وساطة السلام بحرب أوكرانيا.. هكذا عزز بن سلمان المكانة الدولية للسعودية

الأربعاء 16 أغسطس 2023 08:48 م

سلط مدير "مؤسسة دراسات دول الخليج"، جورجيو كافيرو، الضوء على جهود السعودية لتسوية النزاع في أوكرانيا، بعد استضافة المملكة قمة دولية في جدة لدفع الجهود الرامية إلى استعادة السلام، مشيرا إلى أن "القمة لم تسفر عن شيء ملموس، إلا أن المحادثات في جدة أوجدت مكانًا لمزيد من الحوار بشأن وحدة أراضي أوكرانيا".

وذكر كافيرو، في تحليل نشره بموقع "العربي الجديد" وترجمه "الخليج الجديد"، أن كييف وصفت القمة بأنها "مثمرة" من حيث تحريك الحرب نحو تسوية سلمية، وأشادت وداعموها الغربيون بالمحادثات باعتبارها مهمة من زاوية الحصول على المزيد من الدعم العالمي للمبادئ التي وضعتها القيادة الأوكرانية كأساس لإنهاء الحرب، بما في ذلك الانسحاب الكامل لجميع القوات العسكرية الروسية من كل أرض داخل أوكرانيا.

وأضاف أن المسؤولين الروس رفضوا الاجتماع في جدة باعتباره محاولة فاشلة لتحويل الجنوب العالمي نحو تأييد مطالب أوكرانيا، غير أن استضافة السعودية لهذه المحادثات أضافت إلى "قدرة الرياض على ممارسة نفوذ أكبر كلاعب دبلوماسي".

ويرى كافيرو أن محادثات جدة كانت أحدث مثال على السياسة الخارجية المتوازنة للسعودية في مواجهة حرب أوكرانيا، والتي مكّنت المملكة من لعب دور دبلوماسي خاص فيما يتعلق بالصراع، مشيرا إلى أن علاقات الرياض الإيجابية مع أوكرانيا وداعميها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من جانب، وروسيا، من جانب آخر، ساعد السعوديين على التوسط، في سبتمبر/أيلول 2022، بتبادل الأسرى الروسي الأوكراني.

ومنذ أن بدأ صعود ولي العهد السعودي، رئيس الوزراء، محمد بن سلمان، كانت السعودية منشغلة في السعي للحصول على اعتراف عالمي بمكانة الرياض كلاعب رئيسي على الساحة الدولية، ولذا كانت مشاركة 42 دولة في محادثات جدة، بما في ذلك الصين والهند الصديقة لروسيا، أمرًا مهمًا بالنسبة للرياض.

وفي السياق، ينقل كافيرو عن ياسمين فاروق، الزميلة غير المقيمة في معهد بيكر، قولها: "الرسالة هي: المملكة العربية السعودية ليست دولة سياج أو دولة متأرجحة كما يسميها بعض الخبراء والصحفيين الغربيين. إنها لاعب عالمي في حد ذاته، يصوغ ويتبع سياساته الخاصة".

وأضافت: "المملكة العربية السعودية تتبع مصلحتها الوطنية. قال فاروق: "يجب أن نتوقع أن تستمر في ذلك".

فيما قالت كارولين روز، الباحثة بمعهد نيو لاينز: "إن حقيقة أن السعودية كانت قادرة على عقد اجتماعات أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية كانت انعكاسًا مباشرًا لحملتها الأوسع لتنويع العلاقات ووضع نفسها كلاعب دبلوماسي رئيسي وداعي على المسرح الدولي"

وفي الوقت الذي تعزز فيه السعودية أوراق اعتمادها كصانع سلام له دور محوري متزايد في الشؤون العالمية، يثبت بن سلمان أن بلاده ليست دولة "منبوذة" كما أكد جو بايدن إبان ترشحه للرئاسة الأمريكية في عام 2019.

واستندت قمة جدة هذا الشهر إلى حدثين آخرين عُقدا في مايو/أيار، هما: محادثات السلام في السودان، وقمة جامعة الدول العربية التي حضرها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والذي اغتنم هذه الفرصة لإيصال رسالة كييف إلى جمهور عربي وإسلامي كبير.

تداعيات أوسع

ومن المحتمل أن تكون رمزية هذا الحدث الذي استضافته السعودية أكثر أهمية من أي شيء آخر، حسبما يرى كافيرو، موضحا: "بالنظر إلى سعي المملكة لوضع نفسها كوسيط والاستفادة من قوتها كوسيلة لتحقيق التوازن في مسارات التفاوض، لا أرى الرياض تتخذ موقفًا جريئًا بشأن أوكرانيا من خلال خطة تسوية مقترحة. بل ستسعى، بدلاً من ذلك، إلى الحفاظ على الزخم الدبلوماسي، على الرغم من أنه قد لا يحقق نتائج حقيقية أو ملموسة".

وينقل كافيرو عن الباحث المشارك في جامعة قطر، نيكولاي كوزانوف، قوله: "لا أعتقد أن هذه المؤتمرات ستغير قواعد اللعبة. ولا أرى أن أوكرانيا أو روسيا مستعدة للمفاوضات أو لتجميد الصراع. فلكل جانب أهدافه الخاصة".

وأضاف أن عقد هذا المنتدى في السعودية هو على الأرجح رمز للدعم الدولي للقضية الأوكرانية ضد العدوان الروسي، وهي "رمزية يحتمل أن تكون أكثر أهمية من أي شيء آخر"، حسب قوله.

العلاقات السعودية الروسية

ورغم أن محادثات جدة تدعم نضال أوكرانيا، إلا أن هذه الحقيقة لا ينبغي بالضرورة أن يكون لها تأثير سلبي على العلاقات بين الرياض وموسكو، بحسب كافيرو، مشيرا إلى أن الكرملين يدرك أن الرياض تحاول أن تلعب دورًا متوازنًا.

ومع ذلك، فإن مشاركة الصين الملحوظة كانت "أسوأ جانب في هذه المحادثات من وجهة نظر روسيا"، بحسب كافيرو، موضحا أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى جهود موسكو لتصوير العلاقات الصينية الروسية على أنها قوية للغاية، بينما بعث حضور الصين لقمة جدة برسالة في الاتجاه المعاكس.

وتابع: "بالطبع ترى موسكو مثل هذه المؤتمرات معادية لروسيا، ويُنظر إلى هذه المشاركة من قبل الصينيين في هذا الحدث على أنها ضربة خطيرة لهذه الصورة الخاصة بالتحالف بين موسكو وبكين، والتي كانت الدعاية الروسية تبنيها منذ فترة طويلة".

الدور الدبلوماسي السعودي

ويخلص كافيرو إلى أن استضافة السعودية لمحادثات جدة كانت مهمة من زاوية قدرة الرياض على إظهار نفوذ أكبر كلاعب دبلوماسي، إذ ترفض الرياض الانضمام إلى كتلة جيوسياسية ضد أخرى بينما توازن المملكة نفسها بين الناتو والصين وروسيا وتحافظ أيضًا على علاقات إيجابية مع حكومة زيلينسكي.

ومع استمرار حرب أوكرانيا دون نهاية في الأفق، من المحتمل أن تواصل المملكة إشراك جميع الأطراف ذات المصالح المتباينة من أجل تعزيز الحوار حول حل النزاع.

ومن شأن نجاح الرياض على هذا الصعيد أن يعزز سمعة السعودية المتنامية كلاعب مسؤول على الساحة العالمية يستخدم نفوذه لمساعدة المجتمع الدولي على معالجة أخطر التهديدات للأمن العالمي.

المصدر | جورجيو كافيرو/العربي الجديد - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا أوكرانيا الحرب الأوكرانية

لسبب واحد.. الوساطة بين روسيا وأوكرانيا تحدٍ هائل للسعودية

ذا تليجراف: 3 أسباب حولت محمد بن سلمان من أمير منبوذ إلى مركز العالم