هل تزيد التعزيزات العسكرية الأمريكية التوترات في المنطقة؟

الخميس 17 أغسطس 2023 08:50 م

على الرغم من أن تهدئة التوتر الإقليمي أحد أهداف إرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى المنطقة، إلا أن هناك فرصا كبيرة أن يتسبب بزيادة التوتر، رغم التوقعات بتراجع العمليات الإيرانية ضد السفن، وأن تتجنب طهران القيام بأي استفزازات مباشرة.

هكذا يخلص تقدير موقف لمركز "أبعاد" للدراسات والبحوث ، متوقعا ألا يكون للخطوة الأمريكية نتائج فورية أو أن تنعكس على نحو مباشر على استقرار المنطقة سلباً أو إيجاباً.

وقبل أيام، أعلن الأسطول الأمريكي الخامس في البحرية الأمريكية، عن وصول أكثر من 3000 جندي أمريكي إلى البحر الأحمر في على متن السفينتين الحربيتين "يو إس إس باتان"، و"يو إس إس كارتر هول".

ويأتي وصول هذه القوات في سياق نشط سبق الإعلان عنه لتعزيز الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

ففي أواخر مارس/آذار، قامت الولايات المتحدة بإرسال طائرات عسكرية إلى المنطقة، وفي يوليو/تموز أعلنت عن قرار نشر قوات إضافية، بما في ذلك الآلاف من مشاة البحرية (المارينز) ومقاتلات (إف-35) و(إف-16)، بالإضافة إلى المدمرة "يو إس إس توماس هاندر".

ووفقاً للمسؤولين العسكريين الأمريكيين، فمن المخطط أن يكون لهذه القوات الإضافية تواجد دائم في المنطقة.

ومع أن من غير الواضح أين ستتمركز القوات الأمريكية الجديدة على نحو الدقة إلا أن منطقة عمليات الأسطول الخامس تشمل المياه الدولية امتداداً من مضيق هرمز وبحر عمان إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، بالإضافة إلى أجزاء من المحيط الهندي.

وسبق ووصلت تعزيزات عسكرية إلى القواعد الأمريكية شرقي سوريا، وأجرت القوات الأمريكية هناك مناورات عسكرية شاركت فيها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وجيش سوريا الحرة.

ومن المخطط أن تجري القوات الأمريكية في الأيام القليلة المقبلة تدريبات عسكرية وعمليات ميدانية أخرى مع شركاء في المنطقة.

ووفق تقدير "أبعاد"، فإن هذه التحركات ترتبط ببعض التطورات التي شهدتها المنطقة والعالم، وبالذات بالتقارب السعودي الإيراني الذي تم برعاية صينية والحرب في أوكرانيا، وبالتحولات في ديناميات علاقة دول المنطقة بالقوى العظمى، بما في ذلك التغير الذي لحق بعض حقائق السياسة الخاصة بعلاقات هذه الدول بالولايات المتحدة خصوصاً وبالغرب عموماً، والتي بدت طوال العقود الماضية راسخة.

وكشف التقارب السعودي الإيراني بالذات عن تنامي نفوذ الصين وتوسع أدوارها، وهو تطوركشفت عن ضعف النهج الأمريكي القائم تجاه المنطقة، ووضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في موقف حرج، وسببت له ضغوطا داخلية، تطالبه بمراجعة السياسات القائمة.

ويشير تقدير الموقف، إلى أن إرسال قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة "ليس نتيجة خالصة لمثل هذا التطورات فقط، فقد كشفت النتائج المتواضعة للدبلوماسية الأمريكية، عن الحاجة لأدوات إضافية تعزز فرص نجاح الجهود والتحركات السياسية الناعمة في مختلف ملفات المنطقة".

ويضيف: "هذا ما يربط التحركات العسكرية الأمريكية ويجعلها تأتي متفقة مع مبدأ الردع الذي أعلنت إدارة بايدن تبنيه كأحد مبادئ سياستها تجاه المنطقة".

ويحدد تقدير الموقف 4 أهداف أمريكية رئيسية وراء هذه التعزيزات، أبرزها وأولها هو تعزيز المكانة والأدوار، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى احتفاظها بكونها الفاعل الأمني الأبرز في المنطقة، وهي بحاجة إلى إثبات أنها مازالت اللاعب الدولي الأهم والقوة الأكثر حضوراً وتأثيراً في المنطقة.

وبقدر حاجتها لتأكيد هذه المكانة واستثمارها، يشير ما يصدر عن المسؤولين الأمريكيين إلى أن واشنطن تعمل على تعزيز حضورها وتطوير قدراتها العسكري في المنطقة.

وحاجة كهذه تؤكد عليها حقيقة أن الأمن سيظل مسألة محورية في علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة بما في ذلك بحلفائها الخليجيين والإسرائيليين.

أما ثاني الأهداف الأمريكية، فهو تصحيح العلاقة بالحلفاء، خاصة بعدما كشف التقارب السعودي الإيراني والطريقة التي تعاملت بها دول الخليج مع الحرب في أوكرانيا، من إشكالات تعاني منها علاقة الولايات المتحدة بحلفائها في المنطقة.

