استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أطفال مُختطفون.. ثمن الهجرة الباهظ!

الثلاثاء 8 أغسطس 2023 04:33 ص

أطفال مُختطفون.. ثمن الهجرة الباهظ

تبدأ المعضلة لدى الجيل الأول من المهاجرين وهو يفكر فيما ستؤول إليه أمور الجيل الثاني المتمثل بأبنائه أو الثالث المتمثل بأحفاده.

طعم المستقبل المر في تلك البلدان التي يهاجر إليها المضطرون فلا يجدوا سوى أحلام تحقق بمقاسات المكان الجديد واشتراطاته وحسب!

أم «صادروا» منها ابنتها وهي طفلة صغيرة ولم يعيدوها إليها إلا بعد بلوغها الثامنة عشرة من العمر، فاكتشفت الأم أنها لم تعد ابنتها التي تعرفها.

مشاهد موجعة لأطفال ينتزعون من أحضان أمهاتهم وآبائهم اللاجئين أو المهاجرين في بلدان اسكندنافية، لتربيتهم بعيدا عن هؤلاء الأمهات والآباء!

ثمن باهظ يدفعه لاجئ يترك بلاده مضطرا ليعيش في بلاد أخرى تفرض عليه قيمها الخاصة في أدق تفاصيل حياته وخاصة في طريقة تربيته لأطفاله.

* * *

أي ثمن يدفعه اللاجئ أو المهاجر الذي يترك بلده مضطرا أو مختارا ليعيش في بلاد أخرى تفرض عليه قيمها الخاصة في أدق تفاصيل حياته وخصوصا في طريقة تربيته لأطفاله؟

لا شك أنه ثمن باهظ ولا يساوي أحيانا المميزات التي يحصل عليها جراء الهجرة واللجوء في أغلب الأحيان. والمؤلم أن الضحية الذي يحسب أنه نجا بانتقاله إلى بلد آخر، لا يكتشف الحقيقة إلا بعد سنوات من محاولة الاندماج في مجتمعات لا تمت لقيمه الأخلاقية أو الدينية وما نشأ عليه بصلة.

فتبدأ المعضلة لدى الجيل الأول وهو يفكر فيما ستؤول إليه أمور الجيل الثاني المتمثل بأبنائه أو الثالث المتمثل بأحفاده.

هذا بالتأكيد لا يعني استهانة بأسباب الهجرة واللجوء أو حالة الاضطرار لها في كثير من بلداننا العربية والإسلامية، فأنا أعرف أن المرء لا يضطر لهما غالبا إلا وقد نفد صبره وقدرته على المقاومة في وطنه لأسباب كثيرة. ومع هذا فهو يذهب للغربة محملا بأحلامه المؤجلة لعله يجد بيئة صالحة ليحققها فيها.

ورغم أن كثيرا من اللاجئين والمهاجرين قد نجحوا في ذلك، إلا أن هناك الكثير أيضا مما نغص عليهم ذلك النجاح، ومن أهم المنغصات نشوء أبنائهم في بيئة غريبة عما تعودوه ويتمنونه لهم من قيم تربوية وتقاليد مجتمعية خصوصا على صعيد العلاقة بالعائلة، بل إن الثمن الأكبر أحيانا يكون الأبناء أنفسهم الذين تفصلهم السلطات عن أسرهم بحجج كثيرة اتكاء على قوانينها الخاصة على هذا الصعيد.

توجع قلبي، على سبيل المثال هذه الأيام، مشاهد الأطفال وهم ينتزعون من أحضان أمهاتهم وآبائهم اللاجئين أو المهاجرين في بعض البلدان الإسكندنافية، لتربيتهم بعيدا عن هؤلاء الأمهات والآباء، بحجة عدم استحقاقهم لذلك، وأنهم غير أمينين على تربيتهم بما يتوافق ومعايير تلك الدول في تربية الأطفال وحقوق الإنسان ككل.

الموضوع غريب فعلا بالنسبة لنا نحن الذين لم نعايش التجربة عن قرب، ويكاد لا يصدق لولا أننا نشاهد بعض التقارير الإنسانية التي اشتعلت في السنوات الأخيرة بوسائل التواصل الاجتماعي.

وتظهر أمهات وآباء، عربا ومسلمين، ومن دول العالم الثالث أيضا، يشعرون بالندم الشديد على الهجرة أو اللجوء في تلك البلدان البعيدة التي صادرت أطفالهم منهم بحجج مختلفة، وهم الذين تركوا بلدانهم الأصلية في البلاد العربية أو الإسلامية الأخرى بحثا عن مستقبل أفضل لأبنائهم في التعليم والعيش الكريم.

رأيت مثلا مقطعا لإحدى الأمهات العراقيات تبكي فيه بحسرة وحرقة على ابنتها التي «صادروها» منها وهي طفلة صغيرة ولم يعيدوها إليها إلا بعد أن كبرت وبلغت الثامنة عشرة من العمر، فاكتشفت الأم أنها لم تعد ابنتها التي تعرفها بل تحولت إلى كائن غريب، بثقافة مختلفة وقيم اجتماعية وتربوية تجاوزت فيها حتى القيم الأسرية المقبولة في المجتمعات الأوروبية التقليدية.

رأيت أيضا مقطعا آخر لأب وأم سوريين يبكيان دما بعد «مصادرة أبنائهم منهم ومنعوا من التواصل معهم فقط لأنهم، وفقا للسلطات الاجتماعية في ذلك البلد غير مؤهلين لتربية الأبناء»!

أما الحكاية التي أثارت العالم كله خاصة بعد أن حولتها بطلتها إلى كتابة يحكي القصة من البداية للنهاية، فهي لامرأة هندية كانت أكثر شجاعة من غيرها من الأمهات المهاجرات.

فرغم أن السلطات في ذلك البلد الإسكندنافي قد صادرت طفليها الصغيرين منها بحجة أنها غير مؤتمنة على تربيتهما بما يناسب المجتمع الجديد، إلا أنها لم تسكت ولم ترضخ للأمر الواقع، حتى بعد أن تركها زوجها، والد الطفلين، خوفا على تأثر ملفه لطلب الجنسية مما تثيره زوجته من زوابع في سبيل استعادة طفليهما.

لقد قاتلت تلك المرأة بقوة وبصبر ولم تتصالح مع فكرة أن يتربى فلذتا كبدها بعيدا عنها فقط لأنها كانت تربيهما كما تعتقد أنها التربية الصحيحة كأن تناولهما طعامهما بيدها لا بالشوكة والسكين، أو تسمح لهما بالنوم معها على السرير متدثرين بحنانها، أو غيرها من تصرفات لم تعجب مراقبات الخدمة الاجتماعية.

حكايتها مثيرة جدا كما روتها في كتاب تحول لاحقا إلى فيلم وثائقي، يستطيع من يشاهده أن يتأكد من طعم المستقبل المر في تلك البلدان التي يهاجر إليها المضطرون فلا يجدوا سوى أحلام تحقق بمقاسات المكان الجديد واشتراطاته وحسب!

*سعدية مفرح كاتبة وصحفية وشاعرة كويتية

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

لاجئ مهاجر قيم السويد أطفال مخطوفون ثمن الهجرة التربية الصحيحة أطفال المسلمين