هل يمكن لتكتل إقليمي أن ينجح في منطقة الشرق الأوسط؟

الأحد 13 أغسطس 2023 02:03 م

المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واسع في تنوعه، لكنه غارق في التعقيدات التاريخية من حيث العنف المتفشي، وإخفاقات الدول، والمحاولات الفاشلة لإرساء الديمقراطية، وتصاعد التطرف وعدم وجود دولة، والمنافسات المستمرة.

هكذا يتناول مقال نجاح أنغا في أتلانتك كاونسل وترجمه "الخليج الجديد" حول الوضع في الشرق الأوسط.

ويرى المقال أنه بالرغم من الاضطرابات، فقد واصل اللاعبون البارزون، مثل السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل، مناوراتهم الجيوسياسية التي غالبًا ما كانت محصلتها صفر، مما أدى إلى تصعيد المآزق الاقتصادية والأمنية.

ويشير إلى أن الآليات الناشئة مثل "اتفاقيات إبراهام"، و"منتدى النقب" ومجموعة "آي2 يو2"، ومشاركة الصين في التقارب الإيراني السعودي توفر الأمل في الاستقرار الإقليمي.

ويتساءل عما هو أفضل هيكل يمكن أن تتحد المنطقة في ظله لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية؟.

وفقا لأنغا، "تتطلب معالجة المعضلة الإقليمية تجاوز الحدود التقليدية للمنافسة الجيوسياسية".

ويضيف: "أحد المقترحات القابلة للتطبيق هو إنشاء كتلة إقليمية على غرار منظمة الدول الأمريكية (OAS) أو الاتحاد الأفريقي (AU) تركز على التحديات المشتركة والمصالح المشتركة".

وتقترح هذه الفكرة توسيع نطاق هيئات التعاون شبه الإقليمية الحالية، مثل جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي، ومجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون الرباعي.

وتُظهِر الأمثلة السابقة أن المنظمات الإقليمية غالبًا ما تظهر بعد صراعات أو اختلافات مطولة، وهو سيناريو ليس غريبًا على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويرى المقال أنه يمكن لتكتل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن يرسخ جهوده في مجالات التحديات والفرص، والتي تشمل تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، ومكافحة الأمراض، والتبادل الثقافي والتعليمي.

ويرى أنغا، أن الحاجة الملحة إلى معالجة تغير المناخ واضحة، وأن المبادرات الحالية يجب أن تتحد في نهاية المطاف في صوت إقليمي موحد لتعظيم التأثير.

ومع ذلك، وبالنظر إلى تعقيدات المنطقة، فمن المرجح أن تتطلب العضوية مقايضات، حيث تواصل العديد من الدول الإقليمية التراجع عن التطبيع الرسمي مع إسرائيل (على سبيل المثال قطر وعمان).

وفي نقطة انطلاق الكتلة الإقليمية، تتكون المفاضلات إما من إشراك إسرائيل، والتي تلخص كل تعقيداتها (خسارة مشاركة إيران وربما مشاركة سوريا والعراق وعمان)، أو الجانب الآخر من العملة: اختيار إسرائيل عدم المشاركة في الكتلة الإقليمية في البداية، مما يسمح للدول الأخرى بإملاء القواعد.

ويوصي المقال بتجنب مخاطر الانقسام السياسي والتنافس المستمر منذ عقود في جامعة الدول العربية أو اتحاد المغرب العربي سيئ السمعة.

على الرغم من أن الأول شابه انقسامات خطيرة، فقد كانت هناك محاولات للتغلب على تلك المصالح المتباينة.

كما أن اتحاد المغرب العربي، ميت فعليًا بسبب الانقسامات السياسية العميقة بين الجزائر والمغرب.

ويلفت المقال إلى أن إنشاء آلية تعاونية داخل الإقليم يتطلب أرضية متساوية لا تتجذر في تطلعات الهيمنة أو تشوبها مظالم تاريخية.

علاوة على ذلك، من الأهمية بمكان عدم التغاضي عن العقبات التي تواجهها الأجسام المتشابهة وعدم رسم صورة مفرطة في التفاؤل عن فعاليتها.

كما أنه لا توجد هيئة إقليمية خالية من التحديات، وقد وصل الإصلاح الشامل للهيئات المتعددة الأطراف إلى نقطة محورية حاسمة.

ومع ذلك، بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يجب أن يبدأ من مكان ما منبر للحوار الهادف القائم على التحديات المشتركة ونقاط القوة.

