استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الغرب ووهم الريادة الأبديّة

الجمعة 4 أغسطس 2023 02:51 ص

الغرب ووهم الريادة الأبديّة

تطورات هائلة في التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي تبعث آمال الدولة العميقة الأميركية بالسيطرة الأحادية الأبدية على المعمورة!

نجاح الغرب اليوم في تحقيق التفوق النوعي في «الثورة التكنولوجية الرابعة»، أمر غير محسوم نتيجة منافسة الصين أساساً، هو التهديد الأكبر بالنسبة لشعوب الجنوب.

كسر احتكار الغرب للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة النووية بواسطة السوفيات ثم الصين، حال دون استخدامها من قبل الغرب عندما واجه مقاومة ضارية في كوريا وفييتنام.

الطموح لاستعادة السيطرة على شعوب الجنوب وموارده بقوة عسكرية من روبوتات وآلات القتل الذكية، أي خوض الحروب بلا أكلاف بشرية، يفسّر الاستثمار العسكري الغربي المكثّف في الذكاء الاصطناعي.

* * *

التطورات الهائلة في ميدان التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي تبعث آمال الدولة العميقة الأميركية بالسيطرة الأحادية الأبدية على المعمورة. أي تجاهل لسياق احتدام الصراعات الدولية الراهن، الناجم أصلاً عن السعي الأميركي المحموم للحد من انحسار هذه السيطرة، وارتباطه الوثيق بـ«الثورة التكنولوجية الرابعة»، وفي القلب منها الذكاء الاصطناعي، سيمنع من إدراك توظيفاتها الراهنة والمستقبلية الأكثر خطورة، ومفاعيلها على توازنات العالم الإجمالية.

ارتفعت أصوات كثيرة، في الغرب أساساً، للتحذير من التداعيات الداخلية الكارثية لهذه «الثورة» بالنسبة إلى قطاعات اجتماعية عريضة، بما فيها شرائح معتبرة من الطبقات الوسطى العتيدة، من مهندسين ومحامين وأطباء وغيرهم، باتت مهدّدة في المدى القريب والمتوسط بفقدان وظائفها لصالح خوارزميات الذكاء الاصطناعي، في حال تغلّب منطق الربح الرأسمالي الصافي على الحد الأدنى من الضوابط السياسية والاجتماعية التي تفرضها الدول عليه حفاظاً على استقرارها.

موازين القوى الاجتماعية الداخلية التي تزداد اختلالاً لصالح حفنة من أصحاب المليارات، وهم يمثلون 1% برأي البعض، و0.1% برأي البعض الآخر، من مجمل سكان الكوكب، والتداخل الكبير بين مصالح هؤلاء ومصالح النخب السياسية الغربية الحاكمة، لا تبشّر بالخير بالنسبة إلى الأغلبيات الشعبية في هذه البلدان.

ولا شك أن مثل هذه الظروف ستقود إلى تجدّد وتعاظم الصراع الطبقي بأشكال وأنماط غير معهودة، بعد أن ظنّ كثيرون أنه أضحى جزءاً من مرحلة تاريخية تمكّنت «الديموقراطيات الليبرالية» من تجاوزها.

غير أن المفاعيل والتداعيات الأشدّ هولاً لتوظيفات الذكاء الاصطناعي ستتجلى على الأرجح في البقاع الواقعة خارج حدود «الحديقة الغربية»، حيت تخوض الولايات المتحدة وحلفاؤها مواجهة محمومة ضد «المنافسين الاستراتيجيين» وضد الدول والحركات المناهضة لهيمنتهم.

لقد اجتاح الغرب بقية العالم في القرون الماضية وتحكّم بمصائر شعوبه وبثرواتها بفضل تفوقه في تقنيات القتل. «صلة رحم» تجمع التطور العلمي والتكنولوجي بتاريخ الاستعمار الغربي: من اختراع السلاح الناري والبندقية الآلية، مروراً بالمدافع والأساطيل البحرية، إلى سلاح الطيران والصواريخ، وصولاً إلى القنابل النووية والأسلحة الذكية بأنواعها المختلفة.

لكنّ إرادة المقاومة الصلبة للشعوب غير الغربيّة ولقواها التحرّرية، والخبرات التي اكتسبتها بعد مراحل طويلة من الصراع مع المستعمرين، هي جميعها عوامل مكّنتها من امتلاك السلاح بدورها، وابتداع أساليب المواجهة الملائمة التي عطّلت من فعالية التفوّق التكنولوجي وسمحت بإلحاق الهزيمة بالقوى الاستعمارية.

ولا شك أن كسر احتكار الغرب للتكنولوجيا العسكرية المتطورة، خاصةً تلك النووية، من قبل دول الاتحاد السوفياتي ثم الصين، قد حال دون استخدامها من قبل الغرب عندما واجه مقاومة ضارية في كوريا أو في فييتنام.

نجاح الغرب اليوم في تحقيق التفوق النوعي في مجال «الثورة التكنولوجية الرابعة»، وهو أمر غير محسوم نتيجة للمنافسة الصينية القوية أساساً، هو التهديد الأكبر بالنسبة إلى شعوب الجنوب العالمي.

فالطموح لاستعادة السيطرة على شعوبه ومواردها بالاستناد إلى قوة عسكرية جلّها من الروبوتات وآلات القتل الذكية، أي خوض الحروب بلا أكلاف بشرية، هو الذي يفسّر قبل أي عامل آخر الاستثمار العسكري الغربي المكثّف في ميدان الذكاء الاصطناعي.

*وليد شرارة كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر | الأخبار

  كلمات مفتاحية

الغرب الاستعمار روبوتات خوارزميات الذكاء الاصطناعي الثورة التكنولوجية الرابعة النخب السياسية الغربية حديقة الغرب التطبيقات العسكرية آلات القتل الذكية