وسط المتوسط.. أكثر من ألفي شخص فقدوا حياتهم في طريق الهجرة الأخطر حول العالم

الأحد 13 أغسطس 2023 06:00 ص

فقد أكثر من 2000 شخص حياتهم خلال العام الجاري، وهم يسلكون طريق الهجرة الأخطر في العالم، عبر وسط البحر المتوسط، للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.

هكذا نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، التي قالت في تقرير لها إن الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، أسفرت عن أكثر من 176 ألف مهاجر عبر المتوسط، الذي ما يزال يمثل طريق الهجرة الرئيسي إلى الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت الوكالة في تقرير لها، أن هذه هي أعلى إحصائية لأعداد المهاجرين منذ عام 2016، حيث ارتفع عدد عمليات الكشف عن المعابر الحدودية غير النظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بنسبة 13%.

وقالت إن هذه الزيادة ناتجة عن زيادة بنسبة 115% في عدد من يسلكون طريق "وسط البحر المتوسط"، والذي يُعد الآن طريق الهجرة الرئيسي إلى الاتحاد الأوروبي، ويمثل أكثر من نصف جميع عمليات التهريب المُكتشفة على حدود الاتحاد الأوروبي.

وتحولت مدينة صفاقس التونسية إلى مركز للمهاجرين الذين ينطلقون منها في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسط سعيا للوصول إلى أوروبا، لا سيما السواحل الإيطالية.

ووصل نحو 94 ألف مهاجر إلى السواحل الإيطالية منذ بداية العام، وهو أكثر من ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي، وفق الأرقام التي نشرتها وزارة الداخلية الإيطالية.

وأضافت الوكالة: "لكن كثيرون لا ينجحون في الوصول سالمين"، فوفقاً لبيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فُقِد حتى الآن عام 2023 أكثر من 2090 شخصاً في البحر المتوسط.

ولفتت "فرونتكس" إلى أن هذا الطريق، من ليبيا أو تونس شمالاً إلى اليونان أو إيطاليا، قد يستغرق عدة أيام، وغالباً ما يسلكه المهاجرون في قوارب غير صالحة للإبحار ومكدّسة بشكل خطير، واستخدمه بنجاح أكثر من 89 ألف شخص في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.

وتوقعت الوكالة أن "ضغط الهجرة" على طريق وسط البحر المتوسط سيستمر في الارتفاع على الأرجح، لأن المهربين "يعرضون أسعاراً منخفضة للمهاجرين المغادرين من ليبيا وتونس، وسط منافسة شرسة بين العصابات الإجرامية".

وسبق أن وجهت المنظمة الدولية للهجرة، أصابع الاتهام، رغم عدم تحديد أسماء، إلى بعض حكومات البحر الأبيض المتوسط، حيث تأخرت عمليات البحث والإنقاذ التي تقودها الدولة وعُرقِلت السفن التي تديرها المنظمات غير الحكومية.

وفرضت إيطاليا قيوداً صارمة، بل وصادرت سفناً تتولى مهام إنسانية، في حين تواجه اليونان مزاعم متعددة بأنها تعيد الأشخاص إلى تركيا، ما يمنعهم بشكل غير قانوني من طلب اللجوء، وهو أمر نفته أثينا باستمرار.

وقالت إن عدد الوافدين على جميع طرق الهجرة الرئيسية الأخرى إلى الاتحاد الأوروبي انخفض عن العام الماضي، حيث تراوح الانخفاض بين 2% على طريق غرب البحر المتوسط (من المغرب إلى إسبانيا) و29% على طريق شرق البحر المتوسط من تركيا إلى اليونان.

وظل الطريق البري غرب البلقان، الذي يمر عبر مقدونيا الشمالية وصربيا إلى كرواتيا وسلوفينيا والمجر، ثاني أكثر الطرق نشاطاً، لكن أكثر من 52 ألف عملية عبور مكتشفة، تمثل انخفاضاً حاداً بنسبة 26% في نفس فترة الأشهر السبعة من العام الماضي.

