إنترناشونال بوليسي: هكذا تتبنى السعودية استراتيجية ناجحة لاستقطاب أفريقيا

الأحد 6 أغسطس 2023 08:59 م

سلّط الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية نيك كيمبل، الضوء على استراتيجية السعودية التي وصفها بـ"الناجحة" الرامية لاستقطاب أفريقيا، مستفيدة من التغيرات والتوترات الجيوسياسية الجارية في العالم حاليا.

جاء ذلك في تحليل نشرته مجلة "إنترناشونال بوليسي دايجست" الأمريكية، وترجمه "الخليج الجديد".

وذكر كيمبل، أن السعودية التي ظلت طيلة العقد الماضي، تتنافس بشدة على انتزاع الزعامة الإقليمية مع تركيا وإيران وقطر الأصغر نسبيًا والإمارات، تنجح الآن بمهارة في ترجيح كفتها في هذا الصدد.

وأشار إلى أن الصراع في أوكرانيا دفع السعودية مرة أخرى إلى دائرة الضوء العالمية؛ بسبب القيمة الاستراتيجية لمواردها وسط أزمة طاقة عالمية.

ولفت إلى أن السعودية بدورها انتهزت هذه الفرصة لتنأى بنفسها عن الخلافات الماضية، وتكشف عن رؤية إقليمية جديدة تتمحور حول المناورات الدبلوماسية وفن الإدارة الاقتصادية الرشيدة.

يتضح هذا التحول في الاستراتيجية بشكل خاص في النفوذ المتنامي للمملكة العربية السعودية في أفريقيا؛ مما يعزز مكانتها كقوة مالية ناشئة.

علاقات مزدهرة ومتجذرة

ووفق كيمبل، فإن السعودية تشترك مع القارة الأفريقية، التي تفصل بينهما بضع مئات من الأميال، في تاريخ عميق الجذور.

وذكر أن السعودية لديها علاقات مزدهرة مع دول الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 55 دولة.

وفي الوقت الحالي، تنتشر حوالي 40 سفارة أفريقية في العاصمة الرياض، بينما لدى السعودية 35 سفارة في جميع أنحاء أفريقيا، مما يؤكد ثقل هذه التحالفات.

ويشار إلى أن 25 دولة من أصل 57 دولة كاملة العضوية في منظمة التعاون الإسلامي ومقرها جدة تنحدر من أفريقيا.

ومنذ تولي العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز الحكم في السعودية، توافد عدد من رؤساء الدول الأفريقية على المملكة؛ ما يبرز التفاعل الدبلوماسي الحاسم.

وبحسب كيمبل، فإن صندوق التنمية السعودي، الذي يقود مشاريع التنمية العملاقة في العديد من البلدان الأفريقية، يعتبر مثالاً واضحا على ازدهار التعاون السعودي الأفريقي.

وأضاف أن السعودية ساهمت باستمرار في كل تجديد لموارد صندوق التنمية الأفريقي.

والجدير بالذكر أن معظم قروض البنية التحتية كانت موجهة نحو السودان وموريتانيا والسنغال والجزائر والمغرب وتونس.

بالنظر إلى أهمية التعاون والتنسيق الأفريقي السعودي، هناك توقعات واضحة وملموسة للقمة السعودية الأفريقية المقبلة، المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام في الرياض.

منافع سعودية

استفادت السعودية من أفريقيا للتغلب على نقاط الضعف الحاسمة، لاسيما فيما يتعلق بتحديات تأمين الإمدادات الغذائية.

وذكر كيمبل أن السعودية بسبب إنتاجها المحلي المحدود وضعفها بسبب الاعتماد على الموردين البعيدين، تحولت إلى الأراضي الأفريقية لتلبية احتياجاتها الزراعية.

يستند التكتيك السعودي إلى مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، التي أُنشئت في عام 2008 لتشجيع السعوديين على شراء الأراضي في الخارج.

وضاعفت هذه المبادرة بشكل كبير من عدد المستثمرين السعوديين في إثيوبيا والسودان.

إضافة لذلك، يمثل النفوذ الاستراتيجي للسعودية في أفريقيا، ولا سيما في القرن الأفريقي، نعمة أمنية قيّمة.

