مصر واليونان وإسرائيل يأخذون زمام المبادرة في إمدادات الطاقة لأوروبا

الثلاثاء 8 أغسطس 2023 09:42 م

تتمتع دول المنطقة بمكانة قوية لمواجهة التحديات القادمة في أسواق الطاقة العالمية وتلبية طلبات الغاز في القارة الأوروبية بكفاءة.

تناولت أنطونيا ديمو بمقالها في "مودرن ديبلوماسي"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، مبادرات مصر واليونان وإسرائيل بمجال الطاقة في المتوسط، وأشارت إلى أن القاهرة في وضع جيد لزيادة صادراتها من الغاز إلى أوروبا، ولكن أحد القيود الرئيسية هو أن الدول الأوروبية إما تفتقر إلى محطات الغاز الطبيعي المسال أو أن المحطات الحالية لديها قدرة محدودة على استقبال الإمدادات؛ وبالتالي من الضروري أن تقوم الدول الأوروبية بتحديث المحطات القائمة أو بناء محطات جديدة لتوسيع قدرتها على استقبال الغاز.

نجاح مصري

ترى الكاتبة أن اكتشافات الغاز الجديدة في مصر يمكن أن تتحول إلى اكتشافات تجارية، ومن المقدر أن اكتشاف بئر الاستكشاف "نرجس1"، المملوك من قبل شركة "تشيفرون" الأمريكية و"إيني" الإيطالية في امتياز منطقة نرجس البحرية، يحتوي على ما يقرب من 200 قدم من غاز الميوسين وأليغوسين.

من المهم أيضًا أن تقوم شركة "شال ديا" الألمانية باكتشاف غاز جديد داخل امتياز دسوق في منطقة دلتا النيل البرية التي تم اختبارها عند ذروة إنتاج تبلغ 15 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.

ويشير المقال إلى أن مصر تمتلك ما يقرب من 2.21 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة، وقد أنتجت أكثر من 95 مليار متر مكعب في عام 2021، حيث تجاوزت الصادرات 12 مليار متر مكعب سنويًا.

ومع التركيز على التعاون الإقليمي في مجال الطاقة الذي سيفيد أوروبا، أعطت مصر الأولوية لترسيم الحدود البحرية مع دول مثل اليونان وقبرص، بهدف استخراج كميات أكبر من الغاز الإقليمي من خلال الاستكشاف المشترك وربط خطوط الأنابيب الوطنية. ويتجلى ذلك في نص وروح اتفاقية الترسيم الجزئي التي تم توقيعها بين مصر واليونان في أغسطس/آب 2020.

ولفت المقال إلى أن مشروع الربط الكهربائي الأوروبي الأفريقي، المسمى بمشروع المصلحة المشتركة من قبل الاتحاد الأوروبي، يدعم التطلعات المصرية واليونانية لتصبح مراكز طاقة رئيسية في جنوب شرق أوروبا.

ويهدف المشروع إلى نقل الكهرباء المتجددة بواسطة كابل تحت البحر يتم توليدها في مصر ودول أفريقية أخرى عبر اليونان إلى أوروبا. وبالفعل، أنجزت القاهرة مشاريع ربط مع ليبيا والسودان والسعودية.

نشاط اليونان

تستكشف اليونان طرقًا لجلب الغاز الإقليمي إلى أوروبا، فقد يكون خط أنابيب غاز شرق البحر المتوسط المقترح يمثل تحديًا تقنيًا وبالتالي أقل احتمالية. وقامت أثينا بتسريع الجهود لتنفيذ المشاريع ذات الأهمية الإقليمية والأوروبية مثل "يوروآسيا إنتركوننتر"، وهو مشروع بنية تحتية رئيسي يربط شبكات إسرائيل وقبرص واليونان بشبكة الطاقة الأوروبية التي توفر ما يصل إلى 2000 ميجاواط من الطاقة، وبالتالي تعزيز أمن الطاقة الأوروبية.

حصلت شركة "نكسانس"، وهي شركة عالمية في مجال نقل الطاقة، مؤخرًا، على عقد بقيمة 1،6 مليار دولار لقسم من خط يوروآسيا الذي سيربط قبرص باليونان عبر كابل تحت سطح البحر سيعبر المياه العميقة للغاية لأكثر من 3000 متر.

ويشير المقال إلى أن اليونان تولي أيضًا أهمية كبيرة لمشاريع البنية التحتية الأخرى، بما في ذلك خط أنابيب نقل الغاز البري بطول 28 كيلومترًا، والذي يربط نظام نقل الغاز الوطني بوحدة "ألكساندروبوليس" العائمة للتخزين وإعادة تحويل الغاز إلى غاز في شمال اليونان، والتي سيتم من خلالها تحويل 5.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى البلقان وجنوب شرق أوروبا. وقد تم الانتهاء من تسليم 28 كيلومترًا من الأنابيب في مايو/أيار 2023.