وفي يوليو/تموز، قالت الوكالة إنه تم اكتشاف ما يقرب من 42700 عملية عبور حدودية غير نظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بزيادة قدرها 19% عن نفس الشهر عام 2022، وأعلى إجمالي منذ مارس/آذار عام 2016، في نهاية أزمة الهجرة في أوروبا عام 2015.

كما قالت "فرونتكس" إن عدد عمليات العبور من بحر المانش "باتجاه المملكة المتحدة" من فرنسا بلغ ما يقرب من 27300 عملية عبور، بانخفاض بنسبة 2% عن نفس الفترة من العام الماضي.

ومنذ صعود أحزاب اليمين المتطرف إلى قمة هرم السلطة في كثير من الدول الأوروبية، أصبح ملف الهجرة يحتل صدارة القضايا في القارة العجوز، وتنامت بشكل لافت المشاعر المعادية للمهاجرين وطالبي اللجوء.

وفي هذا السياق، أصبحت أوروبا تواجه مأزقاً ضخماً بين ما ترفعه من شعارات أخلاقية وبين سعي السياسيين إلى كسب أصوات اليمين المتطرف.

إذ إن السمة الرئيسية الغالبة على الجماعات والأحزاب المنضوية في إطار اليمين بشكل عام، سواء أكانت أحزاباً متطرفة تعمل في إطار عملية ديمقراطية أم أخرى معارضة لها، هي الخطاب الذي يتحدث باستمرار عن وجود تهديد عرقي أو ثقافي ضد مجموعة "أصلية" من قبل مجموعات تعتبر دخيلة على المجتمع، وعن ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية، ومن ثم تأتي معارضة اليمين المتطرف للهجرة.

وبعد مفاوضات استمرت يوماً كاملاً، الخميس 8 يونيو/حزيران، اتفق وزراء الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي على كيفية تقاسم المسؤولية عن الاعتناء بالمهاجرين واللاجئين، على أمل إنهاء سنوات من الانقسام الذي يعود إلى العام 2015 عندما وصل أكثر من مليون شخص، معظمهم فروا من الحرب في سوريا، إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

وخلال تلك السنوات، تمثلت المشكلة في مطالبة البلدان الواقعة على الحافة الجنوبية للاتحاد الأوروبي، ومنها إيطاليا واليونان، بمزيد من المساعدة حتى تستطيع التعامل مع من يصلون إلى شواطئها، بينما رفضت دول بشرق الاتحاد الأوروبي، مثل بولندا والمجر، استضافة أي شخص من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ذات الأغلبية المسلمة.

وتفاقمت الأزمة مع شحن الأحزاب اليمينية والشعبوية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، البالغ عدد أعضائه 27 دولة، الجدل بخطابها المناهض للهجرة.

وكانت رئيسة مجلس الاتحاد الأوروبي، السويدية ماريا مالمر ستينرغارد، قد علقت اجتماع الخميس ثلاث مرات، وتم تعديل نصوص الاتفاق عدة مرات بعد البيانات الرافضة من الوفود المختلفة فيما بينها على عدة نقاط.

وفي النهاية وافقت ألمانيا وإيطاليا على مشروع الإصلاحات، بينما رفضته بولندا والمجر، أي أن القرار لم يحظَ بالإجماع، إلا أنه حصل على أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، التي تمثل 65% على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي.

وترفض بولندا والمجر الامتثال لقواعد الهجرة المشتركة في الاتحاد الأوروبي، والتي تم إقرارها عام 2015.

ومع ذلك، يجادل العديد من النقاد بأن الاتفاق لم يُحرز إلا القليل من التقدم في إنشاء طرق آمنة وقانونية لطالبي اللجوء إلى أوروبا، مع التركيز كثيراً مؤخراً على تقييد طلبات اللجوء وتجريم أنشطة البحث والإنقاذ، ما يعني أن كارثة غرق مركب الصيد قد لا تكون الأخيرة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

هجرة البحر المتوسط وسط المتوسط هجرة غير شرعية أوروبا