ويشير تقدير الموقف إلى أن "إدارة بايدين ترغب في لعب دور أهم في المنطقة، وتحقيق انتصار كبير في السياسة الخارجية، يدعم موقفها في الانتخابات الرئاسية المقبل، وتعمل في هذا الاتجاه لعقد صفقة واسعة مع السعودية تقول التسريبات إنها قد تتضمن تفاهمات أمنية تضمن الدفاع عن السعودية، بالإضافة إلى تطبيع العلاقة بين الأخيرة وإسرائيل".

أما الهدف الثالث، فيخلص إلى ردع الأنشطة الإيرانية، وحماية التدفق الحر للتجارة الدولية، خاصة بعدما احتجزت أو حاولت طهران السيطرة على حوالي 20 سفينة خلال العامين الماضيين.

كما أن الولايات المتحدة، تسعى إلى بناء تنسيق عسكري أكبر ضد إيران.

وتسعى الولايات المتحدة عبر هدفها الرابع من تعزيز قواتها ف يالمنطقة، إلى احتواء نفوذ القوى المنافسة، خاصة الصين التي تتوسع وتتعمق شراكاتها مع دول المنطقة.

وبالإضافة إلى محاولة لتقليل فرص توسع النفوذ والأدوار العسكرية الصينية، تتقصد الولايات المتحدة من خلال تعزيز حضورها العسكري في المنطقة وإبراز قدراتها المتميزة محاصرة الأدوار السياسية الصينية، فمن شأنه-مثلاً- أن يجعل تعاون دول المنطقة مع الصين أقل جاذبية، وذلك بما يبرزه من قدرات متواضعة للصين ولقوى أخرى منافسة كروسيا.

ويقول تقدير الموقف، إن "تكريس السيطرة على أحدى أهم مناطق إنتاج الطاقة في العالم بإرسال مزيد من القوات إليها، يضيف أو يؤكد على ميزة في سياق التنافس مع القوى الدولية خصوصا الصين، ففي سيطرة كهذه تهديد للأخيرة التي يأتي جزء كبير من إمداداتها النفطية من الشرق الأوسط".

ويضيف: "يفترض أن ينعكس وضع كهذا في ضبط طموحاتها ولو نسبياً، بما في ذلك تعاونها العسكري مع روسيا التي شاركت معها مؤخراً في تدريبات بحرية وجوية واسعة في بحر اليابان وهي التدريبات التي أثارت قلق واشنطن خصوصاً في ضوء التوتر الحاصل بين الطرفين حول قضية تايوان".

وعن تداعيات التعزيزات الأمريكية، يشير تقدير الموقف إلى زيادة التواجد العسكري الأمريكي يثير مخاوف إيران، خصوصاً بفعل هواجس شن هجوم عليها أو على منشآتها النووية، ما سيجعلها على أهبة الاستعداد ويدها على الزناد.

كما أن الشكوك التي تثيرها هذه التحركات لدى إيران حول وجود تعاون وتنسيق بين دول الخليج والولايات المتحدة ستنعكس بالسلب على التقارب مع هذه الدول وفي إضعاف وتيرته، وبما يرفع من حظوظ عودة التوتر إلى العلاقة بينهما، خصوصاً أن هناك من القضايا والخلافات والمواقف المسبقة التي تحفز على عودة هذا التوتر، كالخلاف حول حقل الدرة، والمناورات الإيرانية الأخيرة التي انطلقت من جزيرة أبو موسى.

وحول انعكاس هذه التعزيزات على الملف اليمني، يلفت تقدير الموقف إلى أنه "على الرغم من الافتراض الذي يرى أن التحركات العسكرية الأمريكية ستسهم من خلال ما تشكله من ضغوط على إيران والجماعة الحوثية في دفع مسار السلام باتجاه وقف الصراع، إلا أن الأمر قد ينتهي بنتيجة معكوسة على أساس أن هذه التحركات العسكرية ستجعل إيران أكثر تحفظاً وتمسكاً بالأسباب التي يفترض أنها تقف وراء تريثها وعدم استعجالها في حلحلة الملف اليمني وجعلتها حريصة على بقاء الأمور مراوحة حتى تتضح الرؤية حول ملفات أخرى، كالملف النووي".

ومع أن القوات الأمريكية متواجدة مسبقاً في البحار والممرات المائية حول اليمن ضمن تحالف القوات المشتركة، إلا أن الجماعة بدت أكثر استنفاراً.

ويضيف تقدير الموقف: "إن استخدام إيران للجماعة الحوثية وللملف اليمني لمقاومة التحركات الأمريكية له مؤشراته حتى اللحظة، ويظهر في المواقف التصعيدية الأخيرة للجماعة وفي عودة زعيم "حزب الله" اللبناني للحديث عن الأزمة اليمنية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أمريكا إيران الخليج تعزيزات أمريكية قوات عسكرية الصين روسيا