استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صور اليأس والأمل بانتظار من يحسمها

الجمعة 28 يوليو 2023 03:14 ص

صور اليأس والأمل بانتظار من يحسمها

نحتاج أن نرفع أبصارنا إلى سماء الأمل الفاعل ممثلاً أولاً بصعود المقاومات العربية المبهرة.

نحن نعيش المشهد العربي الحالي الذي يزداد ظلامه وتخبطه يوماً بعد يوم، وذلك رغم ظهور برق مبشر بين الحين والآخر.

في كل مرة يبدو وكأن نوراً سيشع في بقعة من بقاع وطن العرب، حتى ينطفئ ذلك النور ويبدأ التخبط في ارتكاب الأخطاء وسوء الفهم.

أخطاء الحركات والأحزاب القومية العروبية في الماضي يجب أن تكون دروساً تعلمنا، لا أن تكون سبباً في التخلي عن المبادئ العظيمة التي طرحتها.

نشهد رجوع الفكر القومي العروبي، بزخم متصاعد، إلى شتى ساحات النضال السياسي العربي. وهو رجوع ظنت قوى الاستعمار الأمريكي والصهيوني أنه لن يعود.

كل مكونات الصورة المحزنة مسببُها طغيان أو فساد، أو خلاف طفولي غير عقلاني، أو تخلف حضاري بالداخل أو أن يكون استباحة أو ابتزاز أو خيانة مركبة من الخارج.

* * *

ما إن يضع الإنسان ثقته في أي شأن من شؤون أمة العرب حتى يفاجئه ذلك الشأن بعد حين بانتكاسته، أو بعبثية أو ببلادة بعض قادته، وسواء أكان ذلك الشأن حكومياً أو مجتمعياً فإن حجم وشدة المفاجأة سّيان، والأسباب، التي تجذرت عبر القرون، هي الأخرى واحدة.

كل مكونات تلك الصورة المحزنة المملة لا يعدو أن يكون مسببُها إما طغياناً أو فساداً، أو خلافاً طفولياً غير عقلاني، أو تخلفاً حضارياً في الداخل، وإما أن يكون استباحة أو ابتزازا أو خيانة مركبة من الخارج.

وكلما تجرأ وضحى واستشهد الأحرار الشجعان من أصحاب الالتزام والضمائر والغيرة الوطنية والقومية، في سبيل تغيير وتحييد تلك المكونات حتى يواجهوا ببطش ومؤامرات حلف الداخل والخارج التضامني، من أجل إسكاتهم أو سحقهم، أو بث الفتن والانقسامات في ما بينهم.

وهكذا، وفي كل مرة يبدو وكأن نوراً سيشع في بقعة من بقاع وطن العرب، حتى ينطفئ ذلك النور ويبدأ التخبط في ارتكاب الأخطاء وسوء الفهم. نذكر ذلك ونحن نعيش المشهد العربي الحالي الذي يزداد ظلامه وتخبطه يوماً بعد يوم، وذلك رغم ظهور برق مبشر بين الحين والآخر.

فالمشهد العربي الصادم يعرض يومياً شتى أنواع الانتكاسات الديمقراطية والنضالية الشعبية التغييرية، في ساحتين عربيتين كانتا تبشران بإمكانيات الوصول إلى عوالم الانتخابات النزيهة والبرلمانات الفاعلة المحاسبة، وتبادل سلطة الحكم، وتراجع تدخلات العسكر والاستخبارات في السياسة، ويعرض انتكاسات الالتزام القومي التضامني الرسمي تجاه من يحاربون ويضحون ويموتون على أرض فلسطين المحتلة، ويعرض انتكاسات التدخلات السافرة للاستعمار الغربي المنصهر في المشروع الصهيوني في كثير من بلاد العرب.

لكننا، ونحن ننظر إلى تلك الصور بصدق وموضوعية وبلا خوف من تعريتها الكاملة، نحتاج أن نرفع أبصارنا إلى سماء الأمل الفاعل ممثلاً أولاً بصعود المقاومات العربية المبهرة، مثل تلك التي دحرت وأذلت من قبل التدخلات الأمريكية الشيطانية في العراق، أو التي يزداد عنفوانها البطولي المبهر وهي تتحدى الوجود الصهيوني في كل أرض فلسطين العربية التاريخية، أو التي نراها حتى في لبنان المنهك، حيث المرة تلو المرة تلبس القوى الصهيونية الغازية لباس هزيمة الخزي والعار، والتي نراها في كل الوطن العربي حيث تستعد كثير من القوى للحاق بمواكب البطولات العربية الرائعة تلك.

وثانياً نرى ذلك الأمل الفاعل في رجوع الفكر القومي العروبي، بزخم متصاعد، إلى شتى ساحات النضال السياسي العربي. وهو رجوع ظنت قوى الاستعمار الأمريكي والصهيوني أنه لن يعود، وأن الذاكرة الجمعية العربية ستخرجه من روحها وأحلامها بعد موت بطل الجماهير الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

ويكفي أن يتابع الإنسان ما يكتب وما يقال عبر شبكات التواصل العربية، بمناسبة الاحتفال بذكرى انطلاق ثورة 23 يوليو المجيدة وما حملته من أفكار وحدوية تحررية تقدمية، حتى يطمئن إلى أن شباب الأمة هم في طريقهم ليدركوا أن لا طريق لأمة العرب إلا طريق وحدتها وتحررها وهيمنة فضيلة العدالة على كل مناحي حياتها، وليتبين لهم أن أخطاء الحركات والأحزاب القومية العروبية في الماضي يجب أن تكون دروساً تعلمنا، لا أن تكون سبباً في التخلي عن المبادئ العظيمة التي طرحتها.

وستكون كارثة لو أن التنظيمات القومية العروبية، بشتى صورها ومستوياتها وأحجامها، لم تلحظ هذه الانعطافة الجديدة عند شباب الأمة، وتبدأ بالعمل في ما بينهم ومعهم من أجل خلق تيار عروبي وحدوي تضامني فاعل يخرج الأمة من آلام ومخاطر الصورة الكارثية التي وصلت إليها بسبب الغياب الوجودي الفاعل لفكر وقيادة وعمل وتضحيات أجيال القوى القومية العروبية السابقة. هناك قوى هائلة ضد هذا التوجه، ولكن هناك أيضاً قوى هائلة معه، تنتظر من يجيشها وينظمها ويدفع بها في ساحات النضال من أجل الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والنهوض الحضاري المتجدد.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، وكاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الأحزاب القومية الفكر العروبي الوحدة صور اليأس والأمل التدخلات الأمريكية