وفقا للكاتب في المقام الأول، قد لا ينطلق أي حوار إقليمي من هذا القبيل دون درجة معينة من الدعم أو الدعم الخارجي، خاصة من الغرب.

سيكون السؤال المطروح على صانعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو ما هو الحافز للجهة المحركة الأولى للاجتماع الإقليمي.

ويجب على صانعي السياسة الغربيين تحفيز رئيس الكتلة من خلال منحه صفة مراقب أو مشاركة نيابة عن الكتلة في الحوارات والأحداث والقمم متعددة الأطراف، حيث قد لا تكون الحكومة/القائد من المنطقة دائمًا مشاركًا مناسبًا بشكل طبيعي، على غرار الهيئات الإقليمية الأخرى .

وبما أن دول الخليج تتنافس على الاستثمار الاقتصادي والأجنبي والقيادة الدبلوماسية والأمن، فربما يكون هذا دورًا لإحدى هذه الدول.

وتتمتع المنطقة بالقيادة الاستبدادية من أعلى إلى أسفل والقيادة القائمة على الإجماع.

ويشير المقال أنه ربما يكون زعيم إقليمي يأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الأخرى من خلال نموذج على غرار المجلس خيارًا آخر.

وبسبب تعقيدات أي جهد جماعي، يجب على الفاعلين الإقليميين الاستمرار في المشاركة في شراكات شبه إقليمية موازية مماثلة للمناطق الأخرى.

ويضيف: "السؤال المطروح على صناع السياسة الغربيين يتعلق بالقيمة الإستراتيجية لتعزيز هذه الشراكات البينية الإقليمية، حيث يؤدي غياب هيئة إقليمية موحدة إلى تعقيد التعامل مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يتصارع صانعو السياسات مع العديد من المنتديات والقنوات".

وهذا لا يعني أن الغرب ليس مضطرًا للتعامل مع الدول الفردية ومع ذلك، فإن الكتلة الموحدة ستوفر وسيلة أكثر تنظيماً للحوار والتعاون، مما يساعد في إدارة القضايا المنتشرة ، مثل الوباء الصحي أو أزمة المناخ.

وكنقطة انطلاق، وفق المقال، سيواصل كبير مستشاري التكامل الإقليمي الجديد، السفير الأمريكي السابق دانيال شابيرو، تشجيع التعاون الناجح من خلال اتفاقيات أبراهام ومنتدى النقب.

في النهاية، يمكن إنشاء هذه المنتديات والقنوات لتكون بمثابة مراقب داخل الكتلة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ومع ذلك، يرى المقال أن الاهتمام العالمي انحرف بعيدًا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسط التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين والنزاع الروسي الأوكراني.

في الوقت نفسه، تركز الحكومات الإقليمية على الاستقرار المحلي والمرونة الاقتصادية للتغلب على التحديات الاقتصادية التي تلوح في الأفق والاستعداد للأزمات المحتملة.

والدافع نحو التحول الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة ملموس، حيث يبذل القادة جهودًا متضافرة لخلق فرص لشرائح الشباب المتزايدة.

وحتى البلدان التي تشهد توترات ثنائية متحاربة، والتي يمكن أن تشكل تحديًا لتشكيل مثل هذه المجموعة، لا يزال بإمكانها الالتفاف حول مجالات الاهتمام المشترك أو تسهيل الحوار للتعامل مع المشكلات.

وفقا للمقال يمكن للمناخ الجيوسياسي الحالي والتركيز الداخلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن يقدما فرصة سانحة للنقاش حول إنشاء تكتل إقليمي، يقوده ويعقده ممثل إقليمي مع حوافز من الغرب.

كما يمكن لمثل هذه الكتلة أن تبسط الحوار والالتزامات، وتوفر صوتًا موحدًا حول القضايا الجيوسياسية الكبيرة مثل تغير المناخ.

وفي الوقت نفسه، يرى المقال أن ذلك سيوفر منصة للتغلب على التحديات العابرة للحدود وتعزيز الحلول الإقليمية الفعالة والمؤثرة.

وفي عصر تحول التركيز العالمي، يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التعاونية أن تكون بمثابة شريك حاسم في مواجهة التحديات العالمية الملحة مع الحفاظ على الاستقرار والازدهار الإقليميين.

المصدر | نجاح أنغا / أتلانتك كاونسل – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشرق الأوسط الخليج التعاون الإقليمي السعودية