فايننشال تايمز: خطة بايدن للتطبيع بين السعودية وإسرائيل تواجه عقبات كبيرة

الخميس 10 أغسطس 2023 06:23 م

يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى تشكيل خريطة جيوسياسية جديدة للشرق الأوسط، من خلال العمل على تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ولكنه يواجه عقبات كبيرة.

ويقول تقرير في صحيفة "فايننشال تايمز"، وترجمه "الخليج الجديد"،  إنه بعد شهور من الدبلوماسية المكوكية بين واشنطن والرياض، بدأ يظهر شكل خطة بايدن الضخمة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وبذلك إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة.

وكان بايدن قال في نهاية يوليو/تموز إن "هناك تقارب جاري"، في تحول حذر بلهجة الرئيس الأمريكي، الذي قلل قبل أسابيع فقط من فرص تحقيق اختراق دبلوماسي بين البلدين.

غير أن التقرير يقول إن "الشروط معقدة"، مضيفا أنه "ربما تقيم السعودية علاقات رسمية مع إسرائيل، مما يعزز الآمال في أن تحذو دول إسلامية أخرى حذوها.. في المقابل، ستؤمن الرياض الحصول على مزيد من الدعم والمساعدات الدفاعية الأمريكية لبرنامج نووي مدني".

ومن بين الشروط المشار إليها أن المملكة "تريد أن تقدم إسرائيل تنازلات بشأن تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة"، وبعد ذلك "ستكثف القوتان الإقليميتان (السعودية وإسرائيل) التعاون الأمني الثنائي الضمني".

ووفق التقرير، فإن "هذه الصفقة ستكون إحدى أهم الصفقات في التاريخ الجيوسياسي الحديث في الشرق الأوسط، حيث تحصل إسرائيل على جائزة العلاقات الدبلوماسية مع أحد قادة العالم الإسلامي السني والوصي على أقدس موقعين في الإسلام".

وبالنسبة لبايدن، "سيشكل هذا انتصارا هاما في السياسة الخارجية، بينما يكثف محاولاته لإعادة انتخابه في عام 2024، وسوف يرضي طموحا استراتيجيا للولايات المتحدة في ظل تعاملها مع أولويات في أماكن أخرى".

ويلفت التقرير إلى أن تحقيق سلام دائم بين إسرائيل وجيرانها العرب "أثار اهتمام الرؤساء الأمريكيين لأكثر من نصف قرن، ولكنه أصبح أيضا من بين الإنجازات البارزة في السياسة الخارجية للعديد من أسلاف بايدن".

ويشير إلى أن اتفاقيات كامب ديفيد، التي أبرمت في عهد جيمي كارتر بين إسرائيل ومصر، واتفاقيات أوسلو في عهد بيل كلينتون مع السلطة الفلسطينية، ومع هذا لم يُحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده.

إضافة إلى هذا، فإن "كثيرا ما توصف الاتفاقيات الإبراهيمية برعاية (الرئيس الأمريكي السابق) دونالد ترامب، بين إسرائيل والإمارات والبحرين بأنها إنجاز دبلوماسي مهم، حتى بين منتقدي ترامب".

لكن التقرير يقول إن بايدن "كان مترددا حتى الآن في إظهار الكثير من الاهتمام وإنفاق الكثير من رأس المال السياسي في المنطقة، والخوف من العوائق التي تحول دون إبرام صفقة كبيرة".

وينقل التقرير عن رئيس مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط في مركز أبحاث المجلس الأطلسي جوناثان بانيكوف، قوله إن "وجود شرق أوسط أكثر شمولية وتماسكا وأكثر سلاما هو أمر جيد جدا بالنسبة للولايات المتحدة، التي تريد أن تنفق وقتها وأموالها وجهودها في أماكن أخرى، خاصة في مواجهة الصين على المدى الطويل، ومواجهة روسيا ودعم أوكرانيا على المدى القصير".

ويضيف: "لكن سيكون من الصعب على الولايات المتحدة التفاوض بشأن المطالب السعودية وستحتاج إلى موافقة الكونغرس المتشكك".

ويتابع التقرير، أنه "قد تكون إسرائيل غير مستعدة لتقديم التنازلات للفلسطينيين التي قد تسعى الرياض إليها".

ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، تعتقد الأطراف الثلاثة أن نافذة التوصل إلى اتفاق ستغلق في غضون 6 إلى 9 أشهر"، وفقا لأشخاص مطلعين على المناقشات.

ولطالما نصت السعودية على أن الدولة الفلسطينية ستكون شرطًا أساسيًا لأي صفقة، كما حددت في مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي عرضت الاعتراف بإسرائيل، إذا انسحبت من الأراضي العربية المحتلة.

وكرر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان هذا الموقف هذا العام، حتى مع الاعتراف بأن التطبيع مع إسرائيل "سيفيد المنطقة".

لكن تم إحراز بعض التقدم بعد زيارات للمملكة في يونيو/حزيران، قام بها كل من مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكين.

