استبعدت الإدارة الأمريكية أن تقود قمة السلام الأوكرانية، المقرر عقدها في مدينة جدة بالسعودية يومي 5 و6 أغسطس/آب الجاري؛ لتحقيق أي نتائج ملموسة فيما بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الصراع بين كييف وموسكو المتواصل منذ شهر فبراير/ شباط الماضي.

جاء ذلك، وفق مقابلة أجراها جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي التابع للبيت الأبيض مع موقع صوت أمريكا الخميس ونشرت في وقت لاحق.

وبدلا من ذلك اتفاق السلام، توقع كيربي أن تقود القمة التي تستضيفها مدينة جدة السعودية فقط إلى استمرار المناقشات حول صيغة السلام التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتتكون من 10 بنود رئيسية لحل الصراع.

والمحادثات التي تستضيفها السعودية هي الثانية في سلسلة لقاءات ينظمها أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني، وجرت المحادثات الأولى خلال وقت سابق من العام الجاري في عاصمة الدنمارك، كوبنهاجن.

لن تنهي الحرب

وأعرب كيربي في حديثه لصوت أمريكا عن اعتقاده أن مخرجات قمة جدة ستكون في الأغلب استمرار لعملية إضفاء الطابع الاجتماعي على صيغة السلام التي طرحها الرئيس زيلينسكي وإيجاد طرق لتحقيقها، والمساعدة في الحصول على قوة دفع لها.

وأضاف أن قمة السعودي تهدف جزئيا لتوضيح صيغة السلام الأوكرانية بشكل أكبر للمجتمع الدولي، ومحاولة حشد الدعم لها كي تمضي قدما، لاسيما أن أحد مكوناتها الرئيسية هو احترام وحدة الأراضي والسيادة الأوكرانية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة.

وتشمل صيغة السلام الأوكرانية التي يدور الحديث عنها السلامة النووية بعودة محطة زاباروجيا النووية (أكبر محطة في أوروبا) إلى سيطرة أوكرانيا، والأمن الغذائي: باستمرار العمل وفق اتفاقية الحبوب بالبحر الأسود، مع توسيعها لتشمل جميع الموانئ، أمن الطاقة: بالحد من أسعار موارد الطاقة الروسية، وحماية المنشآت الأوكرانية بأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي،

كما تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى وإعادة المرحلين قسرا، احترام ميثاق الأمم المتحدة، واستعادة السلامة الإقليمية لأراضي أوكرانيا، وانسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ووقف الأعمال العدائية ضدها.

وتتضمن أيضا تحقيق العدالة وذلك بإنشاء محكمة خاصة للجرائم الروسية والتعويض عن الأضرار والخسائر التي سببتها الحرب.

مكافحة إبادة البيئة، ومنع التصعيد في المستقبل من خلال تزويد أوكرانيا بضمانات أمنية، وتحديد نهاية الحرب بتوقيع معاهدة سلام متعددة الأطراف.

وحول إعلان الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور عدم مشاركة بلاده بالقمة السعودية إلا بشرط مشاركة طرفي النزاع في إشارة إلى روسيا، علق كيربي قائلا إنه لابد من التذكير أن ما سيجرى في جدة ليست محادثات سلام ولا مفاوضات حول إنهاء الحرب.

وتابع "يجب ألا ينظر الناس إلى اجتماع جدة على أنه منتدى يمكن من خلاله تحقيق نتائج مؤكدة وملموسة، بل يتعلق الأمر حقًا بإجراء محادثة مستمرة حول الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه صيغة السلام الأوكرانية".

وقال كيربي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المقابل، لم يظهر أي مؤشر على استعداده للتفاوض - بل على العكس تمامًا.

واستشهد كيربي بشن القوات الروسية المزيد من الهجمات في آخر 24 إلى 48 ساعة فقط على شحنات الحبوب في نهر الدانوب.

وأضاف كيربي أن بوتين يفعل كل ما في وسعه ليس فقط لمحاولة التمسك بالمنطقة التي لا تخصه في شرق أوكرانيا، بل ليحد من قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب والمواد الغذائية إلى العديد من البلدان حول العالم، بما في ذلك تلك الدول الواقعة في جنوب العالم.

ورأي كيربى أنه من الصعب وضع إطار زمني لإيجاد حل لسلام فعال ينهي الأزمة الروسية الأوكرانية.

وعقب أن تركيز الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي ينصب فقط على التأكد من أن القوات المسلحة الأوكرانية يمكن أن تنجح في هجومها المضاد حتى تتمكن من استعادة المزيد من الأراضي التي تنتمي إليها من القوات الروسية ونأمل في دفع السيد بوتين إلى طاولة المفاوضات.

وعقب "لكن مرة أخرى، نحن لسنا في هذه المرحلة الآن".

وأكد كيريي أن الانتخابات الأمريكية القادمة أو أي أمر له علاقة بالسياسة الداخلية الأمريكية لن يؤثر عل التوصل إلى سلام بين روسيا وأوكرانيا أو أي شيء أخر له علاقة بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.

التطبيع السعودي الإسرائيلي

وعلى صعيد أخر، قال كيربي إن الإدارة الأمريكية تواصل العمل مع السعودية فيما يتعلق بعملية التطبيع مع إسرائيل، مشيرا إلى أن الإدارة تعتقد أن تطبيع البلدين "أفضل لأمننا القومي".

وذكر أن كيربي أن الإدارة الأمريكية الحالية تجري محادثات مستمرة مع الشركاء في الشرق الأوسط حول محاولة تحقيق منطقة أكثر تعاونًا، ومنطقة أكثر تكاملاً، معقبا "نعتقد أن التطبيع مع إسرائيل يمكن أن يكون جزءًا أساسيًا من ذلك".

وأشار إلى أن محادثات مستشار الأمن القومي جايك سوليفان في جدة لأسبوع الماضي كانت استمرارًا للمناقشات التي أجريناها منذ بداية وصول الإدارة الأمريكية للبيت الأبيض.

وأضاف "بالتأكيد نود رؤية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لكننا نتفهم ونحترم أن ذلك يجب أن يعود إلى هذين البلدين"، معقبا "نعتقد أن إسرائيل الأكثر اندماجًا في المنطقة أفضل للمنطقة، وبصراحة تامة، هذا أفضل لمصالح أمننا القومي".

وفيما يتعلق بمساعي الرياض للحصول على اتفاق أمني مع واشنطن كجزء من صفقة التطبيع مع إسرائيل، واحتمالات تفكير الرئيس الأمريكي جو بايدن في هذا، قال كيربي: لا أريد أن أستبق ما نحن فيه بالمناقشات الجارية".

وأضاف "هذه محادثات جارية حول كيفية تحسين التعاون الإقليمي والتكامل الإقليمي. ولا يوجد إطار عمل متفق عليه الآن، ولا اتفاق محدد أو مفاوضات نهائية حول شكل التكامل الإقليمي.