر، الذي تشكله إيران، والشكوك المتعلقة بالتزام الولايات المتحدة بأمن دول الخليج قد تدفع السعودية والإمارات إلى النظر في طلب الوجود العسكري التركي، بما في ذلك إمكانية إقامة قواعد، أو السعي للحصول على تدريب عسكري من الجيش التركي.

وهنا يشير الباحث في السياسة الخارجية التركية إلى أن تنوع الحلفاء أصبح ضرورة في المنطقة، إذ أن سياسات القوى الكبرى لا تضمن أمن دول الخليج.

وفي هذا الإطار، يمكن لتركيا، بسياستها الخارجية الحازمة، وعلاقاتها العسكرية القوية، والعلاقات التاريخية مع العالم العربي، أن تكون بمثابة شريك مهم، حسب تقدير كاراتاس.

المصدر | إبراهيم كاراتاس/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان السعودية الإمارات قطر

تلجراف: الاستثمارات مقابل الطائرات المسيرة.. معادلة دفنت الأحقاد بين أردوغان وبن سلمان