لهذه الأسباب.. لا حلول سريعة لأزمة الكبتاجون في المنطقة

الأحد 27 أغسطس 2023 06:00 م

 تم ضبط أكثر من مليار حبة من مخدرات الكبتاجون، التي تعتمد على الأمفيتامين، في الدول العربية الآسيوية بين عامي 2019 و2022، وهو ما يكفي لتغطية 6 ملاعب كرة قدم.

يتناول كرم شعار بمقاله في "أتلانتك كاونسل"، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، التأثيرات الأمنية والصحية والجيوسياسية لانتشار الكبتاجون، الذي دفع العديد من البلدان حول العالم إلى التحرك.

وتعمل البلدان المستهلكة وبلدان العبور في المنطقة على تعزيز قدرتها على الحظر والتلاعب بفكرة تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد في سوريا، الذي يسيطر على المناطق التي ينبع منها معظم الكبتاجون.

ويضيف المقال أن إدارة جو بايدن أعلنت عن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لمكافحة الكبتاجون وفرض عقوبات مشتركة مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على الجهات الفاعلة السورية واللبنانية المشاركة في هذه الصناعة، بالإضافة إلى إدراج الكبتاجون في التحالف العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة للتصدي للمخدرات الاصطناعية.

ومع ذلك، يرى المقال أن التأثير الإجمالي لهذه التدابير على توافر الكبتاجون سيكون محدودا.

الحلول الجزئية غير مجدية

كانت أغلب التصريحات حول مكافحة تدفق المخدرات تأتي من الدول الغربية التي تعارض نظام الأسد بشدة. وهذا أمر مفهوم؛ لأن النظام يرعى هذه الصناعة ويستفيد منها. وأكثر من 70% من مضبوطات المخدرات التي تم تحديدها جاءت من المناطق الخاضعة لسيطرته.

لكن لم يتم اتخاذ إجراءات تذكر باستثناء فرض عقوبات على الأفراد والكيانات المعروفة بإنتاج وتهريب المخدرات.

ووفقا للمقال، تشير مثل هذه العقوبات إلى موقف الغرب المبدئي بشأن هذه القضية وتسلط الضوء على الحاجة إلى المساءلة، ومع ذلك، فإن العقوبات ليس لها سوى تأثير هامشي على أرض الواقع؛ ومن غير المرجح أن يغير زعماء العصابات الإجراميون سلوكهم بالمعاقبة وحدها. ولا يرجح المقال أيضاً أن يكون للاستراتيجية الأمريكية المشتركة بين الوكالات تأثير ملموس.

ويبدو أن الدول المستهلكة الرئيسية في الخليج –السعودية والإمارات– تظهر عدم اهتمامها بالعمل مع الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى بشأن هذه القضية. وعلى هذا فإن الاستراتيجية المشتركة بين الوكالات تعطي حكومة واشنطن الأدوات اللازمة للتدخل، ولكنها لا تملك أي قوة في الدول المنتجة أو المستهلكة.

وعلى النقيض من استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة المخدرات، التي تركز على "تعطيل شبكات الكبتاجون غير المشروعة المرتبطة بنظام الأسد وإضعافها وتفكيكها"، فإن البلدان المستهلكة وبلدان العبور في المنطقة ترغب في اتخاذ موقف أقل مواجهة في التعامل مع النظام.

ويعتقدون أن بإمكانهم جذب الأسد إلى تعطيل الصناعة باستخدام الحزم المالية والاعتراف الدبلوماسي بعد سنوات من معاملتهم لبلاده كدولة منبوذة. ويرى الكاتب أن هذا أيضا لن يحل المشكلة - حتى لو وافق الأسد على الحظر في مناطق سيطرته.

ويشير المقال إلى أن الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، بما في ذلك حزب الله وقوات الحشد الشعبي العراقية، تعرف كيفية إنتاج الكبتاجون وقد قامت بتزويد النظام به، وإن كان بكميات أقل. كما كانت هناك أيضًا إمدادات ضئيلة من المخدرات قادمة من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، وللمرة الأولى، من العراق.

ومع ثبات الطلب في الأسواق الاستهلاكية في الخليج، فإن ضغط العرض خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا لن يؤدي إلا إلى دفعه إلى مناطق سورية أخرى أو إلى دول مجاورة، وأبرزها لبنان والعراق.

وتُعرف هذه الظاهرة الراسخة المتمثلة في الحد من إمدادات المخدرات في بلد ما ثم ظهور الموردين في بلد آخر؛ باسم "تأثير البالون".

ويعتقد الكاتب أنه مع انتشار مرافق إنتاج الكبتاجون المؤقتة على الحدود بين سوريا ولبنان، يستطيع المنتجون نقل مجموعة أدوات الإنتاج الخاصة بهم عبر الحدود غير الموجودة فعليًا بين عشية وضحاها.

وعلى المنوال نفسه، يمكن أن ينتقل الإنتاج المزدهر في شرق سوريا إلى العراق، حيث تشارك قوات الحشد الشعبي وغيرها من الجهات الفاعلة المدعومة من إيران بشكل كبير في هذا القطاع وتسيطر على أجزاء كبيرة من الحدود بين البلدين. ويعتقد الكاتب أنه بالنسبة لهذه الأزمة المتعددة الجوانب، سيكون للحلول الجزئية تأثيرات جزئية.

