مشاكل سوريا تفاقمت.. كشف حساب لـ3 أشهر من التطبيع مع الأسد

الثلاثاء 1 أغسطس 2023 12:30 م

كان من المفترض أن يساعد تطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد على استقرار البلاد، لكن ما حدث هو العكس، إذ جعل مشاكل سوريا أسوأ، بحسب تشارلز ليستر، زميل أول ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط.

ليستر تابع، في تحليل بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه قبل ثلاثة أشهر، أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جهودا إقليمية لإعادة تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، والتقى وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان مع الأسد بدمشق في 18 أبريل/ نيسان الماضي.

وفي 19 مايو/ أيار الماضي، شارك الأسد في قمة قادة جامعة الدول العربية بالسعودية، للمرة الأولى منذ أن جمدت الجامعة في 2011 مقعد دمشق، ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية مناهضة له طالبت بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

ولفت ليستر إلى أن الفكرة خلف هذا التطبيع كانت أنه "عبر الانخراط مع الأسد يمكن للدبلوماسية أن تحصل على تنازلات ذات مغزى منه، وإعادة توجيه سوريا نحو الاستقرار والتعافي".

وشدد على أنه مع مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وبعد نحو 340 هجوما بالأسلحة الكيماوية، و82 ألف برميل متفجر، وعشرات من عمليات الحصار على غرار العصور الوسطى، لم يكن قرار المنطقة التطبيع مع الأسد بالإجماع، إذ كانت قطر خصما قويا لهذه الخطوة، تليها الكويت والمغرب.

أوروبا وأمريكا

"أما خارج المنطقة، فلا يزال احتمال تطبيع الأسد اقتراحا بغيضا للغاية، إذ لا تظهر أوروبا أي علامة على أن تحذو حذو العرب، وكذلك الولايات المتحدة، على الرغم من أن بعض كبار مسؤولي البيت الأبيض أعطوا الضوء الأخضر للعرب"، وفقا لليستر.

وأضاف أنه "بالنسبة للبعض داخل الإدارة الأمريكية، يُنظر إلى أزمات الشرق الأوسط، مثل الأزمة السورية، على أنها غير قابلة للحل، وهامشية لمصالح الولايات المتحدة، ولا تستحق الجهد المبذول".

وأردف: "وفقا لاثنين من المسؤولين الإقليميين واثنين من المسؤولين الأوروبيين الذين أجروا مؤخرا اجتماعات منفصلة في واشنطن، فإن أحد كبار مسؤولي إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن أشاد بالدور الأمريكي في تحقيق "الشرق الأوسط الأكثر استقرارا منذ 25 عاما".

و"من المرجح أن هذا الادعاء يستند في جزء كبير منه إلى الموجة الأخيرة مما يُسمى بخفض التصعيد في جميع أنحاء المنطقة، حيث أعادت الحكومات المعادية والمتنافسة الانخراط في معالجة خلافاتها، لكن ديمومة هذه التطورات لا تزال غير واضحة"، كما تابع ليستر.

ومن أبرز التحولات في المنطقة، استئناف السعودية وإيران (حليفة الأسد) لعلاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق توسطت في الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، وأنهى 7 سنوات من القطيعة بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.

الكبتاجون واللاجئون

وبحسب ليستر، فإن مشاكل سوريا تفاقمت بعد مرور نحو ثلاثة أشهر منذ زيارة ابن فرحان لدمشق، ففي 11 يوليو/ تموز الماضي، استخدمت روسيا (حليفة الأسد) حق النقض في مجلس الأمن ضد تمديد آلية الأمم المتحدة، التي مضى عليها 9 سنوات، لتقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع تركيا إلى مناطق شمال غربي سوريا (تسيطر عليها المعارضة)، "مما أدى إلى قطع شريان الحياة الحيوي".

كما تُظهر بيانات رصد المضبوطات الإقليمية أنه في الأشهر الثلاثة الماضية تمت مصادرة ما قيمته مليار دولار من مخدر الكبتاجون السوري الصنع في أنحاء المنطقة، لاسيما في السعودية والإمارات وسلطنة عمان والكويت والعراق وتركيا والأردن، على الرغم من وعد نظام الأسد بمكافحة هذا المخدر الذي يلعب النظام دورا محوريا في صناعته وتجارته ويدر عليه عملة صعبة، وفقا لليستر.

وأردف: وبالنسبة لملايين اللاجئين السوريين في دول المنطقة، أظهر استطلاع جديد للأمم المتحدة قبل أيام من مشاركة الأسد في القمة العربية أن 1٪ فقط يفكرون في العودة إلى سوريا في 2024، وترتبط الأسباب الأكثر أهمية لرفض اللاجئين العودة إلى استمرار حكم نظام الأسد.

وزاد بأنه في الأشهر الثلاثة الماضية، انهار الاقتصاد السوري بشكل سريع، إذ فقدت الليرة السورية 77% من قيمتها، فقد أدى سوء الإدارة المالية وإعطاء الأولوية لتجارة المخدرات إلى قتل الاقتصاد السوري وربما إلى الأبد.

واستطرد: بينما تتوق المنطقة إلى سوريا مستقرة يحكمها نظام قوي يرحب باللاجئين، فإن الأشهر الثلاثة الماضية أعطت صورة مختلفة تماما، وهي صورة التصعيد، إذ قُتل مثلا نحو 150 شخصا في محافظة درعا الجنوبية منذ أبريل/ نيسان الماضي مما يعزز مكانة درعا باعتبارها أكثر المناطق غير المستقرة في سوريا منذ 2020.

وشدد ليستر على أنه تم تجاهل التحذيرات من أن إعادة الارتباط بالأسد ستأتي بنتائج عكسية، وأصبحت العواقب الآن واضحة للجميع، ما يهدد خطط الدول الإقليمية لعقد قمة متابعة للملف السوري، "فاللقاء وسط هذه التطورات المأساوية سيكون بمثابة حماقة".

وختم بأن "سوريا تدخل الآن فترة مظلمة للغاية من عدم اليقين، مع انهيار الاقتصاد، وارتفاع مستويات العنف، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وبيئة دبلوماسية مسمومة، وكالعادة سيتحمل الشعب السوري التداعيات".

المصدر | تشارلز ليستر/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا الأسد تطبيع مشاكل السعودية الكبتاجون اللاجئون

كاتب أمريكي: التطبيع العربي مع الأسد "شر لا بد منه".. وعلى واشنطن استغلاله بهذه الطريقة