قصر نظر المقاربة السعودية في اليمن

السبت 13 سبتمبر 2014 01:09 ص

نظرا لمواصلة  الآلاف من أنصار «الحوثيين» تحركهم الاحتجاجي للمطالبة بإسقاط الحكومة اليمنية، وأخذ الاحتجاج للطابع المسلح، فإن هناك تخوفات من اندلاع حرب أهلية في اليمن، وتسود التوقعات نحو غلبة هذا السيناريو بعد حصار «الحوثيين» لصنعاء وسيطرتهم على محافظتي صعدة وعمران.

وتتحكم في مجريات الأمور في اليمن عوامل خارجية تتركز بين يدي السعودية وإيران حيث تربط «الحوثيين» علاقات قوية بإيران، فيما تربط السعودية علاقات قوية أيضا بالنظام الحاكم في اليمن، خاصة أن النظام الحالي بقيادة الرئيس «عبدر ربه منصور هادي» إنما قام بناء على «المبادرة الخليجية» التي قادتها السعودية وأشرفت عليها.

ولما سبق فإن إيران تعتبر أن النظام الحالي في اليمن هو نظام تابع للسعودية لذا فإن محاولات إفشاله لن تتوقف وفق عدد من المتابعين إلا بعد أن تتوصل السعودية وإيران لتوافق في ملفات أخرى في العراق وسوريا ولبنان وهذا ما زالت أبوابه مفتوحة، وقد اتهم الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» إيران صراحة بتأجيج الخلافات المذهبية والانقسامات داخل بلاده ومحاولة إشعال الحرب حتى في العاصمة صنعاء، بسبب دعمها وتمويلها لـ«الحوثيين».

ويمكننا إضافة ملاحظة أخرى وهي  أن الأزمة في اليمن لها ارتباط واضح بما يجري في العراق وسوريا، فكلما ضاقت الدائرة في العراق وسوريا على نظامي «الأسد» و«المالكي» كان تحرك «الحوثيين» في اليمن أكثر سرعة وقوة، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على إدراك حقيقة ضعف الموقف السعودي وعدم قدرته على التأثير بفعالية أكبر في ملفات أبعد بينما النار تشتعل بالقرب من حدوده.

لا يبعد اليمن كثيرا عن الحالة العراقية بالنسبة للسعودية فالنظام المتوافق مع السعودية يقع بين خطر «الحوثيين» في الشمال وخطر «القاعدة» في الوسط والجنوب، مع ضعف شديد في بنية الجيش بعد الانقسامات التي حدثت أثناء الثورة في اليمن.

ولكن السعودية لم تنجح حتى الآن في دعم العملية السياسية في اليمن ولا في تحقيق الاستقرار المطلوب، ويعود هذا وفق متابعين يمنيين إلى أن السعودية تعتمد سياسة النفس القصير ودفع الأموال الباهظة لشراء الولاءات، ولا تنتهج خطط أو استراتيجيات مما زاد من تعقيد الأمور.

والذي يزيد الأمر خطورة هو فتح السعودية معركة الإقصاء مع جماعة «الإخوان المسلمين» في المنطقة كلها ومن ضمنها اليمن التي وقفت السعودية ضدها وفي صف الرئيس السابق «علي عبدالله صالح»، وها هي اليوم تقف ضد «التجمع اليمني للإصلاح» بعد أن قدمت له دعما في بداياته نكاية في «الحوثيين» إلا أن عداوتها لـ«الإخوان المسلمين» جعلتها توقف هذا الدعم وتغض الطرف طويلا عن ممارسات «الحوثيين» مما فتح علامة الاستفهام حول إدراك السعودية لمآلات سياستها في اليمن .

تقوم المقاربة السعودية في اليمن على دعم الرئيس «هادي» لكنها في نفس الوقت لا تريد «الإخوان» أو بالأحرى تريد القضاء عليهم  وقد بدا هذا جليا في تصريحات  الدكتور «محمد الهدلاء» عضو لجنة المناصحة والمستشار في الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب بالمملكة العربية السعودية إلى أن ما حصل في مصر «يقصد الانقلاب» سيدفع الرئيس «عبد ربه منصور هادي» إلى مراجعة أداء مؤسسة الرئاسة وتخفيف عملية إحلال عناصر «حزب الإصلاح» «الاخوان المسلمين» في مفاصل الدولة وتحديداً في المؤسستين العسكرية والأمنية، وهذا لا يدل إلا على غياب الوعي السياسي والسير نحو المجهول؛ فالرئيس «هادي» ضعيف والجيش مفكك وإيران تدعم «الحوثيين»، والسعودية تعادي «الإخوان» وبمرور الأيام يتقدم «الحوثيون»، والتجمع بالتعاون مع الرئيس هو المنظومة الأقدر على تحقيق الاستقرار بالنسبة للسعودية .

ونظرا لعدم قدرة الرياض على حل الأزمة فإنها تحاول استقدام دعم المجتمع الدولي للتدخل في اليمن فوفقا لصحف سعودية فان السعودية تدعو لتدخل دولي حازم أكبر من الإدانة والتصريحات تجاه الوضع  في اليمن يمنع الفوضى التي يقوم بها الحوثيون .

ومصداقا لما تحدثنا به فإن رئيس مركز الخليج للدراسات المقرب من السعودية، الدكتور «عبدالعزيز بن صقر»، ألقى قنبلة تحذيرية على طاولة دول «مجلس التعاون الخليجي»، حيث لم يستبعد  قيام «عبدالملك الحوثي» بإلغاء جميع الاتفاقيات التي وقعتها اليمن مع جيرانها، وفي مقدمتها اتفاقية الحدود الموقعة بين اليمن والمملكة وسلطنة عمان.

وأضاف أن الوضع غير عادي ويهدد أمن المنطقة كلها، ويجب أن يكون هناك دور خليجي أولاً، وعربي ثانياً، يجب أن يتم دعم الدولة اليمنية، ودعم الرئيس «هادي» بمختلف أنواع الدعم، والمساندة بما فيها المساندة المالية والعسكرية المباشرة، ودعم الجيش اليمني كي يحفظ الاستقرار ويواجه هذا التهديد، مؤكداً أنه إذا ما تركت الدول الخليجية اليمن، ولم تقم بدور حاسم لوضع حد لجماعة «الحوثي»، فإن اليمن ستنهار وسيكون الخاسر الأكبر هي الدول الخليجية.

وبالرغم من أن المبادرة الخليجية عملت على تقليص دور «الإخوان» في اليمن من خلال دعم «هادي» وتنحية صالح إلا أن الانتقادات من داخل الأوساط السعودية  الأمنية ما زالت تتوالى عليها لعدم  تضمين بند في المبادرة الخليجية لإخراج الرئيس السابق «علي عبدالله صالح» واللواء «علي محسن» من البلاد كي تنجح المبادرة والتسوية، وفي هذا السياق ينبغي الإشارة أن تسريبات تقول أن علي صالح ينسق مع «الحوثيين»، كما أن السعودية ترى في اللواء «علي محسن» قائدا لمشروع «الإخوان» في السيطرة على الجيش اليمني, وهذه المساواة إنما تدل على فشل مركب من حيث الفشل في الدعم السابق لـ«صالح» ضد الثورة ومن حيث الفشل في قراءة المستقبل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن إيران الحوثيين الإخوان

«الرياض» تكشّر عن أنيابها للرئيس اليمني وتتهمه بالتلكؤ في التعامل مع «الحوثيين»

الرئيس اليمني يتهم إيران بدعم الحوثيين

اليمن .. مساعي سعودية لمصالحة وطنية تكبح الحوثيين