الحلول القصيرة الأمد لن تنجح أيضاً

ويقول الكاتب أيضا إن التركيز على العقوبات الآن لقمع الطلب على المخدرات لن يجدي نفعاً، لا في الشرق الأوسط ولا في أي مكان آخر؛ حيث يظل تعاطي المخدرات جريمة جنائية. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يؤدي الإبلاغ عن مدمن مراهق إلى السلطات إلى دخوله السجن لمدة تصل لـ3 أشهر.

ولهذا فإن عقوبة السجن لا تضر برفاهية المراهق ولا تميل إلى زيادة احتمال ارتكاب جرائم في المستقبل فحسب، بل إنها تعيق أيضاً تبادل المعلومات والبلاغات لأن المخاطر كبيرة للغاية.

ومع محدودية مصادر الإيرادات البديلة لكثير من الناس في بلاد الشام وبعض الفوضى في المنطقة، فإن تقييد إمدادات المخدرات على المدى القريب هو أمر أقرب إلى المستحيل.

كما أن تصعيد الرد الأمني على الموزعين في الأسواق الاستهلاكية أو تبني سياسة إطلاق النار بقصد القتل على الحدود السورية الأردنية قد يزيد من المخاطر التي يواجهها المتاجرون. ومع ذلك، سيكون له تأثير ضئيل على الشباب الذين يتطلعون إلى الحصول على الحبوب التي يبحثون عنها.

في نهاية المطاف، إذا لم تكن هناك حبوب للاستهلاك، فلا بد أن يتوقف الطلب، لكن في الممارسة العملية، نادراً ما تسير الأمور على هذا النحو. وطالما أن الطلب يزدهر، فإن العرض سوف يجد وسيلة (إذا تم وقف الكبتاجون بطريقة أو بأخرى، سيكون هناك عقار آخر ينتظر في الهوامش).

ويرى الكاتب أنه من أجل التوصل إلى حل مستدام للأزمة، يتعين على الأسواق الاستهلاكية أن تركز المزيد من طاقتها على خفض الطلب من خلال التعليم، ورفع الوعي، ومعالجة الدوافع الاجتماعية والاقتصادية الأساسية للاستهلاك، وهذه هي المساعي طويلة الأجل.

كما يرى أن الحلول يجب أن تكون ذكية، وحتى الحلول الشاملة وطويلة الأمد قد لا تكون كافية إذا لم تكن ذكية. وينتظر معظم المراقبين في المنطقة بفارغ الصبر رؤية الخطوة التالية للأسد؛ فهل يقبل عروض إعادة التأهيل السياسي والدعم الاقتصادي المحدودة مقابل وقف تدفق المخدرات؟، أم أنه سيستمر في رعاية الصناعة والتخلي عن تحسين العلاقات مع دول الخليج؟.

وفقا للمقال، يشير تاريخ الأسد إلى أنه سيهدف إلى تحقيق الأمرين معًا: إعطاء الانطباع بمحاولة قمع الصناعة للحصول على فوائد من دول الخليج مع الاستمرار في رعاية التجارة.

وبالنظر إلى تاريخه، فإن الافتراض بأن الأسد سوف يتخذ إجراءات صارمة ضد الصناعة مقابل الدعم الاقتصادي المشروط والاعتراف السياسي هو افتراض مضلل.

وفي أعقاب غزو العراق عام 2003، ساعد الأسد في تحويل الوضع إلى مستنقع للولايات المتحدة وحلفائها، كل ذلك في حين ادعى أن عبور المقاتلين الأجانب لجارته كان ببساطة بسبب الحدود التي يصعب اختراقها. حتى أنه قارن ذلك بالصعوبة التي تواجهها أمريكا في محاولتها السيطرة على تدفق المهاجرين من المكسيك.

ويوضح المقال أنه لا توجد سياسة مقاومة مضمونة، ولكن بعضها أكثر ذكاءً من غيرها. إذا كان مقياس النجاح هو تقليل عدد المدمنين في الشوارع، فإن اعتقال أي شخص يبدو وكأنه مدمن قد يبدو سياسة مناسبة؛ وتُستخدم مثل هذه الإجراءات حاليًا في الفلبين والسلفادور. ومع ذلك، فإن السياسات غير العادلة والمتطرفة تؤدي في نهاية المطاف إلى ضرر أكثر من نفعها.

ولكن لنفترض أن مقياس النجاح يتلخص في القضاء على الطلب على المخدرات، بحيث يصبح توفيرها من سوريا أو أي مكان آخر غير مربح؟، وفي هذه الحالة، ينبغي للسياسات أن تتطلع إلى الأمام وبشكل أعمق في أسباب الطلب بالمقام الأول. ولهذا يختم الكاتب المقال بقوله: "أصلحوا الأسباب، والباقي سيكون تحصيل حاصل".

المصدر | كرم شعار/ أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشرق الأوسط الكبتاجون سوريا الخليج التطبيع مع الأسد نظام الأسد