وقال مسؤول أمريكي، في اجتماع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن بلينكين أشار إلى أن الولايات المتحدة منفتحة على المطالب النووية والأمنية السعودية.

كما تحدث بلينكين عبر الهاتف بعد وقت قصير من لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتكهن مسؤول إسرائيلي أن زيادة التواصل مع الرياض، هي رد على نجاح الصين في التوسط إلى صفقة بين السعودية وإيران.

وقال المسؤول الإسرائيلي: "لا أعتقد أن السعوديين سيجبرون على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين.. أعتقد أنه لا فرصة بحصولهم على معاهدة دفاعية، بدون أن تعبّر عن موقف واضح على الجانب الأمريكي".

إلا أن الجزء السعودي- الأمريكي من الصفقة بحاجة لتجاوز التفاصيل الشائكة، وكذا عدوانية الكونغرس تجاه الرياض بعد مقتل جمال خاشقجي في 2018، وقرار المملكة الأخير خفض معدلات إنتاج النفط.

وتعاونت السعودية مع الولايات المتحدة في المجال النووي لعدة سنوات، بل وقّعت مذكرة تفاهم حول الموضوع عام 2008، إلا أن التقدم توقف خلال فترة دونالد ترامب، رغم الدفء الذي طبع العلاقة بين الرياض وواشنطن.

وسيكون مطلب السعودية تخصيب اليورانيوم داخل المملكة أمرا صعبا لكي توافق عليه الولايات المتحدة التي لا تريد أن تمتلك الرياض تكنولوجيا تخصيب أو معالجة يمكن أن تساعد على إنتاج القنبلة النووية.

وتريد من الرياض التوقيع على بروتوكولات إضافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشكل يمنحها سلطة رقابة على عمل السعودية النووي.

ويقول نائب رئيس مبادرة التهديد النووي إريك برور، إن السعودية والولايات المتحدة يمكن أن تتفقا على تحديد مدى زمني للتخصيب وعمليات المعالجة، وبناء آلية قرار مشتركة، أو التوقيع على اتفاقية بشأن الشفافية، في حالة قررت السعودية مواصلة جهد نووي حساس.

لكن مطالب السعودية في معاهدة أمنية من الصعب على الولايات المتحدة الموافقة عليها، خاصة الدفاع عن المملكة في حالة تعرضها لهجوم.

وهذا المطلب من غير المحتمل أن يوافق عليه البيت الأبيض أو الكونغرس، مع أن بعض المسؤولين السابقين يقولون إن واشنطن قد تقدم جزرا للرياض.

كما أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" لإسرائيل في المنطقة، وهي قضية يجب أخذها بعين الاعتبار.

أما مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في معهد الأمن الأمريكي الجديد جوناثان لورد، فيقول: "يمكنك بناء كل أنواع الأحكام ودمجها في تشريعات، والتي يمكن أن تقدم مساعدة أمنية متقدمة، وتزويد  كل الأشكال التي يمكن من خلالها للأمريكيين والسعوديين والإسرائيليين التوافق، ويمكن تسويقها بطريقة يتم فيها الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".

وفي الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، وعدت الأخيرة بعدم ضم الضفة الغربية.

أما إدارة ترامب، فقد وعدت بتزويد أبوظبي بمقاتلات (إف-35)، إلا أن المحادثات بين الولايات المتحدة والإمارات بشأن الصفقة توقفت، حيث خافت واشنطن من تسرب المعلومات الحساسة عن الطائرات، وإحباط أبوظبي من القيود التي وضعت على استخدام المقاتلات، بحسب أشخاص على معرفة بالأمر.

وأي صفقة كبرى بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، تعتمد على طبيعة التنازلات التي ستقدم أكثر مما وعدت به "اتفاقيات إبراهام"

ويشير لورد إلى أن "جزءا من عامل إكس، ليس في واشنطن ولكنه في القدس. ومن غير الواضح ماذا وإن كان هناك شيء ستطالب به الرياض من الإسرائيليين فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني".

ويقول أشخاص على معرفة بالتفكير السعودي، إن المملكة تعتقد بضرورة تقديم القيادة الفلسطينية، وهي ليست جزءا من المفاوضات، موقفا أكثر مرونة مع إسرائيل، بشكل يسمح للولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين.

ولا يتوقع دبلوماسيون تقديم نتنياهو تنازلات بشأن القدس، خاصة بعد اعتراف ترامب بها كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها.

وربما تطلب واشنطن من إسرائيل تجميد التوسع الاستيطاني أو تبادل أراضٍ، إلا أن المتطرفين الذين يشاركون في حكومة نتنياهو والراغبين بضم دائم للضفة الغربية لن يوافقوا.

وقللت إسرائيل من فرص تجميد الاستيطان، ولا ترى إمكانية حدوث تنازلات مناطقية.

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية إسرائيل التطبيع بايدن أمريكا نووي

في واشنطن وتل أبيب والرياض.. عقبات أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل

تحليل: على بايدن إعادة التفكير في صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل