استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حروب الوكالة.. استراتيجية جديدة للكبار

الاثنين 14 أغسطس 2023 03:23 ص

حروب الوكالة.. استراتيجية جديدة للكبار

عقلية دول الاستعمار في السيطرة والهيمنة لم تتغير، وإن تغيرت طرائق الوصول للهدف وأساليبه.

تظل أميركا والغرب مجرد وقود ومصدر للذخيرة والسلاح، في غياب للعقل والحكمة لدى الأنظمة المغلوب على أمرها.

تورط غربي في حرب أوكرانيا المفتعلة لحساب الهيمنة الأميركية، وتورط دول آسيوية بمواجهة مع الصين، لحساب المصالح الأمريكية.

عالم الكبار قد أفشل أو على الأقل اخترق التجمعات الإقليمية كلها، فباتت منقسمة مشرذمة في معظم الأحيان، لحساب مصالح ضيقة وآنية

استراتيجية أميركية غربية، جديدة في المواجهة تنطلق من الاعتماد على الغير أو الوكلاء في تحقيق الأهداف والأطماع وإن تطلب ذلك دعمًا ماديًا وعسكريًا كبيرًا.

إذا كان الغرب يتلاعب بدول العالم الثالث، فالقوة الأمريكية تتلاعب بالغرب لكونه يأتي في درجة ثانية، أو درجة أقل كثيرًا من الوجوه كلها، خاصة العدة والعتاد.

لا أحد في العالم يصدق أن أوروبا تسعى لنشر الديمقراطية في أفريقيا أو تساعد الأفارقة على التحرر فتفرض عقوبات على تلك الدولة، أو تتدخل عسكريًا في أخرى.

الوكلاء حاليا أوكرانيا وبولندا ولاتفيا في أوروبا وتايوان والفلبين وفيتنام في آسيا وإيكواس في إفريقيا وآخرين بالشرق الأوسط بشكل خاص، في ليبيا والسودان وسوريا.

* * *

من الواضح بعد الخسارة الأمريكية -ماديًا وبشريًا- في كل من العراق وأفغانستان، أصبحت هناك استراتيجية أمريكية-غربية، جديدة في المواجهة، تنطلق من الاعتماد على الغير أو الوكلاء، في تحقيق الأهداف والأطماع، حتى وإن تطلب ذلك دعمًا ماديًا وعسكريًا كبيرًا.

إلا أنه لن يصل أبدًا إلى حجم خسائر المواجهات المباشرة التي أصبحت كلفتها باهظة، مع تطور صناعة السلاح، خصوصًا ما يسمى الآن بحروب المسيّرات، برًا وبحرًا وجوًا، من مركبات وزوارق وطائرات.

إلا أن الوكلاء في هذه المرحلة، بدءًا من أوكرانيا وبولندا ولاتفيا في أوروبا، وتايوان والفلبين وفيتنام في آسيا، ومجموعة إيكواس في إفريقيا، وغيرهم آخرين في الشرق الأوسط بشكل خاص، في كل من ليبيا والسودان، إلى اليمن وسوريا.

وحتى العراق ولبنان، قد يكونوا بمثابة نواة تتسع معها الدائرة شيئًا فشيئًا في المستقبل مع تزايد حدة الصراعات، وتظل الولايات المتحدة والغرب بشكل عام مجرد وقود، ومصدر للذخيرة والسلاح، في غياب للعقل والحكمة لدى الأنظمة المغلوب على أمرها!

وهو ما يؤكد في الوقت نفسه أن عقلية دول الاستعمار في السيطرة والهيمنة لم تتغير، حتى وإن تغيرت طرائق الوصول للهدف وأساليبه.

التورط الغربي

الغريب في الأمر في هذه المرحلة، هو ذلك التورط الغربي في الحرب المفتعلة بين كل من روسيا وأوكرانيا، لحساب الهيمنة الأمريكية، على غرار تورط عدد من الدول الآسيوية في مواجهة متأرجحة مع الصين، أيضًا لحساب المصالح الأمريكية.

في حين تدير أوروبا، من خلال فرنسا، صراعًا في إفريقيا على الخطى نفسها، بما يشير إلى أن الكبار قد يتفاوتون أيضًا في المرتبة، بما أنهم ليسوا على درجة واحدة من القوة والنفوذ.

فإذا كان الغرب يتلاعب بدول العالم الثالث، فهناك القوة الأمريكية الأولى التي تتلاعب بالغرب لكونه يأتي في درجة ثانية، أو درجة أقل كثيرًا من الوجوه كلها، خاصة العدة والعتاد.

وفي الوقت الذي أرغم فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أوروبا، خصوصًا ألمانيا، على زيادة الإنفاق العسكري من خلال الناتو إلى الضعف، (2% من الناتج المحلي)، ارتفع الإنفاق العسكري الأوروبي إلى أرقام غير مسبوقة خلال العام الماضي بسبب حرب أوكرانيا، وصلت زيادته إلى 13% عما كان عليه في عام 2021.

في حين ارتفعت تكلفة استيراد الوقود بنسب كبيرة ومتفاوتة، بعد توقف الاستيراد من روسيا، رغم الامتعاض الشديدة في الشارع الأوروبي بشكل عام، والأحزاب السياسية بشكل خاص، وهو ما يؤكد حجم الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي، الذي يعاد صياغته وتصديره إلى القارة الإفريقية الأكثر ضعفًا وتوترًا.

ويبدو أن الغرب يأبى أن يظل هو وحده بقعة الصراع الأكثر سخونة في العالم الآن، راح يؤجج لصراع كبير في غرب القارة السمراء، على أراضي النيجر هذه المرة، وبأيدٍ ودماء إفريقية أيضًا، وقد يمتد إلى كل من مالي وبوركينا فاسو، غير مكتفٍ بما يجري في السودان الشقيق من مأساة لا يبدو في الأفق وضع حد قريب لها.

خاصة إذا علمنا أن اعتماد الغرب على ثروات إفريقيا يأتي في دائرة أولوياته، بدءًا من ذهب غينيا، وأخشاب الكونغو، مرورًا بنفط الجابون ونيجيريا، وحتى ألماس الكونغو وأنجولا، وكاكاو ساحل العاج، وحديد موريتانيا، بل وصل الأمر إلى المواهب الإفريقية الرياضية وغيرها، التي أصبحت تمثل أوروبا بكثافة في البطولات الدولية.

موقف المتفرج

وفي الوقت الذي لا تكل فيه الإدارة الأمريكية من تغذية الصراع في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، رفعت كل من فيتنام والفلبين حدة التحرش بالصين، ناهيك من الأزمة المشتعلة طوال الوقت مع تايوان، ذلك أن حجم التجارة الخارجية الصينية أصبح مصدر إزعاج للأمريكيين، بعد أن حقق في شهر واحد فائضًا تجاريًا بلغ 39 مليار دولار، بالتزامن مع ارتفاع كبير في حجم الميزانية العسكرية التي بلغت في 2023 نحو 224 مليار دولار.

في الأحوال كلها وفي المواجهات جميعها، سوف نجد القوات الأمريكية وقوات الناتو في موقف المتفرج فقط، في ضوء الاستراتيجية الجديدة لهذه وتلك، إلا أن مصانع السلاح هنا وهناك لن تتوقف أبدًا، سوف تعمل بكل طاقتها، بالتزامن مع نزيف دم لشعوب دول المواجهة، واقتصاد تئن منه دول العالم كافة، دون أدنى إعمال للضمير والأخلاق أو العقل والمنطق، حتى وإن تعلق الأمر بنقص القمح والغذاء بشكل عام أو ارتفاع أسعارهما في الدول الفقيرة، أو تعلق الأمر بنقص الوقود والسلع وارتفاع أسعارهما في دول أوروبا نفسها.

وبنظرة واقعية، لا يمكن لأحد في العالم تصديق أن أوروبا تسعى إلى نشر الديمقراطية في إفريقيا، أو تساعد الأفارقة على التحرر، مما يجعلها تفرض عقوبات على تلك الدولة، أو تتدخل عسكريًا في أخرى.

كما لن يقتنع أحد في العالم أن أميركا تؤمن بحق مواطني أوكرانيا وتايوان في تقرير مصيرهم، أو حقوق كل من فيتنام والفلبين في جزر بحر الصين، أو حتى تطلعات شعبي العراق وأفغانستان إلى الحرية والديمقراطية، إلا أنها أخطاء مشتركة للشعوب والحكومات التي لا تعتبر أبدًا من أحداث التاريخ.

ثمة تجمعات إقليمية وعديد من المنظمات في القارات المختلفة، على غرار منظمة الوحدة الإفريقية، أو جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، أو الآسيان، أو التجمع الأفرو آسيوي، وغيرها، التي استهدف إنشاؤها في الأساس، وحدة القرار وتصويبه والتكامل اقتصاديًا وسياسيًا.

إلا أنه بدا واضحًا أن عالم الكبار قد أفشل أو على الأقل اخترق هذه التجمعات كلها، التي باتت منقسمة مشرذمة في معظم الأحيان، لحساب مصالح ضيقة وآنية، بما يعني أن المستقبل ينذر بمزيد من المواجهات والنزيف الاقتصادي والبشري في صفوف الصغار، في الوقت الذي تزخر فيه مقاعد الكبار بالمشاهدة والتصفيق.

*عبد الناصر سلامة رئيس تحرير "الأهرام" المصرية سابقاً

المصدر | الجزيرة مباشر

  كلمات مفتاحية

الاستعمار أميركا الغرب أفريقيا الديمقراطية فرنسا حروب الوكالة العالم الثالث استراتيجية أميركية غربية