استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«حقل الدرّة» أزمة جديدة بين إيران والخليج

الثلاثاء 1 أغسطس 2023 03:09 ص

«حقل الدرّة» أزمة جديدة بين إيران والخليج

هل يأتي ذلك اليوم الذي تتوقف فيه التدخلات الخارجية، وتنتقل السيطرة على خيرات البلاد إلى أهلها؟ عسى أن يكون ذلك قريباً.

النزاعات الإقليمية في مجملها انعكاس لصراعات دولية أشد وأعمق، تعصف بالمنطقة، نتيجة التنافس الحاد بين القوى الكبرى على ثرواتنا.

أُضيف حقل الدرّة عنوانا جديدا من عناوين كثيرة مشابهة، يشكل كلُ واحدٍ منها بؤرةً من بؤر النزاعات الإقليمية، والتوترات، والصراعات، والحروب، الباردة والساخنة.

* * *

لم يمضِ وقتٌ طويلٌ على الاتفاق السعودي الإيراني، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، برعاية الصين، حتى طفا على السطح، فجأة، منذ أسابيع، خلافٌ جديدٌ، بين إيران من جهة، وبين السعودية والكويت، اللتين تشتركان في حقل الدرّة للغاز، الواقع في أعماق مياه شمال الخليج العربي، والذي تطالب إيران بحصةٍ فيه.

لم يصل هذا الخلاف حد الأزمة بعد، لكنه قابل للتفجير ليصبح أزمة حقيقية، في أي وقت، خاصة بعد دخول العراق على الخط والمطالبة أيضاً بحصةٍ في الحقل، وسط تشكيك سعودي كويتي بتوقيت وغرض هذا التحرك العراقي المتأخر، الذي جاء بعد حسم ملكية الحقل، وتوقيع اتفاقية اقتسامه بين السعودية والكويت.

غاز بحري

حقل الدرّة هو حقل غاز بحري مشترك يقع في المنطقة البحرية المحايدة بين الكويت والسعودية، أُكتشف عام 1967.

ويشير الخبراء إلى أن الحقل يقع في المنطقة المغمورة بمياه البحر، بين البلدين، (وهو مجرد مسمى، وليس مرتفعاً ولا جزيرة). وكانت إيران تنازع الكويت للحصول على جزء منه نظراً لموقعه الحدودي.

وكان من المفترض أن يبدأ إنتاج الغاز من الحقل، منذ فترة طويلة، لكن ما أعاق ذلك موقعه الحدودي، الذي جعله محل خلاف. وقد بدأ استخراج الغاز منه سنة 2013.

وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي 2022، وقعّت كلُ من السعودية والكويت مذكرة تفاهم للتشارك في تطوير “حقل الدرّة”، لرفع إنتاجه إلى مليار قدم مكعب من الغاز يومياً.

وفي مطلع شهر يوليو/ تموز الجاري، 2023، أعلنت السعودية أن الحقل مملوكٌ حصرياً لها ولدولة الكويت، وأنهما تملكان حق السيادة الكاملة عليه. ودعت الدولتان إيران إلى البدء بترسيم الحدود البحرية.

ترفض السعودية والكويت المطالبة الإيرانية بحصة في “حقل الدرّة”، وتقولان إن ثروات الحقل مشتركة بينهما بالمناصفة فقط لا غير، وانهما أوضحتا هذا الموقف للجانب الإيراني. وتصران أنه (ليس لأي طرف آخر أي حقوق في “حقل الدرّة” حتى يتم ترسيم الحدود البحرية).

الموقف الإيراني

أما إيران فتقول إنها ستتابع مع الكويت موضوع الحقل المعروف لديها باسم حقل أراش للغاز. وقالت إنها أجرت مباحثات قانونية وفنية مع الكويت، في شهر مارس الماضي، حول الحدود البحرية. وتؤكد طهران أن لها حصة في الحقل، ووصفت الاتفاق السعودي الكويتي الموقع نهاية العام الماضي أنه اتفاق “غير قانوني”.

ويعزو الخبراء أن الخلاف حول حقل الدرّة، سببه الحدود التي فرضها فرضاً المعتمد البريطاني في الخليج، اليهودي بيرسي كوكس، بين العراق والسعودية والكويت، والتي تضمنتها معاهدة العقير، لعام 1922.

وقد اعتمدت الأطراف الثلاثة خريطة كوكس، التي أُنشئت بموجبها المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، والمنطقة المحايدة بين العراق والسعودية، والتي كانت سبباً للنزاعات.

