استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

جريمة حرق المصحف: أحدث تجليات الإسلاموفوبيا

الخميس 10 أغسطس 2023 03:35 ص

جريمة حرق المصحف: أحدث تجليات الإسلاموفوبيا لا جذرها

وصفت الشرطة الدنماركية مظاهرة ركل المصحف الشريف بالأقدام بأنها «كانت سلمية.. من وجهة نظر البوليس»!

«الإسلام» هنا يتم تحويله لـ«تهديد خارجى» الذى يوحد الأمة ويؤدى لتماسكها الوطنى. وهى فكرة يعاد إنتاجها لتتناسب مع كل عصر.

كغيرها من أنماط كراهية الآخر، الإسلاموفوبيا ليست ثابتة بل تأخذ أشكالًا كثيرة تختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر، وتعيد إنتاج نفسها بنفسها.

«الإسلاموفوبيا» تقوم على فرضية اخترعتها تيارات بالثقافة الغربية وصدقتها وهي أن «الإسلام» دين عدوانى بطبعه ويستحيل انصهاره فى بوتقة المجتمعات الغربية.

رئيس وزراء السويد، رغم إدانة حكومته حرق المصحف، فقد قال إن الفعل «رغم قانونيته، غير مناسب». ولم يعتبره مثلًا «جريمة كراهية»، بل فقط «غير مناسب».

* * *

كنت فى المقال السابق عرضت باختصار لأحداث حرق المصحف الشريف وتدنيسه بالسويد والدنمارك. وقلت فى نهاية المقال إننى أتفق مع الرؤى التى ربطت الأحداث بالـ«إسلاموفوبيا»، وإن ارتأيت ألا نختزل الظاهرة فيها وحدها. فالإسلاموفوبيا هى أحدث تجليات المشكلة، لا جذورها ولا حتى جوهرها.

لكن قبل تناول الإسلاموفوبيا أجد من المهم الإشارة لما يقوله المسؤولون بالبلدين، لأنه يمثل نموذجًا ممتازًا للطبيعة الهيكلية لما نحن بصدده وجذوره، كما سيتضح فى هذه السلسلة.

فالشرطة الدنماركية وصفت مظاهرة ركل المصحف الشريف بالأقدام بأنها «كانت سلمية.. من وجهة نظر البوليس»!، أما رئيس وزراء السويد، فرغم أن حكومته أدانت حرق المصحف يوم عيد الأضحى، فقد قال الرجل إن الفعل «رغم قانونيته، إلا أنه غير مناسب». وتعبير «غير مناسب» هو ما يستحق التأمل. فهو لم يعتبره مثلًا «جريمة كراهية»، وإنما اعتبره ببساطة «غير مناسب».

أكثر من ذلك، فرغم أنه وصف اقتحام سفارات بلاده فى العالم الإسلامى، احتجاجًا على حرق المصحف بأنه «ليس مقبولًا على الإطلاق»، فإنه لم يستخدم حتى تلك العبارة نفسها أى «ليس مقبولًا على الإطلاق» لوصف الجريمة الأصلية التى نتج عنها الاقتحام، وإنما دعا «للهدوء» داخل السويد لأن «الوضع الأمنى خطير، ولا داعى لإهانة الآخرين».

وكلمة «الآخرين» لافتة هى الأخرى، إذ إن المسلمين الحاملين للجنسية السويدية صاروا يندرجون تحت اسم «الآخرين»، الأمر الذى يغذى بالضرورة فكرة اختلافهم عن باقى السويديين!

فالمفردات التى يستخدمها السياسيون عادة ما يتم انتقاؤها بعناية خصوصًا فى ظروف قال عنها الرجل بنفسه إنها تمثل «وضعًا أمنيًا خطيرًا»، الأمر الذى يلزم معه أن نولى اهتمامًا معتبرًا لعملية إنتاج المعنى فى الغرب لأنها تقع فى القلب من الظاهرة برمتها.

أما «الإسلاموفوبيا» فتقوم، باختصار، على فرضية اخترعتها تيارات بالثقافة الغربية وصدقتها، ومؤداها أن «الإسلام» دين عدوانى بطبعه ويستحيل انصهاره فى بوتقة المجتمعات الغربية.

لاحظ هنا أن ما يزعمون استحالة انصهاره ليس المسلمين وإنما الإسلام نفسه. والفرضية تضيف، دون دليل، أن «المسلمين» فى الغرب مرتبطون بشبكات عالمية للإرهاب، كالقاعدة.

وكغيرها من أنماط كراهية الآخر، فـ«الإسلاموفوبيا» ليست ثابتة وإنما تأخذ أشكالًا كثيرة تختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر، وتعيد إنتاج نفسها بنفسها.

فـ«الإسلاموفوبيا» فى الكثير من المجتمعات الغربية ليست مجرد أحداث فردية، إذ تم مأسستها، بمعنى أنها صارت إطارًا من الأعراف والتقاليد والسلوك، وتنبنى عليها أيضًا القوانين. ومن هنا لا يجوز الاعتداد بأن من حرق المصحف الشريف من أصل عراقى.

فهو انسحق فى ذلك الإطار الهيكلى نفسه. ولغة خطاب السياسيين ذات طابع هيكلى هى الأخرى. فخطابها موجه للجماهير ويمثل استراتيجية للوصول للحكم تلعب على مشاعر الناس وتستغل مظالمهم. وتلك استراتيجية اتخذت مؤخرًا طابعًا شعبويًا فاشيًا بأمريكا وأوروبا.

معنى ذلك أن «الإسلاموفوبيا» ليست مجرد ظاهرة تستهدف المسلمين وإنما لها وظيفة فى المجتمعات الغربية. إذ إن آسيا والشرق الأوسط، حيث يعيش المسلمون، يُستخدمان كمحدد للهوية الغربية.

فـ«الإسلام» هنا يتم تحويله لـ«تهديد خارجى» الذى يوحد الأمة ويؤدى لتماسكها الوطنى. وهى فكرة يعاد إنتاجها لتتناسب مع كل عصر.

فهى بالأمس كانت بزعم «مواجهة الإرهاب»، واليوم بطابعها اليمينى الفاشى تزعم «حماية القيم» من المهاجرين الجدد، بل وضد من صاروا مواطنين منهم ولكن جاؤوا من العالم العربى الإسلامى، بمن فيه المسيحيون الشرقيون بالمناسبة. فالقضية تتعلق بالثقافة والحضارة التى أتوا منها، بل وبلون البشرة بالمناسبة، أكثر منها متعلقة بالدين!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

السويد الدنمارك الغرب الإسلام المسلمون إسلاموفوبيا آسيا الشرق الأوسط تهديد خارجي مواجهة الإرهاب حماية القيم حرق المصحف

إيران تستدعي القائمين بالأعمال الدنماركي والسويدي بسبب تدنيس المصحف