فبعد اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2017 وعقود دفاع مماثلة تم توقيعها مع دول أفريقية، وسعت السعودية وحليفتها الخليجية الرئيسية، الإمارات، من حزامها الأمني في المنطقة المجاورة مباشرة.

علاوة على ذلك، فإن تعهد السعودية بتقديم 20 مليون دولار من النفط بأسعار معقولة لزامبيا يؤكد استخدامها الذكي لاحتياطياتها الهائلة من النفط والغاز لكسب التأييد وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، ويحتمل أن يؤمن هذا التكتيك الدعم الدبلوماسي من الدول المستفيدة.

قوة ناعمة

علاوة على ذلك، سخّرت السعودية هويتها الدينية لتوسيع نفوذها في أفريقيا، التي تضم حوالي 446 مليون مسلم، معظمهم من السنة.

وقال كيمبل إن هذه الاستراتيجية تتضح في تدخل السعودية في الشؤون الداخلية لنيجيريا، لا سيما من خلال دعمها لحركة إيزالا السنية، وهي محاولة لتأسيس موطئ قدم استراتيجي وأيديولوجي بين السكان المسلمين في أفريقيا.

وأشار إلى أن الحاجة لتأمين الإمدادات الغذائية دفع السعودية للانخراط بشكل جزئي في أفريقيا، ومع ذلك، فإن استراتيجية القوة الناعمة، التي انعكست في نمو العلاقات الدينية والسياسية، تهدف في المقام الأول إلى مواجهة خصمها اللدود إيران.

وسعت السعودية إلى تضخيم نفوذها من خلال الاستفادة من الصراع الطائفي. ومن خلال دعم المساجد والمؤسسات الإسلامية، أقامت شبكات واسعة في جميع أنحاء أفريقيا واستغلت هذه الروابط لتبرير مشاركتها.

على سبيل المثال، أدى دعم الرياض المالي والسياسي للفصائل السنية والشيعية المحلية إلى تفاقم الانقسام الطائفي في نيجيريا.

علاوة على ذلك، فإن تطلع إيران إلى إنهاء عزلتها العالمية، دفع طهران إلى التركيز على القرن الأفريقي، حيث عانت هناك من عزلة دبلوماسية مماثلة.

يوضح التحالف الاستخباراتي والعسكري بين إيران والسودان هذا النهج، حيث سمح السودان لإيران بتسليح وكلائها، واكتسب أهمية استراتيجية. كما شكلت طهران تحالفات استراتيجية مماثلة مع الصومال وإريتريا.

ونتيجة لذلك، شكلت رغبة إيران في الحصول على موطئ قدم في أفريقيا تهديدًا مباشرًا للمصالح السعودية؛ مما قد يؤدي إلى توسيع نفوذ إيران العالمي من خلال السيطرة على مضيقين استراتيجيين حاسمين هما باب المندب وهرمز.

رداً على ذلك، استخدمت السعودية الحوافز المالية والضغط الدبلوماسي لإقناع هذه الدول بقطع العلاقات مع إيران، وهي استراتيجية تم تكرارها بنجاح في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

صراعات النفوذ

وبعيدا عن إيران، تتصارع السعودية مع دول أخرى، بما في ذلك مصر وتركيا، من أجل النفوذ في أفريقيا.

ومن المثير للاهتمام أن تدخل السعودية في شرق أفريقيا يتعدى على مجال نفوذ القاهرة.

أثارت المحاولات السعودية لتأسيس موطئ قدم عسكري في جيبوتي واهتمامها بموارد الطاقة الإثيوبية شكوكا مصرية.

في الوقت نفسه، من المقرر أن تصطدم مناورات السعودية في أفريقيا بالمصالح التركية، حيث برزت أنقرة، مدفوعة بمدارسها ومؤسساتها، كمنافس هائل للقيادة السنية في المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن التوتر يتصاعد بين دول مجلس التعاون الخليجي في ظل تنافسهم على الهيمنة في أفريقيا.

المصدر | إنترناشونال بوليسي دايجست - ترجمه وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية نفوذ السعودية فى افريقيا القرن الأفريقي

لأسباب اقتصادية وسياسية.. السعودية تغازل الزعماء الأفارقة بمليارات الدولارات

أفريقيا بأولوية الاستثمار السعودي.. الرياض تنتهز فرصة تراجع طهران