دخول العراق على الخط

ويقول الباحث السعودي مبارك آل عاتي إن دخول العراق على خط حقل الدرّة والمطالبة بحصة يثير تساؤلاً عن سبب سكوت الجانب العراقي لسنين طويلة وظهوره فجأة بعد الاعتراض الإيراني على الاتفاق السعودي الكويتي.

ويرى آل عاتي أن إثارة خلاف حول ملكية “حقل الدرّة” تهدف إلى “زعزعة استقرار المنطقة”، وتسخين النار تحت الصفيح الذي تقع عليه دول مجلس التعاون الخليجي، والعراق وإيران، والمنطقة باكملها.

ويحذر الخبير السعودي من “أن المنطقة جاهزة لأن تثور في أي لحظة”، نتيجة “تجميد وترحيل القضايا وليس حلها”. ويضيف أن بلاده “تدرك أن هناك جمرا يتوقد تحت الرماد”.

ويقر الدكتور جمال الحلبوسي، الخبير العراقي في ترسيم الحدود والمياه الدولية، أنه ليس للعراق وإيران ذكرٌ في الوثائق القديمة، حول ملكية “حقل الدرّة”، إلا أنهما يعتمدان في المطالبة بحصة في الحقل بناء على “اتفاقية البحار الدولية”، لعام 1982، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994.

ويشير الحلبوسي إلى أنه بموجب هذه الاتفاقية يتم تحديد المياه الإقليمية للدول لمسافة 12 ميلاً، من الساحل، ثم 12 ميلاً أخرى متاخمة. فيكون المجموع 24 ميلاً من ساحل كل بلد.

وتمتد سيادة الدول إلى “النطاق الجوي، الذي يعلو البحر الإقليمي، وإلى قاع البحر وما تحته من طبقات”. وبما أن أقل عرض للخليج العربي هو 120 ميلاً، فإذا تم اقتطاع 48 ميلاً، من الساحل الشرقي ومن الساحل الغربي، يتبقى 72 ميلاً، وسط مياه الخليج تشكل المنطقة الاقتصادية.

غاز الخليج بدل غاز روسيا

ويشير الدكتور جمال الحلبوسي إلى أن ما نراه من استعجال في منطقتنا لإنتاج مزيد من الغاز هو لتلبية حاجة أوروبا، بعد توقف إمدادات الغاز الروسي، بسبب الحرب الأوكرانية.

ويقول إن المفكرين الاقتصاديين لم يجدوا بديلاً أفضل من الشرق الأوسط لتصدير الغاز إلى أوروبا، لأن منطقتنا تعج بمكامن الطاقة، مما جعل الأضواء كلها تُسلط الآن على غاز الخليج، إذ لا يوجد منفذ لتوريد الغاز الى أوروبا إلا من الجزائر، لكن حجم انتاجها لا يكفي.

ويشير الحلبوسي إلى أن خطط وزارة الطاقة الأمريكية، أن يمر غاز الخليج عبر العراق إلى أوروبا، وليس عبر البحر الأحمر.

وفي ضوء بوادر أزمة جديدة بين دول الخليج العربي وإيران، دعا المفكر السياسي الكويتي، الدكتور عبدالله النفيسي، دول مجلس التعاون الخليجي إلى "الاستقواء" بتركيا أمام إيران فيما يتعلق بالخلاف حول حقل الدرّة. وقال إن الخيار الاستراتيجي المتاح هو إدخال تركيا كمستثمر في هذا الحقل المتنازع عليه، (حتى لا تستفرد بنا إيران).

وهكذا يكون قد أُضيف عنوانٌ جديدٌ إلى قاموس السياسة والإعلام في المنطقة، هو حقل الدرّة، ليصبح جزءاً من عناوين كثيرة مشابهة، يشكل كلُ واحدٍ منها بؤرةً من بؤر النزاعات الإقليمية، والتوترات، والصراعات، والحروب، الباردة والساخنة، التي هي في مجملها انعكاس لصراعات دولية أشد وأعمق، تعصف بالمنطقة، نتيجة التنافس الحاد بين القوى الكبرى على ثرواتنا.

فهل يأتي ذلك اليوم الذي تتوقف فيه التدخلات الخارجية، وتنتقل السيطرة على خيرات البلاد إلى أهلها؟ عسى أن يكون ذلك قريباً.

*داود عمر داود كاتب أردني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إيران الخليج العراق السعودية الكويت تركيا الاستقواء حقل الدرة غاز بحري النزاعات الإقليمية