صيف الكويت القائظ يدقق ناقوس الخطر بارتفاع حرارة الكوكب

الجمعة 4 أغسطس 2023 05:39 م

بالتزامن مع وصول درجات الحرارة إلى حوالي 50 درجة مئوية في هذا الوقت من العام بدولة الكويت، يتجول مواطنون وسكان بالدولة الخليجية في متنزه تصطف على جانبيه أشجار النخيل ومحلات على الطراز الأوروبي، دون نقطة عرق واحدة.

ووفق تقرير أوردته مجلة المونيتر الأمريكية، فقد أصبح حدوث ذلك ممكنا في أحد أكثر البلدان الصحراوية سخونة في العالم، بفضل الهندسة المعمارية والتكنولوجيا، إذا يقع الشارع المذكور بأكمله داخل مركز تسوق مكيف في مدينة الكويت.

لكن خارج المركز المكيف، بالكاد يمكنك رؤية شخص يتنقل سيرًا على الأقدام، بسبب درجات الحرارة الحارقة التي تركت السوق التاريخي في البلاد (غير مكيف) مهجورا إلى حد كبير.

ومن داخل السوق التاريخي في الكويت، وبينما ترش مراوح كبيرة رذاذ التبريد على الزبائن القلائل الذين يواجهون الحرارة الشديدة، قال تاجر التمور عبدالله اشكناني (53 عاما) "يغادر معظم الناس الكويت في الصيف ولا يبقي في هذا الوقت من العام سوى عدد قليل للغاية"

وأضاف اشكناني، الذي ينحدر من أصول إيرانية، أنه يبقي على أبواب محله مفتوحة لكي تكون ظاهرة لرواد السوق القلائل في تلك الفترة من العام إذ يفر معظم سكان الكويت البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة إلى الخارج.

بالنسبة لأولئك الذين لم يغادروا الكويت البلد الصغير الغني بالنفط، أصبحت الحياة محتملة فقط انتشار أنظمة تكييف الهواء.

وفي هذا الصدد، قال كويتي متقاعد يدعى أبو محمد أثناء جلوسه في مقهى مكيف، "نجحنا في تحمل الحرارة بفضل التكييف فهو موجود في المنزل والسيارة وفي هذا المقهى".

احتباس حراري

لكن بالرغم من إشارة المتقاعد الكويتي أبو محمد بالفضل إلى أجهزة التكييف، فإنه يدرك أيضا أن الاستهلاك المفرط للطاقة، من ناطحات السحاب إلى السيارات الكبيرة، هو جلب هذا الحر إلى الكويت.

وعلى غرار دول الخليج الاخرى، فالكويت دولة منتجة للنفط، وهي صناعة تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتسهم الدولة في أحد أعلى معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون للفرد في العالم.

وغالبًا ما ترتفع درجات الحرارة في مطربة، وهي منطقة نائية في شمال غرب الكويت، إلى ما يزيد عن 50 درجة مئوية، مما يجعلها واحدة من أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض بعد وادي الموت في شرق كاليفورنيا.

لكن خبير الأرصاد الجوية عيسى رمضان حذر من أن تغير المناخ في السنوات الأخيرة أدي إلى جعل ذروة دراجات حرارة شهر الصيف وأطول مدة، بحيث أصبحت فترات لحر الشديد تمتد "من أسبوعين إلى حوالي شهر".

وأشار خبير الأرصاد الجوية إلى أن عدد الأيام التي تشهد ارتفاع درجات الحرارة فوق 50 درجة مئوية في السنة قد تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف منذ مطلع القرن.

وحذر من أنه بينما يسجل العالم المزيد من سجلات الحرارة، فإن "ما يحدث لنا (الكويت) سيحدث في مكان آخر".

تغيير مسار

ومؤخرا فقط استثمرت الكويت التي ترتفع فيها الأبراج السكنية ذات الواجهات الزجاجية في السماء، وتخنق السيارات الطرق السريعة، في وسائل النقل العام والطاقة الخضراء للمساعدة في مواجهة تغير المناخ.

وقالت مديرة الهيئة سميرة الكندري إن هيئة حماية البيئة التابعة لوزارة النفط تقر "بارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة".

للمساعدة في تغيير المسار، بدأت الكويت في بناء أول مجمع تجاري للطاقة الشمسية، مشروع الشقايا.

مع اكتمال المرحلة الأولى والمشاريع الأخرى المخطط لها، قالت الكندري إن هدف الكويت هو أن "تشكل الطاقة المتجددة 15 % من إنتاجنا من الطاقة بحلول عام 2035".

وقالت "سنزيد هذه النسبة في المستقبل".

وخارج مؤسسات الدولة، أطلق بعض المواطنين الكويتيين مبادرات شعبية، بما في ذلك غرس الأشجار للمساعدة في تبريد البيئات الحضرية المشمسة.

وقال عيسى العيسى (46 عاما) وهو طبيب أسنان، أنه هوايته كانت زراعة الأشجار.

لكن خلال عام 2020، في ذروة جائحة كوفيد، درس العيسى هذا الأمر بشكل أكبر وأسس مشروع "غابة الكويت" لزراعة "أول غابة" في البلاد على مشارف العاصمة، مدركا أنّ الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون.

وفي قطعة أرض خالية بالقرب من منزله، بدأ بزراعة الأشجار، وبتفقدها في الصباح الباكر في ظل 46 درجة مئوية.

 

ويقول "أكثر الأماكن التي نحتاج فيها للأشجار هي الأماكن الملوثة والأماكن الصناعية والأماكن التي يعيش فيها البشر"، معتبرا أنّه أصبح من الملحّ "فصل المناطق السكنية بالخضرة".

ويأمل العيسى أن يساعد الظل الطبيعي والتبريد الذي يوفرانه في كسر هيمنة أجهزة تكييف الهواء كثيفة الاستهلاك للطاقة.

قال عيسى: "كلما قمنا بتبريد منازلنا، زاد الاحتباس الحراري الذي نحيط به من حولنا".

المصدر | المونيتر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاحتباس الحراري صيف الكويت درجة حرارة الكويت أجهزة التكييف

ناسا: يوليو 2023 كان الشهر الأكثر احترارا منذ 143 عاما