وحددت هيئة إدارة الموارد الهيدروكربونية اليونانية أكثر من 30 قطعة بحرية بإجمالي كمية تقديرية للغاز القابل للاستخراج تتراوح بين 2 و2.55 تريليون متر مكعب، حيث سيتم ضخ كميات كبيرة من الغاز، بمجرد استخراجها من الكتل البحرية اليونانية إلى أوروبا.

استقلال الطاقة الإسرائيلي يخلق الفرص

يذكر المقال أنه يمكن لإسرائيل، من جهتها، أن تصدر إلى أوروبا غازًا فائضًا يبلغ حوالي 500 مليار متر مكعب خلال العقدين المقبلين.

والجدير بالذكر أن إسرائيل حققت استقلالًا في مجال الطاقة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أوجد درعًا ضد أزمة الطاقة التي اندلعت بسبب الحرب على أوكرانيا.

لذلك، وفقا للمقال، تسرع إسرائيل جهودها لتحديد اكتشافات غاز جديدة من خلال تقديم 20 قطعة استكشاف جديدة. وكما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية مؤخرًا، فقد قدمت 4 مجموعات من الشركات عطاءات للحصول على تراخيص للتنقيب عن الغاز داخل المياه الإسرائيلية.

ويكمن الهدف الإسرائيلي في زيادة أحجام الغاز للتصدير إلى أسواق ثالثة. ووفقًا لوجهة النظر الإسرائيلية، توفر الحرب على أوكرانيا فرصة ذهبية لدول المنطقة غير المتحالفة مع الإسلام الراديكالي لإنتاج الغاز ونقله بشكل مشترك إلى أوروبا. ويمكن أن تساعد الأخيرة أيضًا الدول الإقليمية على الالتقاء وصياغة اتفاقيات تعاون طويلة الأجل في مجال الطاقة ستفيد اقتصادات جميع الأطراف المعنية.

وتعتقد الكاتبة أنه لا يمكن تجاهل البعد التركي في حسابات إسرائيل الإقليمية، حيث أن إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا يمكن أن يساعد الأخيرة على تنويع موارد الطاقة، لا سيما بالنظر إلى أن العقود مع روسيا وإيران، والتي ستنتهي في غضون السنوات الأربع المقبلة.

بالرغم من أن خط الأنابيب التركي-الإسرائيلي ممكن تقنيًا وماليًا، إلا أن الاعتبارات السياسية أعاقت تنفيذه حتى الآن. ويذكر أن تركيا تسعى لاستيراد غاز شرق المتوسط لتلبية احتياجاتها المحلية المتزايدة بدلاً من تصديره إلى أوروبا.

التحديات والتوصيات

بشكل عام، هناك العديد من الحلول لرفع مستوى إمدادات الطاقة من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، وبالتالي تعزيز أمن الطاقة في هذه الأخيرة. ومع ذلك، تسود الشكوك في الأوساط السياسية الأوروبية بشأن احتمال أن تكون ليبيا خيارًا ممكنًا لإمداد الطاقة لأوروبا، على الرغم من انخفاض تكلفة استخراج الغاز والنفط الليبي مقارنة بدول شرق البحر المتوسط الأخرى.

ويعد الوضع غير المستقر للغاية في ليبيا هو العامل الرئيسي الذي يعيق مشغلي الطاقة الأوروبيين من التعامل مع السلطات الليبية.

ويرى المقال أن دول شرق البحر الأبيض المتوسط يجب أن تنحصر في استراتيجية أوروبية أوسع توفر وضعًا مربحًا للجانبين، من خلاله يعود التعاون بالفائدة على كل طرف. ولهذه الغاية، يجب على مصر أن توسع قدرتها على معالجة وتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ليس فقط لتعويض الانخفاض الحاد في واردات الغاز من روسيا، ولكن أيضًا لزيادة إيرادات ميزانية الدولة المصرية.

ويعتقد أنه يمكن أن يثبت الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة أنهما سيغيران قواعد اللعبة في العقدين المقبلين بالنسبة لأوروبا. في هذا السياق، يجب على اليونان المضي قدمًا بسرعة في تعزيز شراكتها في مجال الطاقة مع المملكة العربية السعودية حتى تتمكن أثينا من تسهيل استيراد كميات هائلة من الهيدروجين من منطقة "نيوم" السعودية إلى أوروبا.

ويجب على إسرائيل استكشاف إمكانية وجود محطة غاز طبيعي مسال عائمة في المياه الإسرائيلية؛ لأن هذا الخيار ممكن الآن بعد أن انتهى خطر التصعيد البحري بين البلدين بسبب اتفاقية ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان.

من الواضح أن دول شرق البحر الأبيض المتوسط، وبالتحديد مصر واليونان وإسرائيل، لعبت دورًا مبكرًا في الحد من الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية، ويمكن أن تلعب دورًا أكبر من خلال الجهود المنسقة لتصبح موردة غاز موثوقة لأوروبا.  

ختاما، يرى المقال أن إقامة شراكة طاقة متينة من شأنها أن تعود بالنفع على جميع دول شرق البحر المتوسط الثلاثة.

المصدر | أنطونيا ديمو /مودرن ديبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر اليونان اسرائيل الطاقة